لإنتخاب الرئيس...الكرة في ملعب برّي؟ - بقلم كارين القسيس
شارك هذا الخبر
Wednesday, November 13, 2024
في ظلّ تعثّر الجهود الدوليّة لإخراج الملف الرئاسي من براثن "الطامعين"، تلجأ القوى السياسيّة المعارضة بين الحين والآخر إلى تقديم اقتراحات وحلول حيال هذا الملف.
آخر هذه الطروحات، ما عرضه رئيس حزب القوّات اللّبنانيّة سمير جعجع، حين دعا النوّاب لجلسة انتخاب رئيس للجمهوريّة حتى لو قاطعها النواب الشيعة، مؤكدا أن "الميثاق الوطني وُضع بين المسلمين والمسيحيين، لا بين الموارنة والأرثوذكس والشيعة والسنة والدروز".
ووسط هذه الأجواء السياسيّة المضطربة، بدا أنّ كلام جعجع استفز بعض اللّبنانيين، وهو ما دفع الدائرة الإعلامية لـ "القوات" الى إصدار بيان ردّ، أكدت فيه أنّ "تطبيق الدستور لا يُغيّب الطوائف بل يضمن حقوق الجميع... ومن يُلام هو المعطِّل لهذا الدستور، وليس من يطالب بتطبيقه".
وتعليقاً على طرح جعجع، اعتبر المحامي رفيق غريزي لـ"نداء الوطن" أنّ "المطالبة اليوم بانتخاب رئيسٍ للجمهورية من دون المكوّن الشيعي هو بمثابة إعلان حرب أهليّة".
وأضاف غريزي "إذا كانت "القوّات الّلّبنانية" تتّجه صوب هذا المسار، فهو فقط لرفع سقف المفاوضات لا أكثر ولا أقل، مشدداً على أنّ عدداً كبيراً من النوّاب لن يوافقوا على انتخاب الرئيس من دون المكوّن الشيعي".
ورأى أنّ "الانتخابات الرئاسيّة ضروريّة في هذه الظروف الحالكة، موضحاً أنّه لو تمنّع رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي من دعوة النوّاب، فيجب عند ذلك أن يترأس مكانه النائب الأكبر سنّاً".
إذا أراد برّي
فعلياً ومن حيث الحسابات العدديّة، لن يُؤثّر غياب "حزب الله" على تأمين النصاب أو الانتخاب، كما أنّه يمكن لحليفه الرئيس برّي إذا أراد فعلاً المصلحة الوطنيّة، أن يؤمّن تأمين غطاء شرعي للجلسة من خلال تمثيل النواب الشيعة المحسوبين عليه، وبالتالي لا تكون شرعيّة الانتخاب منقوصة بحسب الاعتبارات الطائفيّة في البلاد.
في هذا السياق، أكّد رئيس جهاز التنشئة السياسيّة في حزب "القوّات اللّبنانيّة" المحامي شربل عيد أنّ كلام جعجع ليس رأياً شخصياً ولا اجتهاداً سياسياً، بل قراءة في نصّ الدستور، ففي المادة 73 التي تتحدّث عن آلية انتخاب الرئيس تنصّ على أنّه "قبل شهرين على الأكثر وشهر على الأقل من الشغور الرئاسي تنعقد جلسة انتخابية بدورات متعددة حتى انتخاب رئيس للجمهورية"، مشدداً على أنّها جلسة "واحدة" بدورات متتالية ولكن في حال تعذّرت الدعوة إلى هذا الاجتماع ينعقد المجلس النيابي حكماً أي من دون دعوة.
وأوضح عيد أنّ "الفقرة الأولى من المادة 73 توجب أن تكون الدعوة من قبل رئيس مجلس النواب، إنّما الفقرة الثانية استلحقت أنّه إذا تمنّع برّي عن الدعوة، فتلقائياً يمكن للنوّاب أن يجتمعوا وتكون حينها جلستهم انتخابيّة دستوريّة يرأسها الأكبر سنّاً".
وأكّد أنّ جعجع "لا يريد أن تكون الطائفة الشيعيّة خارج النظام السياسي اللّبناني، ولكن هناك تشويه متعمّد للنظام والميثاق الوطني، شارحاً أنّ الأخير هو العهد والوعد الذي تبادله المسلمون والمسيحيون سنة 1943 بين بعضهم البعض، وليس بين طائفة وأخرى".
وأضاف "ما يحصل اليوم، هو "أنّه عندما يكون هناك غياب لطائفة معيّنة، يطلّ علينا دولة الرئيس برّي مبرراً ذلك بأنّ هناك غياباً للميثاقيّة وهذا خطأ واضح، فبهذا الأسلوب نقدّم ذريعة لأي طائفة بتعطيل الاستحقاقات، وهذه حجّة يتبعها الثنائي الشيعي لتعطيل انتخاب الرئيس والإتيان برئيس من خطّهم السياسي".
وختم عيد "هذا ليس غياباً للميثاقيّة، إنّما "بلطجة" يفرضها "الثنائي" على سائر المكونات اللّبنانية".
هذا هو الواقع اللّبناني في ظلّ "المكابرة"، وبالتالي لا انتخابات رئاسيّة في لبنان إلاّ بحصول أعجوبة إلهيّة، بدليل أنّ كلّ المبادرات والمساعي الدولية أطفأت محركاتها ليقين أقطابها بأنّ الوضع في لبنان عصيٌّ على الحلول، فمن المبادرة الفرنسيّة إلى طرح جعجع، كلّها محاولات تحلّت بالجديّة، لكنّها لم تتمكّن، أمام الأمر الواقع المذري، من اختراق الشغور الرئاسي.