جيوبوليتيكال فيوتشرز- سوريا على خط النار.. هل ينتقل الصراع إليها؟

  • شارك هذا الخبر
Saturday, October 26, 2024

مع تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران، باتت سوريا منطقة استراتيجية محورية، إذ تنظر إيران إلى سوريا بوصفها المركز الجغرافي لاستراتيجيتها للحفاظ على النفوذ في العالم العربي.

وفي المقابل، ترى إسرائيل أن سوريا هي المفتاح لتأمين جبهتها الشمالية، وبالتالي، فإن مصير الصراع بين إسرائيل وإيران يعتمد بشكل كبير على ما سيحدث للحكومة السورية، حسبما أفاد كمران بخاري، أكاديمي متخصص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية لمنطقة أوراسي في تحليل بموقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" البحثي الأمريكي .
وذكرت وكالة "رويترز" في 15 أكتوبر (تشرين الأول) أن الجيش الإسرائيلي أزال الألغام الأرضية وحفر تحصينات جديدة ونقل سياجاً يفصل مرتفعات الجولان ومنطقة منزوعة السلاح بالقرب من الأراضي السورية.

وتهدف هذه التحركات، التي قالت مصادر سورية ولبنانية إنها تسارعت مؤخراً، إلى تمكين القوات الإسرائيلية من مراقبة حزب الله عن كثب وتأمين المنطقة من أي تسلل محتمل من قبل هذه الجماعة المسلحة المدعومة من إيران.

وأشار مصدر أمني لبناني، رفض الكشف عن هويته، في تقرير "رويترز"، إلى أن عمليات إزالة الألغام قد تكون مقدمة لهجوم إسرائيلي من الشرق بغرض "تطويق" حزب الله.

العراق والمصالح الإيرانية
وشهدت إيران ذروة نفوذها في أوائل عام 2011 قبل اندلاع الحرب الأهلية السورية.

وكان العراق قبل ذلك بأسابيع قليلة قد تجاوز أزمة تشكيل الحكومة التي استمرت ثمانية أشهر، وأسس حكومة بقيادة موالية لإيران.

وكانت القوات الأمريكية تستعد للانسحاب من العراق، مما فتح الطريق أمام الإيرانيين لتعزيز سيطرتهم على البلاد.

وفي أماكن أخرى، كانت الدول العربية في حالة انهيار. وفي يناير (كانون الثاني)، وقبل يومين فقط من إطاحة المتظاهرين في تونس برئيسهم، هندس حزب الله انهيار حكومة لبنانية بقيادة خصومه، وعندما تشكلت الحكومة اللبنانية التالية، كانت تحت هيمنة حزب الله.

ومع هذه الخطوات، أصبحت رؤية طهران لقوس نفوذ متصل على طول جناحها الغربي حقيقة واقعة.

ومع ذلك، سرعان ما أصبح واضحاً أن ثورات ما يسمى بالربيع العربي كانت خارج نطاق سيطرة أي جهة، وقبل أن تتمكن إيران من وضع خطة لاستغلال الوضع، اندلعت احتجاجات كبيرة في سوريا في 15 مارس (آذار)، مما هدد بقطع الاتصال الفعلي للنظام الإيراني بحزب الله.

تاريخ طويل من العلاقات
وقال الكاتب: كان لعلاقة إيران بحزب الله تاريخ طويل يعود إلى الثمانينيات، عندما ساعد الحرس الثوري الإيراني والمخابرات السورية في تأسيس الجماعة، واستمرت هذه العلاقة خلال أزمة عام 2005 عندما أطاحت الاحتجاجات اللبنانية، التي أغضبها اغتيال رئيس وزرائها رفيق الحريري المناهض لسوريا، بالقوات السورية من لبنان.

وبفقدان سوريا، ستضعف قدرة إيران على إيصال المساعدات لحزب الله في لبنان.
اعتمدت الاستراتيجية الأمنية الوطنية لإيران منذ فترة طويلة على تحييد العراق البعثي، الذي كان العقبة الأكبر أمام توسع النفوذ الإيراني عبر بلاد ما بين النهرين إلى بلاد الشام.

وبعد حربها الكارثية مع نظام صدام حسين في الثمانينيات، ابتهجت إيران عندما اجتاحت القوات الأمريكية بغداد وأطاحت بصدام.

ولم تكن إيران لتسمح بانهيار كل هذه المكاسب دون مقاومة.

وحشدت إيران عشرات الآلاف من المقاتلين الشيعة الأجانب ومئات الملايين من الدولارات لدعم الحكومة السورية، ورغم الدمار الذي لحق بسوريا، حققت إيران نجاحاً يتجاوز أحلامها.

وتحولت سوريا إلى دولة تابعة بسبب اعتمادها الكبير على الدعم الإيراني. وبدلاً من فقدان جسرها إلى البحر المتوسط، أقامت إيران وجوداً عسكرياً كبيراً في البلاد، ومن هناك تستطيع تزويد حزب الله بأسلحة متقدمة، ودعم حماس والجهاد الإسلامي في غزة.

إيران في مواجهة أكبر مع إسرائيل
وأضاف الباحث "كان الجانب السلبي الرئيسي لهذا النجاح الإيراني هو تعرض طهران لمواجهة أكبر مع إسرائيل".

وكانت إسرائيل تراقب عن كثب كيفية استغلال إيران لما يسمى الربيع العربي لصالحها، وبينما شهدت إيران نجاحاً استراتيجياً، رأته إسرائيل تهديداً أمنياً لا يُطاق.

وفي عام 2017، في محاولة لزعزعة الإيرانيين وقطع جسرهم على الحافة الشمالية للشرق الأوسط، شنت إسرائيل أولى غاراتها الجوية التي ستصبح مئات الضربات في سوريا ولبنان.

وكان من المتوقع أن تتصاعد المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران، وحدث ذلك عندما شنت حماس هجوماً على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وتلا ذلك قرار حزب الله بدعم حليفها الفلسطيني بسلسلة من الهجمات الصاروخية والمدفعية ضد شمال إسرائيل.

وفي هذه المرحلة، قررت إسرائيل أن استراتيجيتها في شن ضربات جوية دورية لتعطيل شحنات الأسلحة والمساعدات الإيرانية لم تعد كافية، وكثفت استهدافها للحرس الثوري الإيراني وحزب الله منذ فصل الربيع، مما أدى إلى إلحاق خسائر كبيرة بهما.

نتيجة لذلك، يرى الباحث أن "مستقبل سوريا ودورها في الهيكل الأمني الإيراني الإقليمي بات موضع تساؤل".


24.AE