خاص - هل انقضت المهلة الزمنية المُعطاة للعهد؟ - بولا اسطيح

  • شارك هذا الخبر
Monday, June 9, 2025


يعتبر البعض ان المهلة الزمنية المعطاة لرئيس الجمهورية العماد جوزيف عون للتعامل مع سلاح حزب الله شمال نهر الليطاني انتهت، وان مرور نحو ٥ اشهر على انتقاله الى قصر بعبدا بزخم دولي وعربي كبير من دون تسجيل اي خطوات عملانية في هذا المجال، يعني ان فرصته انتهت. حتى ان حملة "شعواء" شُنّت عليه لتعيينه الوزير السابق علي حميه مستشارا بملف اعادة الاعمار وصلت لحد اتهامه بالتماهي مع حزب الله واجندته.

بالمقابل، يتهم آخرون الرئيس عون ب"التلكؤ" وبعضهم بما هو أبعد من ذلك بما يتعلق بالخروقات الاسرائيلية المتواصلة لاتفاق وقف النار وصولا لخروج البعض لاتهامه بالمشاركة بمحاصرة الطائفة الشيعية كونه لم يتخذ اي خطوات جدية لإطلاق عملية اعادة الاعمار وبالتماهي مع الاجندة الاميركية.

ويبدو واضحا مما سبق ان طرفي الصراع في لبنان، واللذين يشكل حزب الله رأس حربة الاول و"القوات اللبنانية" رأس حربة الثاني، يحاول كل منهما اجتذاب عون الى فلكه لتنفيذ أجندته الخاصة، فيما يستمتع طرف ثالث هو طرف "التيار الوطني الحر" بمشاهدة هذه المشادة معولا على فشل العهد وانهياره ليثبت صحة تحذيراته السابقة وعدم دعمه وصول عون الى سدة الرئاسة.

وفي ظل هذا الكمّ من التجاذبات والاجندات الداخلية والخارجية على حد سواء، هل يمكن القول ان عون أخفق أو قصّر؟

لا شك ان الحديث عن اخفاق او تقصير او تلكؤ او تماه مع اجندات خارجية يشكّل نوعا من الاجحاف والتجني بحق الرئيس الذي يقفز في حقل متخم بالالغام بتأن وبصيرة وبكثير من الذكاء والحنكة. هو يُدرك ان هناك من يسعى لدفعه لاعمال متهورة تُفجّر اللغم تلو الآخر في وجهه، لذلك اتمّ كل استعداد وجهوزية لامتصاص الصدمات والتعامل مع حملات، بدأت وستتكثف في المرحلة المقبلة، بصبر ومزيد من الحنكة.

وسيحاول عون ولأطول فترة ممكنة تفادي اي خصومة مع اي من القوى السياسية، لكنه يُدرك ان مصلحة بعض هؤلاء وبالتحديد قبيل الانتخابات النيابية المرتقبة قد تكون مهاجمة العهد والحكومة طمعا بتشكيل حالة شعبية معينة وشد عصب يتم استثماره في صناديق الاقتراع. والواضح ان الحملات المنظمة لناشطين حزبيين ستتحول قريبا لحملات علنية تتبناها بعض الاحزاب.

هذا في الشكل، اما في المضمون فان عون يعلم تماما منذ اليوم الاول لتوليه سدة الرئاسة وحتى قبل ذلك ان المرحلة ليست الامثل لقيادة البلد وان ما هو مطلوب منه ليس مهمة مستحيلة بل مهاما بالجملة قد تكون مستحيلة. لكنه كان ولا يزال يعوّل بشكل اساسي على دعم عربي ودولي، كان له الفضل الرئيسي لانتقاله الى بعبدا، تكون له هذه المرة الكلمة الاساسية بانجاح العهد.

ويعتبر عون ان الضغط على حزب الله لتسليم سلاحه شمالي الليطاني لا يمكن ان يُثمر دون تحقيق الانسحاب الاسرائيلي من النقاط ال٥ المحتلة وتحرير الاسرى وانطلاق عملية اعادة الاعمار، لذلك لا ينفك يطالب الاميركيين باقناع الطرف الاسرائيلي بذلك. وقد توقف كثيرون عند مضمون ولجهة البيان الذي صدر مؤخرا عن الرئاسة الاولى بعد الضربات الكبيرة التي تلقتها الضاحية الجنوبية للبنان وبخاصة لجهة محاولته رمي الكرة في الملعب الاميركي برسالة، واضحة لواشنطن المدعوة برأيه لتحركات اكثر فعالية تساهم بنزع السلاح شمالي الليطاني ولا تعقّده وتؤخره.

وهو يرى ان كل ما يُحكى عن استخدام القوة لتحقيق هذا الهدف انما هو قرار بجر البلد الى حرب أهلية. وبالتالي ما تفاداه طوال فترة توليه قيادة الجيش لن يسمح به وهو يقود السفينة اليوم. لذلك تراه لا يزال يعوّل على الدبلوماسية ويحاول اجتذاب حزب الله لصفه سواء من خلال تعيين حمية مستشارا او غيره من الآداء لاقناع البيئة الشيعية انها ليست مستهدفة او محاصرة وبأن مصلحتها كما مصلحة كل اللبنانيين تسليم السلاح وتجنب جولة جديدة من الحرب يهدد المسؤولون الاسرائيليون انها ستكون اعنف واكثر فتكا وتدميرا من سابقاتها.

بالخلاصة، فان جلد جوزيف عون في هذه المرحلة بالذات لا يصحّ..فالآداء الوطني والسعي لتنفيذ القرارات الدولية ونصوص الدستور اللبناني ليس عمالة، تماما كما ان محاولة طمأنة مكون كبير من اللبنانيين لتفادي اقتتال داخلي وحرب اهلية جديدة ليس جريمة او تقصير!