تحذيرات أوروبية من توسعة إسرائيل للحرب لمنع "حزب الله" من تكرارها لبنان بين الحل الدبلوماسي لوقف النار وتصاعد المواجهة المفتوحة - بقلم محمد شقير

  • شارك هذا الخبر
Saturday, November 9, 2024

يتأرجح المشهد السياسي والعسكري في لبنان بين تمادي تل أبيب في حربها التدميرية وبين الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي أموس هوكستين تحركه سعياً وراء إعطاء الأولوية للحل الدبلوماسي لوقف النار بدلاً من أن تبقى كلمة الفصل للميدان في ظل الأكلاف المادية والبشرية المترتبة على توسعة المواجهة بين إسرائيل و"حزب الله"، برغم أن رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي لم يتبلغا حتى الساعة، كما تقول مصادرهما لـ"الشرق الأوسط"، بموعد مجيئه إلى بيروت في حال أنه حسم أمره وقرر التوجه لإسرائيل وتوصل لاتفاق لإنهاء الحرب غير قابل للنقض لئلا يكون تكراراً للقاءاته السابقة وكان آخرها تأييده للنداء الأميركي- الفرنسي المدعوم عربياً وأوروبياً قبل أن ينقلب عليه.

فالترويج الإعلامي لمعاودة هوكستين وساطته، تتعامل معه مصادر دبلوماسية أوروبية في بيروت، بقولها لـ"الشرق الأوسط"، على أنه بمثابة الفرصة الأخيرة للرئيس الأميركي جو بايدن قبل نحو شهرين ونيف من انتهاء ولايته الرئاسية، وهي تطرح مجموعة من الأسئلة، أولها مدى استعداد نتنياهو للتجاوب مع وساطته، أم أنه يود أن يبيع وقف النار لخلفه الرئيس دونالد ترامب بعد أن يستكمل تدميره للبنان لفرض شروطه لتطبيق القرار 1701؟ وثانيها هل أن الظروف أمام الإدارة الأميركية الحالية أصبحت مؤاتية لإنهاء الحرب بخلاف الظروف السابقة، وبالتالي يودّع بايدن البيت الأبيض بتحقيق إنجاز يسجّل له؟

ومع أن بري وميقاتي يرحبان بأي تحرك يؤدي لوقف الحرب، فإنهما في المقابل يتريثان في إصدار الأحكام على النيات، ليس لأنهم لم يتبلغا رسمياً باستعداد هوكستين للتحرك، وإنما لا يمكن الرهان مسبقاً على نجاحه في إقناع نتنياهو بتسهيل مهمته لوقف النار ونشر الجيش في الجنوب تمهيداً لتطبيق القرار 1701.

وكشفت مصادر لبنانية رسمية بأن الحزب تعاطى بإيجابية مع النداء الأميركي- الفرنسي الذي لا يزال مطروحاً على الطاولة ولم يُسحب من التداول. وقالت لـ"الشرق الأوسط" بأنه بتعاطيه وافق ضمناً على عدم الربط بين جبهتي غزة والجنوب بعد ان استُبدل بتكثيف الجهود لإنهاء الحرب في غزة.

ولفتت المصادر الرسمية إلى أن تعاطي الحزب بواقعية مع النداء الأميركي- الفرنسي أدى إلى إحراج نتنياهو، بعد أن حشره في الزاوية ومنعه من الالتفاف على الضغوط الدولية لوقف الحرب، وأكدت بأن توافق ميقاتي وبري على تطبيق القرار 1701 يعني حكماً بأن الأخير يحظى بتأييد الحزب الذي كان فوّض بري للتوصل لوقف النار وإعادة الهدوء للجنوب.

ورأت بأن الحزب بموافقته يعني حكماً بأنه بات على قناعة بأن لا مجال للربط بين جبهتي الجنوب وغزة، وقالت إنه بموقفه أزعج إيران التي اضطرت للدخول على الخط لإعادة الربط بينهما ليكون في وسعها الإمساك بالورقة الجنوبية وإدراجها كبند على جدول أعمال مفاوضاتها مع الولايات المتحدة.

واعتبرت بأن رد ميقاتي على وزير خارجية إيران عباس عراقجي على خلفية إصراره على الربط بين الجبهتين بقي ضمن الجدران المغلقة عندما استقبله في زيارته الأولى لبيروت، وقالت بأنه لم يتردد في تظهير اعتراضه للعلن لدى اجتماعه برئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف، وقوبل موقفه بأوسع تأييد لبناني تصدّره الرئيس السابق للحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط بقوله بأنه يجب على طهران معرفة بأن هناك دولة مستقلة اسمها لبنان.

وكشفت بأن علاقة جنبلاط الأب بطهران تمر في حالة من الفتور. وقالت بأن عراقجي أوعز إلى سفير إيران السابق لدى لبنان محمد رضا شيباني بضرورة البقاء في بيروت ليحل مكان السفير مجتبي أماني الذي يخضع حالياً للعلاج من الجروح البليغه التي أصابته بانفجار جهاز الـ"بيجرز" الذي كان في حوزته، لعله يعيد الربط بين الجبهتين بغياب من يؤيده من محور الممانعة، بعد أن تجنب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم الإشارة إليه في كلمته المتلفزة لمناسبة مرور 40 يوماً على اغتيال سلفه حسن نصر الله.

لكن المصادر الأوروبية تتخوف من تمرد نتنياهو على المحاولة الأخيرة لهوكستين لترجيح كفة الحل الدبلوماسي على العسكري ويمعن في حربه التدميرية، وهي تسأل ما العائق أمام نتنياهو للالتزام بخريطة الطريق لتطبيق الـ1701 الذي توافق الوسيط الأميركي مع بري عليها وينتظر أن يلقى التجاوب من فريق الحرب في إسرائيل لتأخذ مجراها لنزع فتيل التفجير في الجنوب.

وتتحسب المصادر لرد فعل نتنياهو الذي يبدو أنه يصر على كسب الوقت قبل أن يبدأ ترامب ولايته الرئاسية، آخذة بعين الاعتبار مضيه في جنوحه لمواصلة تدميره لمنطقة جنوب الليطاني وصولاً إلى شماله لتحويلها منطقة عازلة تصعب الإقامة فيها.

لذلك حذّرت من تمادي نتنياهو في تدمير ما تبقى من جنوب الليطاني، ليس لفرض شروطه بمنع أي تواجد مسلح لـ"حزب الله" فحسب، وإنما للقضاء على بنيته العسكرية ومخزونه الصاروخي في الأنفاق. وقالت بأنه مصمم على تحويلها إلى منطقة منزوعة السلاح والبشر لتفريغها من سكانها على نحو يزيد من أعداد النازحين ما يؤدي إلى حصول احتكاكات بين مجموعة من النازحين ومضيفيهم، ويشكل إحراجاً للحزب بعدم توفيره الأمان لبيئته الحاضنة وبتأمين احتياجاتهم في أماكن إيوائهم.

ولم تسقط المصادر الدبلوماسية من حسابها استعصاء نتنياهو على الإدارة الأميركية التي تستعد للرحيل، ويصر على استغلال الفترة الزمنية الفاصلة بين التسلم والتسليم مستفيداً من الأجواء الدولية والإقليمية المناوئة لحركة "حماس" و"الحزب" ليواصل حرقه منطقة جنوب الليطاني وتحويلها أرضاً مهجورة ليتعظ "حزب الله" مما أصاب الجنوب وتكون له عبرة يحسب لها ألف حساب قبل أن يفكر بالدخول مجدداً في مواجهة مع إسرائيل.

ويبقى السؤال: هل يعتزم هوكستين تعويم وساطته بضوء أخضر من بايدن، أم أن الترويج لمعاودة تحركه يبقى في إطار اختبار رد فعل تل أبيب قبل أن يحسم أمره ويتخذ قراره النهائي؟ وهل يعني ذلك بأن الحل الدبلوماسي سيكون بديلاً عما ستؤول إليه المواجهة المفتوحة في الميدان كما راهن مجدداً الشيخ قاسم في خطابه الأخير، وبالتالي من يمنع إسرائيل، في حال إسقاط الحل السلمي من تماديها في حربها التدميرية تحت عنوان أنها اتخذت قرارها بتوسيع حربها البرية؟