خاص- تغيير استراتيجية أم تبديل وجوه؟.. أبو معشر يقرأ في استبدال رئيس جهاز المخابرات المصري- تقلا صليبا

  • شارك هذا الخبر
Friday, October 18, 2024

خاص- الكلمة أونلاين

تقلا صليبا

عيّن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حسن رشاد رئيسًا لجهاز المخابرات خلفا لعباس كامل الذي يشغل المنصب منذ عام 2018، وجاء هذا التعيين في ظلّ ظروف إقليمية متوترة، تخوض فيها مصر مفاوضات وقف حرب إسرائيل على غزة من جهة، ومفاوضاتها الخلافية بشأن سدّ النهضة مع أثيوبيا، ومن جهة ثالثة، تواجه خطرا على حدودها الجنوبية حيث تستمر المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أكثر من 18 شهرا، بالمقابل، تتحضّر مصر لانتعاشة اقتصادية، تغذّيها استثمارات خليجية، خاصة سعودية، بمئات مليارات الدولارات.

في خضمّ كل هذه الأحداث، كان قرار استبدال رئيس جهاز المخابرات السابق عباس كامل بخلفه حسن رشاد، قرارا مفاجئا، فتح باب التساؤلات حول أي خلافات بين الرئاسة المصرية وكامل، وجعل البعض يتحدّث عن غموض بمصير الأخير بعد إقالته، إلا أن قرار السيسي بتعيينه مستشارا ومبعوثا خاصا له ومنسقا للأجهزة الأمنية، أسكت كل الأصوات التي حاولت الحديث عن خلافات بينهما.

في هذا الإطار، وفي حديث للكلمة أونلاين مع الباحث العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد أندريه أبو معشر، أكّد الأخير أن الأمر قد يكون ببساطة، تلبيةً لطلب كامل، بسبب تقدّمه في السن، أو لأسباب صحية، إلا أننا لسنا قادرين على التأكد من الموضوع فورًا، وعلى الجميع انتظار تأكيد رسمي حول الموضوع.

من جهة أخرى، رأى أبو معشر ان المنطقة تتّجه لتبدلات كبيرة، فالحرب الدائرة بين اسرائيل وغزة وإن انتهت، إلا ان أثرها سيدوم طويلًا، وقد يكون هذا واحد من الدوافع الرئيسية لتغييرات جوهرية في السياسة المصرية، ومعها في الوجوه التي تقود هذه السياسة.

أما عن مصير عبّاس كامل، فقد لا يكون سلبيًا كما يراه البعض، إذ قد تكون هذه الخطوة لترفيعه لا لإخراجه من الإدارة المصرية، فهو، بحسب ما يتمّ تداوله، عُيّن كمستشار ومبعوث للرئيس السيسي، الذي يثق به، وهنا يقول العميد أبو معشر أن تسليمه مركزًا أكبر من مركزه السابق ومنصبا أكثر حساسية، هو ما يمكن أن يكون قد دفع بالسيسي للقيام بهذه الخطوة.

من وجهة نظر أخرى، رأى البعض ان العلاقات المصرية-السعودية التي تأخذ منحًا تصاعديًا، قد يكون لها تأثيرا في هذا القرار، فلرئيس جهاز المخابرات السابق، تجربة متزعزعة مع دول الخليج، حين قام بتسريب بعض الإتصالات التي تسيء في بعض جوانبها للخليج العربي. وعند سؤال أبو معشر عن الموضوع، أجاب بأنه لا يستطيع الجزم، إلا أنه لا يمكن استبعاد الموضوع، فالدول الكبيرة مثل مصر، والتي تعوّل على علاقاتها بالدول الحليفة، مستعدة لتغييرات من هذا النوع، شرط أن تكون لخدمة المصلحة الوطنية العليا، فإذا رأى السيسي في هذا التغيير مصلحة لمصر، ما تردّد بالقيام به.

بالإنتقال إلى حسن رشاد، خليفة عباس كامل، فهو خرّيج الكلية الفنية العسكرية، كان يتولى منصب وكيل جهاز المخابرات، وقد تدرج في المناصب داخل جهاز المخابرات العامة. أما عن دوره الحالي، فهو الدمّ الجديد الذي يمكن أن يحرّك المفاوضات المتعلقة بحرب اسرائيل على غزة، كما قيل انه يحمل سلة أفكار واسعة لإدارة الأزمات الحاصلة في مصر وحولها، كما أنه يتميّز بارتباطه بشبكة متشعّبة من العلاقات مع عواصم القرار.

بمقابل كل ما يُقال، وبالرغم من كل التأويلات والأخبار التي رافقت هذا التغيير الكبير، يمكننا أن ننظر إلى الموضوع من زاوية مختلفة، إذ ان دولة مصر، كالكثير من الدول التي تتابع قضاياها بشكل صحيح، تقوم بتغييرات تتناسب مع مصلحتها الوطنية، والدليل على ذلك، التغييرات الوزارية التي أجراها السيسي على حكومته خلال الصيف المنصرم، فأقال مجموعة من الوزراء، وهم وزراء البترول، الخارجية، الطيران، المالية، التخطيط، التموين، الأوقاف والتنمية المحلية والسياحة، ليعيّن أسماء جديدة لتأدية دورها بما يتناسب مع المتغيرات المحلية في مصر، والإقليمية والدولية.

وفي الختام نقول، إن الغد لناظره قريب، وكما أكّد العميد أبو معشر: "لا يمكن أن نحكم اليوم، ننتظر الإطار اللاحق لهذا التعيين، ونلاحظ الإطار السابق" إلى أن تكشف الأيام كل الخفايا التي تحملها لمصر، غزة، لبنان، والمنطقة، وربما العالم بأجمعه.