واشنطن بوست- نقاش إيراني حول الردع النووي والمعارضة تأمل بتغير الأحوال
شارك هذا الخبر
Wednesday, December 18, 2024
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا لمديرة مكتبها في الخليج، سوزانا جورج، قالت فيه إن أسبوعا من الضربات الجوية الإسرائيلية على سوريا بعد سقوط بشار الأسد لم يؤد فقط إلى تدمير قدرات الجيش السوري لسنوات قادمة، بل أدى أيضا إلى سلخ طبقة أخرى من الدفاعات الإيرانية في المنطقة، مما جعل طهران أكثر عرضة للخطر مما كانت عليه منذ عقود، بحسب ما قاله الخبراء.
وتضيف أن ضعف إيران المتزايد، قد أثار حالة من الفزع في طهران ومخاوف من أن الصراع المتصاعد بشكل مطرد مع إسرائيل قد يدخل قريبا مرحلة أكثر خطورة. ويتحدث المؤيدون المتشددون للنظام بصراحة أكثر وبشكل متكرر، عن تبني الردع النووي لإحباط هجوم إسرائيلي محتمل. وبالمقابل، هناك أمل جديد داخل المعارضة المحاصرة في البلاد في أن يؤدي انهيار القوة الإيرانية في الخارج إلى تخفيف الحكم الاستبدادي في الداخل.
وقال أحد الناشطين من منطقة بلوشستان الإيرانية عبر الهاتف: “لقد قطعت أصابع الجمهورية الإسلامية وأصبحت أضعف”.
فبعد الإطاحة بالأسد من قبل المعارضة السورية والتي سبقها الرحيل المفاجئ للمستشارين الإيرانيين وانسحاب القوات الإقليمية المتحالفة، استغلت إسرائيل فراغ السلطة لتدمير كميات هائلة من البنية التحتية العسكرية السورية. ودمرت مئات الضربات الطائرات الحربية والمروحيات ومخابئ الأسلحة والجزء الأكبر من البحرية في البلاد.
وفي الوقت الذي بررت فيه إسرائيل الضربات بأنها محاولة لمنع وقوعها بأيدي “الإرهابيين” إلا أن المحللين يرون أنها محاولة لإضعاف إيران بشكل أكبر. ففي ظل حكم الأسد الذي دام عقودا من الزمان، قامت طهران بتعيين مسؤولين عسكريين في البلاد لدعم نظامه، وحماية الطرق البرية التي استخدمتها لإرسال الأسلحة وغيرها من الدعم لحزب الله في لبنان والوكلاء المسلحين في العراق.
قال يوروم شفايتزر، ضابط المخابرات الإسرائيلي السابق، عن حملة القصف في سوريا: “لقد كان الأمر أشبه بقناة الجذر [عملية في طب الأسنان]، إيران هي دائما جزء من الصورة”.
وقال شفايتزر إن أنظمة الرادار السابقة في سوريا كان من الممكن أن تزود إيران بتحذيرات مبكرة من هجوم إسرائيلي، في حين كانت دفاعاتها الجوية الروسية المتقدمة “عاملا مقيدا” لقدرة إسرائيل على المناورة في المنطقة، وفقا لغريغوري برو، محلل إيران في مجموعة أوراسيا.
وقال برو: “لدى إسرائيل الآن طريق سالك إلى إيران ومن المرجح أن تستمر في الحصول على ذلك في المستقبل المنظور”، موضحا أن إعادة بناء أو استبدال المعدات المدمرة قد يستغرق سنوات.
وحتى قبل الإطاحة بالأسد، كانت إسرائيل تقوم بحملة جوية سرية واسعة النطاق ضد الأصول الإيرانية في سوريا، حيث نفذت أكثر من 100 غارة جوية على الأراضي السورية منذ أكتوبر 2023 – معظمها غير معترف بها علنا – وفقا لإحصاء الأمم المتحدة.
ووجد تحليل لصحيفة واشنطن بوست لتقارير وسائل الإعلام الإيرانية وتصريحات من الحرس الثوري الإسلامي أن ما لا يقل عن 24 ضابطا من الحرس الثوري الإيراني قتلوا في سوريا على مدى الأشهر الـ 14 الماضية.
في 20 كانون الثاني/ يناير، قتل خمسة ضباط إيرانيين في ضربة على دمشق. وفي الأول من نيسان/ أبريل، قتل سبعة ضباط إيرانيين في ضربة على مبنى مجاور للسفارة الإيرانية في دمشق، مما دفع إيران إلى شن أول هجوم مباشر على الأراضي الإسرائيلية.
لقد شنت إيران هجومها المباشر الثاني على إسرائيل في تشرين الأول/ أكتوبر بعد سلسلة من الضربات المدمرة التي وجهتها لحليفها حزب الله، بما في ذلك الضربة الإسرائيلية التي قتلت زعيم الحزب حسن نصر الله.
وفي مواجهة الخسائر المتزايدة، بدأ الساسة الإيرانيون يتحدثون بصراحة أكبر عن إمكانية تطوير الأسلحة النووية كرادع للهجمات. وفي إعراب عن الأسف لسقوط الأسد، دعا أحد أعضاء البرلمان المتشددين، أحمد نادري، في منشور على موقع إكس في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، إيران إلى اختبار “قنبلة ذرية”.
وأشار تقرير استخباراتي أمريكي صدر هذا الشهر إلى النقاشات العامة في إيران، قائلا إنها تعكس “تصورا بأن إيران بحاجة إلى تصحيح خلل استراتيجي مع خصومها”، وأن موقف البلاد “يخاطر بتشجيع دعاة الأسلحة النووية داخل جهاز صنع القرار الإيراني”.
منذ العام الماضي، زادت إيران مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب، وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وكانت الإدارات الأمريكية حريصة على تجنب أي مواجهة مباشرة مع إيران، وحذر البيت الأبيض في عهد بايدن إسرائيل من ضرب المنشآت النووية أو النفطية في هجومها في تشرين الأول/ أكتوبر. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أشار إلى رغبته في الاستفادة من المكاسب ضد حماس وحزب الله ومواجهة طهران بشكل أكثر عدوانية في ظل إدارة أمريكية جديدة.
وفي رسالة موجهة إلى إيران وحزب الله، قال نتنياهو يوم الأحد إن إسرائيل “ستواصل العمل ضدكم كلما لزم الأمر، وفي أي ساحة وفي أي وقت”، وفقا لبيان صادر عن مكتبه بعد مكالمة هاتفية يوم السبت مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
في إيران، يراقب الناشطون الوضع عن كثب، على أمل أن تؤدي الأحداث في سوريا وفي جميع أنحاء المنطقة إلى تنشيط الحركة المناهضة للحكومات.
وظلت الشوارع هادئة إلى حد كبير منذ عام 2023، عندما قمعت الحكومة بعنف انتفاضة وطنية اندلعت بسبب وفاة فتاة كردية شابة أثناء احتجازها لدى الشرطة، والتي زعم أنها اعتقلت لانتهاك قواعد اللباس في البلاد للنساء. لكن النساء ظللن يتحدين الحجاب الإلزامي، الذي يظل رمزا للعديد من الإحباطات العميقة بسبب القمع الحكومي.