سبكتيتور- لماذا يخاف بايدن من إيران؟

  • شارك هذا الخبر
Monday, February 12, 2024

لاحظ مدير السياسات في منظمة متحدون ضد إيران نووية جيسون برودسكي أن إدارة بايدن غالباً ما تبدو أكثر خوفاً من إيران بدلاً من العكس.

وهذه دينامية خطيرة للغاية بالنسبة إلى الولايات المتحدة كما كتب في مجلة "سبكتيتور". فهي تقوض الردع الأمريكي الذي لا يعتمد فقط على القدرة الكبيرة للجيش الأمريكي، بل أيضاً على رغبتها باستخدام تلك القدرة للدفاع عن المصالح الأمريكية.

غير مرتاح
في حين أن العمل العسكري الذي أمر به الرئيس جو بايدن الأسبوع الماضي لمواجهة الحرس الثوري ومحوره يؤدي إلى إضعاف قدرة إيران، فإنه لا يردع إرادتها. غالباً ما يبدو بايدن غير مرتاح في الحديث عن إيران. طوال فترة رئاسته، لم يقم قط بإلقاء تصريحات رسمية موضوعية تحدد سياسته تجاه إيران. وهذا أمر غير معتاد بالنسبة إلى نظام يشكل تهديداً كبيراً للمصالح والقيم الأمريكية.

في 30 يناير (كانون الثاني)، وحين سُئل عن رده على قيام محور المقاومة الإيراني بقتل ثلاثة من أفراد الخدمة الأمريكية في هجوم بطائرة بدون طيار على قاعدة في الأردن، أعطى الرئيس إجابات قصيرة بينما كانت مروحية تابعة لمشاة البحرية تنتظر بصخب في الخلفية مغادرته البيت الأبيض. لقد اعتمد على تصريحات مكتوبة قصيرة حول كل ما يتعلق بإيران، بما في ذلك عند الإعلان عن مقتل القوات الأمريكية في 28 يناير.

تصريح ضار
حسب الأنباء، تابع برودسكي، تردد الرئيس في إلقاء خطاب رسمي للأمة حول هذا الموضوع، وهو ما فعله أسلافه عندما فوضوا القيام بالعمل العسكري. فهو يشعر بأن خطاباً رئيسياً "قد يؤدي إلى تصعيد التوترات مع إيران وإثارة نزاع إقليمي أكبر"، حسب مجلة بوليتيكو. وفي الأيام الأخيرة، سربت إدارته تقييمات استخبارية صورت إيران على أنها لا تسيطر بشكل كامل على وكلائها. وبدا التسريب ذا طبيعة سياسية لتبرير استهداف مجسات الأخطبوط وحسب، أي وكلاء إيران فقط، وليس الرأس في طهران.

وذهب أحد كبار المسؤولين الذي لم يذكر اسمه إلى حد استبعاد توجيه ضربة أمريكية لإيران علناً، وهو الأمر الذي اضطر مستشار الأمن القومي الأمريكي إلى التراجع عنه في مقابلة تلفزيونية لاحقة لأن التصريح كان ضاراً للغاية. وعندما ردت أمريكا أخيراً على الهجوم الأردني بضربات صاروخية على وكلاء إيران في العراق وسوريا الأسبوع الماضي، دام حشد القوات أياماً. مع شفافية غير عادية حول توقيت ومضمون الرد العسكري، سمح ذلك لقادة إيرانيين رئيسيين بالفرار من العراق وسوريا إلى إيران بحثاً عن الأمان.

كيس لكمات للمنطقة
عقب القيام برحلة قصيرة معلن عنها إلى العراق قبل الضربات العسكرية الأمريكية في الثاني من فبراير، عاد قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني بسرعة إلى إيران، وكان واثقاً بوضوح من أنه لن يكون هدفاً أمريكياً ومن أنه سيفلت بزيارة قصيرة. وكان قاآني موجوداً بأمان في طهران مع نائبه محمد رضا فلاح زاده عند بدء الضربات الأمريكية الدقيقة.
وأرسل واقع أن أمريكا لا تريد نزاعاً مع إيران إشارة واضحة إلى الضعف. يدرك صناع القرار الإيرانيون ذلك جيداً. إذا بدا الرئيس خائفاً من إلقاء خطاب فإن ذلك يثير تساؤلات عما إذا كان المرشد الأعلى في طهران يخشى تهديداً عسكرياً حقيقياً لبرنامجه النووي. وبالرغم من هذا الاسترضاء الأمريكي، لم يرد النظام بالمثل. لقد رصد خوف الرئيس وبنى عليه. لقد صورت وسائل إعلام إيرانية بايدن على الصفحات الأولى للصحف مثل همشهري على أنه مصاب بكدمات وملطخ بالدماء، ووصفته بأنه "كيس لكمات للمنطقة".

سعيدة بالقتال حتى آخر عراقي
في ردها على هجوم المسيّرات ضد البرج 22 في الأردن، ركزت إدارة بايدن ردها على: "مراكز القيادة والسيطرة ومباني المقرات ومراكز المخابرات؛ منشآت تخزين الصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار؛ ومنشآت سلسلة توريد الذخيرة اللوجستية". وفي حين أن عدد الأهداف التي ضربتها الولايات المتحدة ربما زاد بالمقارنة مع عمليات الانتقام السابقة، ظلت النوعية كما هي. ينصب التركيز على البنية الإقليمية لفيلق القدس ووكلائه. وكانت الولايات المتحدة تحاول أيضاً تجنب سقوط قتلى إيرانيين في هجماتها. وهذا يخضع للقواعد الإيرانية. فإيران سعيدة جداً بالقتال حتى آخر عراقي.
حتى في اليمن، ركزت إدارة بايدن فقط على أهداف حوثية وتجنبت أهداف الحرس الثوري الإيراني مثل سفينة التجسس بهشد التي توفر معلومات استخبارية للحوثيين تمكن المسلحين من استهداف الشحن الدولي. ومن المحتمل أيضاً أن يكون الرئيس قد أذن بعمليات سيبرانية، لكن لم يتم الإعلان عن تفاصيلها.

التاريخ واضح
حسب الكاتب، إن تاريخ ردود النظام على الهجمات الأمريكية والإسرائيلية ضد أهداف إيرانية لا يشير إلى أنه ينبغي على بايدن أن يظهر هذا النوع من ضبط النفس. سنة 1988، عندما أغرقت الولايات المتحدة نصف البحرية الإيرانية، تراجعت الاستفزازات البحرية الإيرانية وساهمت هذه الحادثة في إنهاء الحرب الإيرانية العراقية. وعندما أدى انفجار غامض في بيدغانه سنة 2011 إلى مقتل 17 عنصراً من القوات المسلحة الإيرانية، بما في ذلك مؤسس برنامج الصواريخ للحرس الثوري الإيراني حسن طهراني مقدم، ظهرت تقارير صحافية عدة تقترح أن إسرائيل كانت وراء الحادث. لكن ذلك لم يؤدِ إلى الحرب. وبعدما قتلت إسرائيل سنة 2022 في قلب طهران الضابط في فيلق القدس حسن صياد خدايي وهو قائد كبير في الوحدة السرية 840 التي تعمل خارج الحدود الإقليمية، لم تندلع الحرب أيضاً. يجب على الولايات المتحدة التعلم من هذه التجارب الإسرائيلية وفق برودسكي.
حتى قتلُ الولايات المتحدة قائد فيلق القدس قاسم سليماني في العراق سنة 2020 لم يشعل الحرب. ردت إيران بهجوم صاروخي كبير على قاعدة عين الأسد الجوية وهو لم يسفر عن مقتل أي أمريكي. لكن علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني آنذاك، قال لاحقاً إن إيران أعطت تحذيراً مسبقاً للعراق الذي أبلغ واشنطن وفق بعض الروايات.

أمريكا في حالة إذعان
منذ 1979، نجحت إيران بردع الولايات المتحدة عن شن ضربات عسكرية على أراضيها بالرغم من أربعة عقود من عدوانها ضدها، بما في ذلك مخططات اغتيال نظمها الحرس الثوري الإيراني ووزارة المخابرات الإيرانية على الأراضي الأمريكية. لكن الولايات المتحدة ترددت، وردعت نفسها، وقدمت درجة غير مبررة من الإذعان لإيران. ولفت الكاتب في الختام إلى أن الطريقة الوحيدة لتغيير التصورات الإيرانية حول الافتقار إلى العزيمة الأمريكية تتلخص في إحداث صدمة للنظام وإخراجه من حالة الرضا عن النفس عبر توجيه ضربات مباشرة إلى أهداف استراتيجية ذات قيمة بالنسبة إلى المرشد الأعلى.


24.AE