نشر موقع "بلينكس" الإماراتي تقريراً تحت عنوان "هل سوريا دولة مفلسة؟"، وتحدث فيه عن الواقع المالي والإقتصادي الذي تعيشه سوريا لاسيما بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد يوم 8 كانون الأول الماضي.
ويقول التقرير إن "الاحتياطي النقدي في البنك المركزي السوري انهار إلى مستوى يقارب العدم، إذ تحتوي خزائنه على 200 مليون دولار فقط، وفقا لما أعلنه رئيس الوزراء المؤقت محمد البشير".
وتابع: "رغم وجود احتياطي من الذهب، فإنه قليل للغاية، إذ بلغت قيمته نحو 2.2 مليار دولار، بأسعار السوق العالمية في الوقت الراهن، ما يجعل مصرف سوريا المركزي في حالة شبه إفلاس".
واعتبر التقرير أن الاقتصاد السوري تعرّض للدمار بداية من 2011، وظل المؤشر الأحمر يهبط إلى الأسفل باستمرار، إلى أن أصبح في موقف صعب، يجعل إدارة سوريا الجديدة أمام اختبارات من أجل إعادة عجلة الاقتصاد إلى الدوران من جديد، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وأردف: "لقد جاءت العقوبات المفروضة على سوريا لتضعها في معزل عن النظام المالي العالمي خلال السنوات الماضية، لكن هل تؤثر اللقاءات الدبلوماسية العديدة التي تجريها الإدارة الجديدة بقيادة أبومحمد الجولاني في تحسين الوضع الاقتصادي؟".
هل أفلست سوريا؟
قدر صندوق النقد الدولي الاحتياطي النقدي في سوريا عام 2010 بنحو 18.5 مليار دولار أميركي، قبل أن تسفر الاحتجاجات في العام التالي عن حرب أهلية، فتكت بالاقتصاد السوري وابتلعت احتياطيه النقدي بالكامل تقريبا.
ولا يغطي الاحتياطي النقدي والذهبي الحالي في سوريا، الحد الأدنى الآمن الذي يؤمّن واردات البلاد لمدة 3 أشهر مقبلة، الأمر الذي يضع الإدارة الجديدة في ورطة حقيقية، وفق التقرير.
وانهارت الليرة السورية إلى أدنى مستوياتها خلال السنوات الأخيرة، ونشر مصرف سوريا المركزي السعر الرسمي لليرة عند 13 ألفا و605 مقابل كل دولار.
وكان سعر الدولار في آذار 2011 ثابتاً عند 47 ليرة، قبل اندلاع الحرب، وفقاً لبيانات مجموعة بورصات لندن.
وقالت مصادر أخرى إن سعر الدولار في السوق السوداء ارتفع إلى 22 ألفا في وقت سقوط الرئيس السابق بشار الأسد، قبل أن ينخفض إلى 12 ألفا و800 ليرة لكل دولار.
ونقل البنك الدولي عن بيانات سورية رسمية في ربيع العام الماضي، انكماش الاقتصاد بأكثر من النصف بين عامي 2010 و2021، وأكد أن هذه البيانات قد تكون أقل من التقديرات الحقيقية.
وأشارت حسابات البنك التي تستند إلى مؤشر الإضاءة الليلية، "الذي يقيس إجمالي النشاط الاقتصادي"، إلى انكماش حاد بواقع 84% بين عامي 2010 و2023.
وأكدت بيانات البنك الدولي أن حجم الاقتصاد السوري بلغ 23.63 مليار دولار في عام 2022، وهو ما يعادل تقريبا حجم الاقتصاد في ألبانيا وأرمينيا اللتين يقل عدد سكان كل منهما عن 3 ملايين نسمة فقط، مقارنة بأكثر من 23 مليون سوري.
هل يحسّن تخفيف القيود وضع سوريا الاقتصادي؟
تقود ألمانيا جهودا ترمي إلى إقناع دول الاتحاد الأوروبي بتخفيف العقوبات التي فرضتها على سوريا في عهد الرئيس السابق بشار الأسد، من أجل مساعدة السلطة الجديدة.
وقال 3 أشخاص مطلعين على الأمر إن مسؤولين من ألمانيا وزعوا وثائق مقترحة على دول الاتحاد الأوروبي قبل عيد الميلاد بفترة وجيزة، من أجل رفع العقوبات عن سوريا، بحسب "فايننشيال تايمز".
وتقترح برلين تخفيف الإجراءات والقيود المفروضة على الاقتصاد السوري، وتنفيذ إصلاحات محددة، من الدول الأعضاء الـ26 في الاتحاد الأوروبي.
وتسعى ألمانيا في اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في بروكسل في 27 كانون الثاني الجاري، إلى الحصول على دعم لخطتها لرفع القيود عن سوريا، في مقابل تحركات إيجابية من الإدارة الجديدة في القضايا الاجتماعية بما فيها حماية حقوق الأقليات وحقوق المرأة، وضمان عدم انتشار الأسلحة.
وتحدث مسؤول ألماني قائلا: "يجب الإبقاء على بعض العقوبات ضد الذين ارتكبوا جرائم خطيرة خلال الحرب الأهلية، لكننا نناقش بنشاط طرق تخفيف العقوبات التي تؤثر في الشعب السوري".
وسيؤدي مقترح تخفيف العقوبات على سوريا إلى مرونة أكبر في النقل الجوي، للسماح بالاستيراد المفتوح، بما في ذلك سيارات السوريين بالخارج الذين يرغبون في العودة.
ومن جانبها، خففت الولايات المتحدة بعض القيود المفروضة على سوريا، من أجل ألا يتأثر الشعب السوري بالعقوبات التي تم توقيعها على النظام السوري السابق.
لكن الإجراءات المتعلقة بتخفيف القيود تواجه حذرا من بعض الدول الأوروبية، بسبب وجود أبومحمد الجولاني على رأس الإدارة الجديدة بسوريا، نظرا إلى قيادته هيئة تحرير الشام المصنفة إرهابية، كما يقول تقرير "بلينكس".
ووضعت كبيرة الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، بعد اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في كانون الأول الماضي، تخفيف العقوبات في ميزان تحمل كفته الأخرى خطوات إيجابية وأفعال من القيادة الجديدة في سوريا.
أصول مجمدة
تسعى إدارة سوريا الجديدة إلى الحصول على الأموال المجمدة بقرارات من حكومات غربية، التي تفوق قيمتها الاحتياطي النقدي في المصرف المركزي بدمشق.
وقالت الحكومة السويسرية إن قيمة الأصول السورية المجمدة لديها تبلغ 112 مليون دولار، وفقا لوكالة "رويترز"، في حين أكدت المملكة المتحدة في بيان لها نيسان الماضي، أن قيمة الأصول السورية المجمدة لديها بلغت 205 ملايين دولار.
وتتوقع إدارة سوريا الجديدة استعادة أصولها المجمدة في الخارج بقيمة 400 مليون دولار، من دول غربية، للمساعدة على تمويل بعض الإجراءات.
وأقرت زيادة الرواتب بنسبة 400%، لبعض موظفي القطاع العام بداية من الشهر المقبل، وتنتظر الإفراج عن أصولها المجمدة بالخارج لتمويل هذه الإجراءات.