خاص - قمة بغداد... العرب على مفترق تحوّلات كبرى والأمين يكشف: لبنان بين قطار الإنقاذ والعزلة - تقلا صليبا

  • شارك هذا الخبر
Saturday, May 17, 2025

خاص الكلمة اونلاين

تقلا صليبا

انطلقت اليوم السبت، أعمال القمة العربية بدورتها الـ"34"، والتي تقام في العاصمة العراقية بغداد، وتأتي دورة هذه السنة، على وقع أحداث متسارعة، اذ سبقتها قمّة أميركية-خليجية خلال زيارة تاريخية للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى كلّ من السعودية، قطر والإمارات العربية المتّحدة، تمّ خلالها رسم مسار جديد من العلاقات والتوجّهات، لا للمنطقة والإقليم فقط، بل للعالم كلّه، كما كانت المفاجأة بقرار رفع العقوبات عن سوريا، بعد عدّة عقود من فرضها عليها، ومن جهة أخرى، تتصاعد حدّة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويدخل اليمن المعادلة من بابها العريض، كما تشهد ليبيا مؤخّرًا موجة من الاهتزازات السياسية،التي قد تمتدّ للأمنية، بالتوازي مع التوتّر الإماراتي-السوداني، ولا يغيب عن البال مجموعة واسعة من الأزمات في المنطقة العربية تمتدّ من المغرب العربي إلى مشرقه، لتخلق تحدٍ واسع لحكّام هذا الجزء من العالم، ليس على الصعيد السياسي والأمني فقط، بل الاقتصادي-الاجتماعي، الثقافي والبيئي أيضًا.

وعن هذه القمّة وما ستحمله، يقول الصحافي والمحلّل السياسي، السيّد علي الأمين، ان مسار المنطقة يتّجه نحو هدف وطريق معيّن، وهو ما يبدأ مع زيارة ترامب، ويمتدّ للقمة العربية، ولكل ما سيتبعها من لقاءات وتحرّكات، حيث المطلوب هو التهدئة والحلول، بعيدًا عن منطق الحروب والصراعات، فالسياسة الغربية، وعلى رأسها القوة الأميركية الضاربة، التي باتت المُقرِّر شبه الوحيد، تجنح نحو التنمية والبناء الاقتصادي والسِلم، وتريد تجنّب كل ما يحصل من صراعات مسلّحة، حيث أن تأثيرها لم يعد يقتصر على المنطقة العربية التي تحصل فيها، بل صارت تصدّر الأزمات نحو البلدان التي تعتبر نفسها بمنأى عنها، إن من خلال الهجرة التي ترهق الغرب، أو من خلال الإرهاب والتطرّف الذي يتصاعد يومًا بعد يوم، على خلفية الصراعات في العالم العربي، مما يعني أن الدول العربية في هذه القمّ’، سيكونون على موعد مع سياسة "لا تفجيرية"، أي تبتعد عن تفجير الصراعات، وتجهد لحلّها أو تهدئتها.

في السياق نفسه، يلفت الأمين إلى مشهدية يجب التوقّف عندها، وبالتحديد الاتصال الهاتفي والقمة الرباعية بين ترامب، بن سلمان، أردوغان والشرع، وهي دلالة على نقطة مهمة، حيث لم يعد التطبيع والسلام مع إسرائيل مجرّد همس في الخفاء، بل دخل مرحلة مختلفة، لا تحاول اسرائيل استمالة الأقليات فيها، بل تحوي الأكثرية السنية في العالم العربي، والذي يمثّل قسمًا كبيرا منه ولي العهد السعودي، عربيًا، والرئيس التركي على الصعيد الغير عربي، ومعهم الرئيس السوري الذي لم يعد سرًا على أحد، دخوله سكّة فتح أبواب العلاقة مع الإسرائيلي، ولو ببطئ، إذًا فالمنطقة ركبت موجة العلاقات العربية الإسرائيلية من بابها السني الواسع هذه المرّة.

"أين لبنان من كلّ هذا؟"، نسأل الأمين، فيعود ويؤكّد أن لبنان أمام موقفين، يتمثّل الأول بتهنئة عربية لما تمّ إنجازه حتى اليوم، حيث بدأت بوادر بناء الدولة وفرض سلطتها، مع وصول الرئيس جوزيف عون وتولّيه زمام الأمور، ويأتي الثاني بالمطالبة بالمزيد، أي باستكمال الخطوات التي بدأت وتسريع موضوع بسط سلطة الدولة واحتكار السلاح خصوصًا، وتنفيذ القرارات الدولية بأسرع وقت.

يضيف الأمين في حديثه، ان لبنان كان من البلدان الرائدة في المنطقة، إن من حيث القطاع المصرفي، الصحي، السياحي، الثقافي، الاقتصادي،... وغيرها، كما يُذكّر بأن القطار لا ينتظر أحد، وإذا أراد لبنان استعادة هذه المكانة، عليه التحرّك بسرعة، ويلفت إلى ما استطاع الرئيس السوري فعله على هذا الصعيد، اذ كان تحت وطأة العقوبات وعلى لوائح الإرهاب، كما كان يشكّل قلقًا بسبب خلفيته، وها هو الان بلا عقوبات، يلتقي رئيس دولة عُظمى ويصافحه، فُتِحَت أمامه أبواب المساعدات والاستثمارات والإعمار، ويسأل عمّأ إذا كانت سوريا ستصبح بديلًا للبنان ودوره، وعن جدّية اللبناني بتوجّهه للعودة إلى الحضن العربي والدولي، وإلا سيفوته القطار، أو ربما يركبه متأخرًا جدًا.

أما عن كل هذه التحدّيات، وقدرة القمّة العربية على حلّ معضلات عمرها عشرات السنوات، وجدّية التمثيل العربي على مستوى الوفود المشارِكة، بمواجهة الأخطار التي يعيشها العرب اليوم، يرى الأمين أن الأمر طبيعي، وطالما تنوّع مستوى تمثيل كل بلد واختلف بين الدورة والأخرى، ولا يرى أي انتقاص في الوفود المشارِكة، أما عن لبنان، فيرفض وضع الأمور في سياق التقصير أو التخفيف من قيمة هذه القمّة، اذ ان الرئيس اللبناني سيكون في الفاتيكان في قداس البابا لاوون الرابع عشر، مما جعل التمثيل بقيادة رئيس الحكومة، وهو أمر عادي، ولا يحمل رسائل أو توجّه غير مُعلن.

وبالنسبة للتحدّيات الكبيرة التي تُلقى على كتف هذه القمّة، ودور لبنان فيها، فيرى أن المسار البطيئ نحو الخير، أفضل من مسار سريع نحو التدهور، وها هو العالم العربي يدخل عصر التهدئة والحلول، بعد عصور من الصراعات والحروب والدماء، وما علينا فعله كلبنانيين، هو مجارات الساعين إلى هذا الخير، وإعادة لبنان إلى السكّة الصحيحة.