في إنتظار قرع الجرس.. وإنتخاب الرئيس الـ 14 - بقلم ناجي شربل وأحمد عز الدين

  • شارك هذا الخبر
Thursday, January 9, 2025

كتب ناجي شربل وأحمد عز الدين في “الأنباء الكويتية”:

بعد شغور رئاسي يعود إلى 31 تشرين الأول 2022، وفترة صعبة تخللتها حرب إسرائيلية واسعة على لبنان، أودت بالأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله، وتلاها سقوط النظام السوري السابق، والخشية من انحسار دور إيران الإقليمي.. بعد دمار غير مسبوق في الحجر وأرواح البشر، يقرع الجرس في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم الخميس في القاعة العامة لمجلس النواب بساحة النجمة، ويصرخ المنادي إيذانا بدخول الرئيس نبيه بري وتوجهه نحو مقعده، تمهيدا لافتتاح الجلسة وبدء اقتراع النواب للرئيس الـ 14 للجمهورية منذ الاستقلال. انتخابات رئاسية لم تشهد انتشار صور عملاقة للمرشحين، أو إطلالة بعض الأساسيين عبر وسائل الإعلام، فالجميع يخوضها بعيدا من الإعلام، معتمدا تكثيف الاتصالات، ومتحيناً الفرصة للمرور من عنق زجاجة إقليمي يحبس معه تبديلات في شؤون دول. وتفتتح اليوم صندوقة الاقتراع لانتخاب رئيس طال انتظاره. وللمرة الأولى منذ العام 1970، يتوجه النواب إلى المجلس النيابي من دون معرفة هوية المرشح الفائز مسبقا. وربما أكثر غموضا من العام 1970، إذ إن المنافسة يومذاك كانت محصورة بين مرشحين اثنين هما سليمان فرنجية وإلياس سركيس. أما اليوم، وحتى قبل ساعات من قرع الجرس في المجلس، كانت عملية خلط الأوراق هي السائدة وسط مساعي التسوية حتى اللحظة الأخيرة، بعدما دخل الموفد الفرنسي جان إيف لودريان أيضا على خط المساعي.

انتخابات يتابعها اللبنانيون عبر شاشات التلفزة، وسط استمرار دورة الحياة اليومية، وفتح الأشغال والمؤسسات العامة والخاصة، ليقينهم أن اليوميات ضاغطة، خصوصا حياتيا، وان الوقت للعمل الفردي، في انتظار تحرك عجلة الدولة وانطلاق مؤسساتها. وهم يعولون على إنهاء الشغور في الموقع الدستوري- المؤسساتي الأول، عله يفتح الباب أمام نقاشات تؤدي إلى إحداث تغييرات أقرب إلى انفراجات في ملفات عدة، بينها ما يتعلق بودائعهم المحتجزة في المصارف، وصولا إلى إيجاد مؤسسات مالية ذات ثقة تستعيد تقديم تسليفات وغيرها وتحرك العجلة المالية الرسمية في البلاد.

في حين اكتفت قوى الأمن الداخلي باتخاذ إجراءات تتعلق بمنع وقوف السيارات في شارع المصارف المحاذي للمجلس النيابي. وخرج الناس من بيوتهم كالمعتاد عشية الانتخابات، وقصد بعضهم المجمعات التجارية والمطاعم والمقاهي، وإن كان حديث الانتخابات الرئاسية طغى على بقية الأمور.

وبين المرشحين الجديين اثنان من المؤسسة العسكرية التي لطالما شكلت موضع ثقة اللبنانيين والخارج. كذلك تتردد أسماء لخبراء ماليين حققوا نجاحات في مؤسسات دولية.

وعلى الرغم مما يتردد عن دعم دولي لهذا المرشح أو ذاك، فإن الرئيس الـ 14 للجمهورية سيكون «صناعة لبنانية»، خصوصا ما يتعلق بآلية انتخابه في البرلمان، لجهة عدم اتضاح الصورة، خلافا لما كانت عليه الأمور بعد 1970.

وقد تنتهي جلسة اليوم بانتخاب رئيس، من دون أن يتوجه الأخير بعدها إلى المجلس النيابي مباشرة، مؤثرا ترك مسافة فاصلة لعقد جلسة خاصة بأداء اليمين الدستورية وإلقاء خطاب القسم.

وتحدث مصدر سياسي رفيع عن اختلاف الأمور اليوم عما كانت عليه في 25 أيار 2008، يوم كانت الجلسة مخصصة لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان، بعد الاتفاق عليه في محادثات الدوحة للأفرقاء اللبنانيين. وبعدها توجه الرئيس المنتخب إلى مبنى البرلمان وأدى اليمين الدستورية، وتقبل التهاني وغادر إلى قصر بعبدا.

وفيما لم يلق الفريق الداعم لقائد الجيش العماد جوزف عون الراية انطلاقا من صعوبة الوصول إلى الرقم 86 الكفيل بإحداث تعديل دستوري يحتاج إليه القائد ليصبح رئيسا للجمهورية، أظهرت استطلاعات انتخابية انه سيحصل رقما متقدما يعطيه أكثرية من دون العبور إلى الإجماع الذي يعني تاليا تعديلا دستوريا.

ولفتت الأربعاء عودة الموفد السعودي إلى بيروت صاحب السمو الأمير يزيد بن فرحان، علما أن الموفد الفرنسي جان إيف لودريان عقد لقاءات مع عدد من الكتل النيابية ورؤساء الأحزاب.

وتخشى المعارضة أن يؤدي تركيزها على الخيار الأول، أي الاقتراع لقائد الجيش، إلى إفقادها الخيار الثاني والتسبب في شرذمة صفوفها، في مقابل تماسك تام من قبل «المحور» باتجاه واحد، وعلى مرشح واحد.

ودعا بعض نواب المعارضة في اتصالات اليوم الأخير إلى تبني مرشح، والعمل على تأمين الأصوات اللازمة له لتجنب ما تسميه المعارضة من «تهريبة» من قبل «الثنائي الشيعي» والحلفاء. وعقدوا للغاية مساء اجتماعا في مقر قيادة حزب «القوات اللبنانية» في معراب بكسروان. ويبقى الرهان على أصوات كتل الوسط ولمن ستعطي أصواتها في الدورة الثانية والدورات التالية.

وترى مصادر متابعة أن نواب الوسط إذا ما توحدوا في الدورة الأولى، فإنهم لن يكونوا متحدين في الدورات اللاحقة. وستكون الغلبة لمن يستطيع استقطاب أكبر عدد من أعضاء هذه الكتل إلى جانب مرشحه، وإن كان كثير من نواب الوسط يميلون إلى تأييد المرشح جهاد أزعور اذا تضاءلت فرص مرشحها.