فايننشال تايمز- ولاية ترامب الثانية.. تهديد مصيري لأوروبا

  • شارك هذا الخبر
Saturday, October 26, 2024

لم يستبعد الكاتب سايمون كوبر أن ينتهي السلام الأمريكي الذي دام 80 عاماً في أوروبا الشهر المقبل، فهناك احتمال بنسبة 50% لانتخاب دونالد ترامب رئيساً، واحتمال بنسبة 50% أن يتخلى عن حماية أوروبا، في وقت تُستنزف أوكرانيا من جنودها.

ولا يحتاج ترامب حتى إلى عناء مغادرة حلف شمال الأطلسي (ناتو). يمكنه ببساطة أن يتركه خاملاً. وهذا يعني أن احتمالات مواجهة أوروبا لأسوأ تهديد عسكري لها منذ سنة 1945 تبلغ 25%.
صحيح أن هذا أمر افتراضي، لكنه افتراض قد يحدث في وقت مبكر كالعام المقبل. فكيف قد تبدو "أوروبا وحدها"؟

تحذيرات
كتب كوبر في صحيفة "فايننشال تايمز" أنه طوال سنوات، نشرت مؤسسات الرأي تقارير تخبر الدول الأوروبية الاستعداد للقتال بمفردها، لكن الأوروبيين لم يفعلوا ذلك.

ويضيف الكاتب أن أعضاء الناتو لا يستطيعون التخطيط بشكل واقعي لمستقبل بدون الولايات المتحدة، لأن حلف شمال الأطلسي لا وجود له بدون الولايات المتحدة.

وتشعر الحكومات الأوروبية وبروكسل بأنها أنفقت أكثر مما تصوره أي شخص سنة 2021 على الدفاع، فقد أرسل الاتحاد الأوروبي بعشرات المليارات إلى أوكرانيا، حتى إن ألمانيا تحاول بناء جيش جاد لأول مرة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، لكن جهودها هذه ليست كافية.
والآن تعاني القوتان العسكريتان الرئيسيتان في أوروبا، المملكة المتحدة وفرنسا، من أزمات في الموازنة، ولا تشعر أي منهما بضغوط كبيرة من الناخبين لإنقاذ أوكرانيا، لذا لم تفعلا ذلك، في حين أن التوقعات الاقتصادية لألمانيا مخيفة.

تفاؤل في غير محله
وبحسب الكاتب، يشعر المسؤولون في جميع أنحاء أوروبا بالإرهاق، وهم يكافحون من أجل تجاوز أزمات كل أسبوع. وليس لديهم القدرة للاستعداد للكوارث.

وفي حديث معهم مؤخراً، لاحظ الكاتب الأمل المتكرر في أن يلتزم ترامب بأوروبا في نهاية المطاف.

ويشير غيوم لاغان من معهد العلوم السياسية في باريس إلى أنه "ليس لدى أوروبا العديد من البدائل للتفاؤل"، وقد تحدث مراراً عن مغادرة الناتو ويبدو أنه يفضل الصداقة مع فلاديمير بوتين على الدفاع عن أوكرانيا، ومن شأن "صفقة السلام" التي اقترحها ترامب أن تمنح روسيا جزءاً من أوكرانيا.

وإذا فازت كامالا هاريس فقد تدفع أوكرانيا إلى صفقة أفضل بقليل، ولا أحد يتوقع رئيساً أمريكياً آخر بنفس أطلسية جو بايدن، كما تلاحظ أولريك فرانك من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وهذا يعني أن رهانات بوتين قد تصبح حقيقة.

وتتمتع روسيا وكوريا الشمالية بميزة واحدة، يمكنهما تحمل خسائر بشرية لا يمكن للدول الغربية تصورها، ففي الاستيلاء على بلدة أفدييفكا الأوكرانية الصغيرة، عانت روسيا من خسائر بشرية أكثر من كل الخسائر التي تكبدتها الولايات المتحدة وأوروبا الغربية في السنوات الخمسين الماضية مجتمعة.
ماذا بعد هزيمة أوكرانيا؟
يقول مدير معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية ستيفن إيفرتس إن بوتين قد يسعى إلى "الكأس المقدسة للسياسة الخارجية الروسية" من خلال اختبار ما إذا كان وعد الناتو بالدفاع المتبادل حقيقياً.

ويمكن لبوتين أن يفعل هذا من خلال مهاجمة عضو في الناتو، على الأرجح دولة من دول البلطيق، مدعياً أنه يحمي المواطنين من أصل روسي هناك، كما فعل في جورجيا وأوكرانيا.

وإذا حدث ذلك بينما يراقب ترامب فقد يرسل الأوروبيون قوات، لكن بوتين قد يصمد أكثر منهم، ويقاتل حتى تتوقف الحكومات الأوروبية، فمثلاً لم يتسامح الجمهور الألماني مع 59 قتيلاً ألمانياً في أفغانستان خلال 20 عاماً، وفي سيناريو الحرب مع روسيا قد يموت أكبر من هذا العدد في غضون ساعة.

وثمة زعماء من أقصى اليمين الأوروبي يريدون السلام مع بوتين، والدول الغربية تعلم أنه في نهاية المطاف هو ليس مشكلتهم، فمثلاً بريطانيا وفرنسا محميتان من روسيا بالمسافة والمظلات النووية.

ولم يقاتل الغربيون من أجل دانزيغ سنة 1939، أو بودابست سنة 1956 أو براغ في 1968، وبالتأكيد لن يخوضوا قتالاً في 2025.

تخلت عن مصيرها لهؤلاء
في أحد السيناريوهات القاتمة، قد يصبح بوتين مشكلة أوروبا الوسطى.

ويقول فرانكه إن كابوس ألمانيا هو هجوم نووي روسي، وقد تطلب برلين ووارسو من فرنسا تقاسم مظلتها النووية.

وفي الوقت الحالي، تبني بولندا جيشاً أكبر من جيش بريطانيا أو فرنسا لحماية نفسها، وليس جيرانها الشرقيين.

وعلى هذا، يكتب إيفرتس من معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية: "أوكلت أوروبا مصيرها إلى حفنة من الناخبين في ويسكونسن وبنسلفانيا".


24.AE