أوروسيان تايمز- صراع الهند وباكستان ينتقل إلى مواقع التواصل

  • شارك هذا الخبر
Friday, May 16, 2025

رغم إعلان الهند وباكستان وقف إطلاق النار بعد تصاعد خطير في التوترات العسكرية، لا تزال جبهة أخرى مشتعلة، ليست على أرض الواقع، بل في رحاب العالم الافتراضي، وفق تقرير لموقع "أوروسيان تايمز".

وأفاد الموقع نقلاً عن وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير، بأن الطرفين انخرطا في معركة شرسة على منصات التواصل الاجتماعي للسيطرة على الرواية العامة، مستخدمين سلاح التضليل الإعلامي.

فمنصات مثل "فيس بوك" و"إكس" (تويتر سابقاً) تعجّ بمقاطع مصوّرة ومعلومات مضلّلة، كثير منها تم التحقق من زيفه، وقد ثبت أن العديد من هذه المواد تعود في الأصل إلى نزاعات أخرى، كالحرب في أوكرانيا أو العدوان الإسرائيلي على غزة، وليس لها صلة بالأحداث الجارية بين الهند وباكستان.


ولم تكن وسائل الإعلام التقليدية في البلدين بمنأى عن هذه الحملة، حيث ضاعفت من انتشار معلومات غير مؤكدة أو كاذبة، لاسيما بشأن "انتصارات" عسكرية مشكوك في صحتها. ويحذر خبراء من أن هذا السيل الجارف من التضليل ساهم في تأجيج التوتر وزيادة منسوب خطاب الكراهية على الإنترنت.

وقال الجنرال دومينيك ترينكان، الرئيس السابق للبعثة العسكرية الفرنسية لدى الأمم المتحدة: "من الصعب التحقق من الحقائق الميدانية في ظل الضبابية التي تحيط بالضربات العسكرية، خاصة في ظل وجود حرب إعلامية موازية".

ضربات جوية دموية وفوضى رقمية
وبلغت موجة التضليل ذروتها عقب الغارات الجوية التي شنتها الهند يوم الأربعاء على ما وصفته بـ"معسكرات إرهابية" داخل الأراضي الباكستانية، رداً على هجوم وقع في 22 أبريل (نيسان) في الجانب الهندي من كشمير وأسفر عن مقتل 26 شخصاً، معظمهم من الرجال الهندوس. وقد حمّلت نيودلهي إسلام آباد المسؤولية عن الهجوم، وهو ما نفته الأخيرة بشدة.

وعقب الضربات، نشر الجيش الباكستاني مقطعاً مصوراً زعم أنه يُظهر آثار القصف الهندي. غير أن وكالة الصحافة الفرنسية كشفت أن المقطع يعود في الأصل إلى غارة إسرائيلية على غزة عام 2023، وكان قد نُشر سابقاً في سياق مختلف تماماً. وقد سُرّب الفيديو بسرعة إلى وسائل الإعلام وشبكات التواصل، قبل أن تسارع عدة جهات إلى سحبه، بما فيها "إف بي أي"!


ومع التطور المتسارع لأدوات الذكاء الاصطناعي، أصبحت الحدود بين الحقيقة والزيف أكثر ضبابية. فقد ظهر تسجيل مصور زُعم أنه يظهر جنرالاً في الجيش الباكستاني يقرّ بخسارة طائرتين حربيتين. غير أن وحدة التحقق التابعة للوكالة أكدت أن الفيديو معدّل رقمياً ومأخوذ من مؤتمر صحافي عُقد عام 2024.

استجابات حكومية وتزايد التهديدات السيبرانية
وفي ظل احتدام المعركة المعلوماتية، سعت حكومتا الهند وباكستان إلى استغلال المشهد الرقمي لخدمة روايتهما الرسمية. ففي خطوة مفاجئة، رفعت السلطات الباكستانية الحظر الذي كانت تفرضه منذ أكثر من عام على منصة "إكس"، وذلك تزامناً مع تنفيذ الضربات الهندية.

وعلّق الناشط الباكستاني في مجال الحقوق الرقمية، أسامة خلجي، قائلاً: "في أوقات الأزمات، تحتاج الحكومة إلى أن تُسمَع أصوات شعبها في العالم، لا أن تُسكته كما حدث في السابق لأسباب سياسية داخلية".

وفي 8 مايو (أيار)، أصدرت "الهيئة الوطنية للاستجابة لحالات الطوارئ السيبرانية" في باكستان تحذيراً بشأن تصاعد الهجمات السيبرانية وحملات التضليل عبر البريد الإلكتروني وتطبيقات الرسائل والرموز الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي.

وسرعان ما أعلنت وزارتا الشؤون الاقتصادية ومؤسسة ميناء كراتشي عن اختراق حساباتهما على منصة "إكس". ونُشر من حساب الميناء – الذي يُعد أحد أكثر الموانئ ازدحاماً في جنوب آسيا – منشور يزعم تعرضه لهجوم عسكري هندي، لكن السلطات نفت ذلك وأعادت السيطرة على الحساب.

أما في الهند، فقد شنت السلطات حملة قمع شاملة استهدفت حسابات تابعة لساسة وفنانين ومؤسسات إعلامية باكستانية. وأمرت الحكومة بحجب أكثر من 8,000 حساب على "إكس"، بالإضافة إلى حظر أكثر من 12 قناة يوتيوب باكستانية متهمة بنشر محتوى "تحريضي"، بما في ذلك منصات إخبارية.

كما أطلقت هيئة التحقق التابعة لمكتب الإعلام الهندي حملة لتفنيد المعلومات الزائفة، وأعلنت نفيها لأكثر من 60 ادعاءً متعلقاً بالأزمة الجارية، معظمها يتعلق بـ"انتصارات" مزعومة للجيش الباكستاني.

خطاب الكراهية يتصاعد ميدانياً
ولم يقتصر خطر التضليل على الفضاء الرقمي، بل تمدد إلى الواقع الميداني. فقد وثّق تقرير صادر عن منظمة "India Hate Lab" الأمريكية وقوع 64 حادثة خطاب كراهية في الهند بين 22 أبريل (نيسان) و2 مايو (أيار)، جرى تصوير معظمها ونشرها لاحقاً على الإنترنت.

وقال رقيب حميد نايك، مدير مركز "دراسة الكراهية المنظمة": "هناك علاقة دورية بين تصاعد خطاب الكراهية الميداني وانتشار المحتوى الضار عبر الإنترنت".

وأوضح نايك أن هجوم كشمير الأخير شكّل وقوداً للتعبئة من قبل جماعات اليمين المتطرف في الهند، حيث نُظمت مسيرات في ولايات مثل هيماشال براديش وأوتاراخند، تخللتها خطابات تحريضية ضد المسلمين، وتم تداولها على نطاق واسع.

وأظهرت مقاطع فيديو متعددة أفراداً بملابس دينية هندوسية يدعون إلى مقاطعة المسلمين اقتصادياً، فيما حذر نايك من أن الكراهية لن تهدأ مع إعلان وقف إطلاق النار، بل قد تتصاعد.

وقال نايك: "الآلة الحربية قد توقفت مؤقتاً، لكن ماكينة الكراهية لا تتوقف أبداً. أخشى أن تعود بقوة أكبر".


24.AE