إسرائيل باقية و3 تحدّيات يواجهها "الحزب"-بقلم طوني عيسى

  • شارك هذا الخبر
Saturday, February 8, 2025

سيترحَّم "حزب الله" وحلفاؤه على عاموس هوكشتاين الناعم والديبلوماسي الذي يسوِّق التسويات. فخليفته مورغان أورتاغوس، من اللحظة الأولى، لم تجد حاجة إلى ارتداء القفازات، وتوجّهت إلى أهل السياسة بعبارات فجّة إلى حدود غير مسبوقة. وإذا كانت هذه هي البداية، فإلى أين بعد الآن؟


واضح أنّ إدارة دونالد ترامب جادة جداً في إنهاء نفوذ "حزب الله" في لبنان. وهي ترى أنّ الظرف مناسب لتحقيق هذا الهدف، سواء في السياسة وسلطة القرار أو في المجال العسكري والأمني:
1 - هي ضغطت بعنف على القوى السياسية لمنع إشراك "الحزب" في الحكومة المنتظرة، سواء في شكل مباشر أو من خلال وسطاء. كما أدّى موقفها إلى حسم اختيار الوزير الشيعي الخامس من خارج دائرة "الثنائي".

2 - هي تضغط على المرجعيات الوسيطة، ولا سيما منها الرئيس نبيه بري، لإقناع "الحزب" باستكمال انسحابه تماماً من جنوب الليطاني وتسليم الجيش اللبناني أمن المنطقة وحده.


3 - هي تسعى إلى إقناع "الحزب" بالتخلّي عن سلاحه تماماً من كل الأراضي اللبنانية، أي شمال خط الليطاني، ما يحوّله حزباً سياسياً يتساوى في الحقوق والواجبات مع أي حزب لبناني آخر.

واللافت أنّ أورتاغوس تضع النقاط الثلاث في "أجندة" واحدة. وظهر ذلك خصوصاً عندما كرّرت ما أوردته مصادر أميركية رفيعة قبل ساعات: "الحزب" هُزم في الحرب أمام حليفتنا إسرائيل، ولن نسمح له بأن يستعيد موقعه السابق في الداخل. فالمرحلة التي كان يشكّل فيها تهديداً للبنان والعالم انتهت إلى غير رجعة.

إذاً، يبدو أنّ إدارة ترامب حسمت خيارها، وأنّها لا تقبل المراجعة: الدور العسكري لـ"الحزب" انتهى. لكن، هل سيكون تطبيق هذه المقولة سهلاً، وهل يقبل "الحزب" بتصوير نفسه أنّه مُني بـ"الهزيمة الكاملة" مقابل إسرائيل؟

يقول البعض: لو وافق الرئيس نبيه بري على التشكيلة الحكومية كما أعدّها الرئيس المكلّف، ووافق على إعلانها من بعبدا يوم الخميس، "بناقص" شيعي واحد غير خاضع لـ"الثنائي"، لكان ذلك أفضل، ولكان البلد "ظمط" بالحكومة بلا تأزيم، قبل أن تصل أورتاغوس. وفي أي حال، وجد "الثنائي" نفسه مضطراً أمس إلى القبول بمخرج معيّن، بعدما اكتشف أنّ الضغوط الأميركية ستتصاعد ضدّ "الحزب" تدريجاً وتتخذ أشكالاً مختلفة. فحصول "الثنائي" على وزارة المال وتمثيل الطائفة الشيعية بـ 4 وزراء من أصل 5، ومعهم على الأقل حليف يمثل "المردة"، يُعتبر جيداً جداً. والأرجح أنّ نواف سلام الذي استمع إلى آراء أورتاغوس في خلال الاتصال الهاتفي الذي جرى بينهما قبل يومَين، كان يستعجل الخميس إعلان التشكيلة نهاراً قبل أن تصل الموفدة الأميركية بعد الظهر ويصبح في مواجهة مباشرة معها. لكنّ الاشتباك الذي وقع بينه وبين بري في القصر الجمهوري أخَّر التشكيلة يوماً آخر.
أوساط "حزب الله" بدت مستاءة جداً من مقاربة أورتاغوس التي تربط بين "هزيمته" المفترضة في مواجهة إسرائيل ومسألة عدم إشراكه في الحكومة. ورأت في هذه المقاربة ما يثبت أنّ الأميركيِّين يحاولون تثمير نتائج الحرب الإسرائيلية ضدّه في الداخل اللبناني. لكنّ مصادر سياسية تعتبر أنّ "حزب الله" نفسه هو المبادر إلى الربط بين مسار الحرب مع إسرائيل ومسار الوضع الداخلي، عندما اعتبر أنّ نفوذه داخل الحكومة هو ضمانته الأساسية للاحتفاظ بسلاحه.

في أي حال، "الحزب" مضطر إلى مواجهة تحدّيات كبيرة ومباشرة، في المسائل الثلاث: دوره في الحكومة بالتنسيق مع بري، ومصير اتفاق وقف النار، وموقفه في مسألة التخلّي عن السلاح بكامله. وحتى الآن، لم يعلن صراحة ما هي خياراته في كل منها، وما زال يفضّل المناورة وكسب الوقت.


في ملف الحكومة، بدا أنّ "الحزب" لن يعاند طرح الاستبعاد الأميركي. وفي أي حال، لا يجرؤ أركان الحُكم على تشكيل حكومة يمثلونه فيها لئلّا يغامروا بتعريض لبنان إلى مزيد من العقوبات والعزل والحصار.

وأمّا في الجنوب، فإذا مدّدت إسرائيل احتلالها مجدداً في 18 شباط، بذريعة بقاء مواقع ومخازن للسلاح في جنوب الليطاني، فهل سيغامر "الحزب" باندلاع الحرب مجدّداً؟ وفوق ذلك، في الأيام الأخيرة، أصرّت إسرائيل على شنّ غاراتها على أهداف في شمال الليطاني، كالنبطية والزهراني والبقاع، في موازاة عمليات النسف والتصفية المستمرة في المناطق المحاذية للحدود. وهذه العمليات في شمال الليطاني تثير الظن في أنّ إسرائيل تعتبر سلاح "حزب الله" في جنوب النهر وشماله يشكّل تهديداً لأمنها. ولذلك، هي لا تتورّع عن الضرب في كل المناطق، معتبرةً أنّ السلاح يهدّدها من شمال الليطاني أيضاً. ولذلك، سيكون "الحزب" أمام تحدّي التخلّي الكامل عن ترسانته في كل الأراضي اللبنانية وعن دوره العسكري، والانصراف إلى العمل السياسي حصراً، تحت طائلة العودة إلى الحرب، وبغطاء أميركي على الأرجح.
إنّها تحدّيات خطيرة تواجه الحكومة الموعودة والعهد ولبنان كله. فما الذي سيفعله "حزب الله" في الأيام والأسابيع المقبلة؟