جون أفريك- عدم إنقاذ روسيا بشار الأسد يبعث برسالة سيئة لحلفاء بوتين في إفريقيا
شارك هذا الخبر
Sunday, December 15, 2024
في مقال تحت عنوان “روسيا وإفريقيا.. تداعيات سقوط الأسد على القارة”، قالت مجلة “جون أفريك” الفرنسية إن روسيا فلاديمير بوتين، الداعم الرئيسي للرئيس السوري المخلوع الفار بشار الأسد، قد تخسر مع سقوطه قاعدتين عسكريتين مهمتين، بحرية وجوية، في سوريا، كانتا سمحتا لها بالتمدد نحو أفريقيا، ولا سيما تجاه حلفائها في منطقة الساحل.
وأضافت المجلة الفرنسية القول إنه في غضون أيام قليلة، فقد فلاديمير بوتين أحد حلفائه الرئيسيين، أي بشار الأسد، الذي دعمته روسيا عسكرياً وسياسياً لعدة سنوات.. سقط أخيراً تحت ضربات الهجوم الخاطف للتحالف الذي تقوده مجموعة هيئة تحرير الشام التابعة لأحمد الشرع. وفر الرئيس السوري السابق إلى روسيا التي تقول إنها منحته حق اللجوء.
منذ هذا الحدث الدراماتيكي الذي وقع ليلة 7 إلى 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بذلت موسكو قصارى جهدها لإدارة العواقب. ووفقاً لعدد من المراقبين الروس، اتصل الكرملين بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي تعد بلاده أحد الداعمين الرئيسيين لتحالف “المتمردين”، الذي يتولى المسؤولية الآن في دمشق، تتابع “جون أفريك”.
فبعد إعلانها عن ترحيبها ببشار الأسد “لأسباب إنسانية”، أعلنت روسيا أنها تؤيد الحل السياسي في سوريا، في محاولة للظهور كمحاور ذي مصداقية “للمتمردين” الذين استولوا على السلطة. فمن الصعب حالياً تحديد معالم المرحلة الانتقالية المستقبلية التي يتعين إجراؤها في سوريا، تقول المجلة الفرنسية.
كان أحمد الشرع، رئيس هيئة تحرير الشام، يقاتل في صفوف تنظيم الدولة (داعش)، تحت اسم أبو محمد الجولاني، عندما كان التنظيم ما يزال مجرد فرع لتنظيم القاعدة في العراق. أرسله أبو بكر البغدادي إلى سوريا، وأسس جبهة النصرة هناك، ثم انفصل عن الخليفة المستقبلي لتنظيم الدولة في عام 2013. وفي السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قد وضعت ثمناً لرأسه، إلا أنه ابتعد تدريجياً عن التطرف الإسلاموي، توضّح “جون أفريك”.
هل يوافق أحمد الشرع على الحوار مع روسيا؟ وكالة أنباء روسية، نقلت عن مصدر قوله إن موسكو حصلت من حكام سوريا الجدد على ضمانة لأمن قواعدها العسكرية وممثلياتها الدبلوماسية في سوريا. لكن على الأرض، تم الإبلاغ عن تحركات للقوات والمعدات حول الممتلكات الروسية، وهي قاعدة حميميم الجوية في منطقة اللاذقية، وقاعدة طرطوس البحرية، تُشير المجلة الفرنسية، مضيفةً أنه من الممكن أن تتخلى روسيا عن هاتين القاعدتين إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع أحمد الشرع.
تم استخدام هاتين القاعدتين، في السنوات الأخيرة، من قبل الجيش الروسي ووكلائه- فاغنر وفيلق أفريقيا- في إطار نقل المعدات والقوات إلى أفريقيا، وخاصة ليبيا ومنطقة الساحل. وكان للباليه الجوي هذه أهمية خاصة بين المطارات الروسية (لا سيما مطار تشكالوفسكي بالقرب من موسكو) وسوريا ومالي وبوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى، تؤكد “جون أفريك”.
الجيش الروسي باتجاه بنغازي وطبرق وكانت طائرات أنتونوف وإليوشين وتوبوليف تتنقل بانتظام بين حميميم وبنغازي وباماكو وواغادوغو وبانغي، في دائرة تسليم لحلفاء موسكو الأفارقة. وهذا النظام هو الذي يمكن أن يكون مهدداً باختفاء النفوذ الروسي في سوريا، وفق المجلة الفرنسية، موضّحة في الوقت نفسه أنه ما يزال من السابق لأوانه قياس التأثيرات المترتبة على التخلي المحتمل عن قاعدتي حميميم وطرطوس ــ والتي تعتمد أيضاً على قوى أخرى، مثل الولايات المتحدة، التي لا يمكن التنبؤ بمواقفها منذ إعادة انتخاب دونالد ترامب، وكذلك على تركيا.
ومع ذلك- تتابع “جون أفريك”- قد تكون العواقب قوية بشكل خاص في ليبيا، حيث وقفت روسيا ومجموعة فاغنر إلى جانب المشير خليفة حفتر، الرجل القوي من شرق البلاد، لسنوات. وقد يبدو ميناء طبرق كحل احتياطي، وكذلك مطار بنغازي. ويقول أحد الخبراء من مجموعة فاغنر: “يمكن لموسكو ببساطة أن تحول قدرتها على الإسقاط نحو أفريقيا، من سوريا إلى ليبيا، من خلال الاعتماد على تحالفها مع حفتر”. كما زاد نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك إيفكوروف من زياراته إلى ليبيا في عامي 2023 و2024.
وتمت مناقشة بناء القواعد الروسية، بما في ذلك ميناء المياه العميقة، مع المشير حفتر. ومنذ ذلك الحين، تمكنت موسكو من الحفاظ على منشأة بحرية في البحر الأبيض المتوسط، مع الحفاظ، مع بنغازي، على قدرات الدعم اللوجستي الجوي المقدمة لحلفائها الأفارقة.
بورتسودان، البديل الآخر المأمول وفي الوقت نفسه، – تضيف “جون أفريك”- تفكر روسيا أيضًا في قاعدة أخرى في المياه العميقة، والتي كانت محل اهتمامها منذ عدة سنوات: بورتسودان، على شواطئ البحر الأحمر. وبحسب ما ورد تم التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن في الأشهر الأخيرة مع الجنرال السوداني عبد الفتاح البرهان، المنخرط في حرب أهلية ضد متمردي الجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي.
ومع ذلك- تقول المجلة الفرنسية- قد يستغرق هذا المشروع بعض الوقت حتى يؤتي ثماره، حيث أن الحرب السودانية مستمرة الآن منذ عام ونصف. و”إذا تمكنت روسيا من فتح قواعد بحرية في بورتسودان وطبرق، فستكون قد اكتسبت في النهاية نفوذاً على المستوى البحري، من خلال وضع جيبين على جانبي قناة السويس. أما بالنسبة للمناورات الجوية للجيش الروسي، فمن الممكن أن تتم من بنغازي بلا شك”، وفق مصدر “جون أفريك” من مجموعة فاغنر.
وعلى إحدى قنوات “تيليغرام” التابعة لمجموعة فاغنر، أدلى محلل روسي بنفس الملاحظة في 9 كانون الأول/ ديسمبر، معرباً عن أسفه للخسارة المحتملة لـ”المنصة اللوجستية” حميميم، التي يمكن أن توجه ضربة قوية، ليس فقط لمواقع الروس في الشرق الأوسط، ولكن أيضا في أفريقيا. ولذلك يتعين، بحسبه، النظر في خيارات لوجستية بديلة لعمليات روسيا الأفريقية.
واعتبرت “جون أفريك” أنه على المستوى اللوجستي، تبدو موسكو قادرة على إيجاد حلول أفريقية. ومن ناحية أخرى، لا شك أن سقوط بشار الأسد سيكون له تأثير رمزي ودبلوماسي أكبر. وقد أظهرت روسيا، التي حشدتها حربها في أوكرانيا، عجزها عن تأمين نظام حليف دعمته رغم كل الصعاب منذ عام 2015.
علاوة عن الخدمات اللوجستية.. هزيمة رمزية وتابعت المجلة الفرنسية القول إن بشار الأسد وسوريا كانا على مدى سنوات جزءًا من السرد المنتصر الذي طورته موسكو وفاغنر. ويقول المصدر المذكور سابقاً: “الروس سلطوا الضوء على تدخلهم في سوريا لإثبات فعاليتهم، وفعالية مرتزقتهم، في قتال ودعم حلفائهم. ولم يعد من الممكن الإقناع بهذا الخطاب من الآن فصاعدا”.
ففي مواجهة حركات التمرد على أراضيهم (سواء كانت إسلامية أم لا)، فإن حلفاء فلاديمير بوتين في أفريقيا- أسيمي غويتا في مالي، وإبراهيم تراوري في بوركينا فاسو، وعبد الرحمن تياني في النيجر، وفاوستين آركانج تواديرا في جمهورية أفريقيا الوسطى- تابعوا بلا شك عن كثب أحداث الأيام الأخيرة في سوريا، وفي أذهانهم فكرة وجود عملاق روسي بأقدام من الطين، بحسب “جون أفريك”.
وتنقل “جون أفريك” أيضاً عن دبلوماسي أفريقي قوله: “قبل أيام قليلة فقط، كان الجميع يتوقع أن يرسل فلاديمير بوتين قوات ومرتزقة لدعم بشار الأسد في سوريا في مواجهة التمرد. ومع ذلك، إما أنه لم يرغب في ذلك، أو أنه لم يتمكن من القيام بذلك بسبب محدودية الجيش الروسي. وفي كلتا الحالتين، فهي رسالة سيئة لحلفائها في منطقة الساحل”.
فكما فعل بشار الأسد، يقاتل عاصمي غويتا ما يعتبره تحالفاً من قوات المتمردين، بما في ذلك الحركات الجهادية.. وإذا تشكلت هذه القوات بالفعل وتقدمت نحو باماكو وهددت العاصمة، فهل سيفعل الروس الشيء نفسه الذي فعلوه في سوريا؟، يتساءل الدبلوماسي، قائلاً إن هذا السؤال لا بد أن المجلس العسكري المالي يطرح هو الآخر هذا السؤال منذ عدة أيام.