واشنطن وباريس تتريثان رئاسياً في لبنان.. ولفرنسا ثوابتها السورية .. - بقلم بشارة غانم البون

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, December 17, 2024

كتب بشارة غانم البون في موقع 180 post :

ما هي نظرة باريس إلى مستجدات الوضع في كل من لبنان وسوريا؟ وكيف ستتحرك العاصمة الفرنسية في اتجاه هذين البلدين والتي تربطها بهما علاقات قديمة وتاريخية وتعتبر أن لها فيهما مصالح عميقة ومتعددة؟ واكبت الأوساط الديبلوماسية الفرنسية المعنية بالملفين اللبناني والسوري مستجدات الأحداث المتسارعة في كل من لبنان وسوريا باهتمام كبير وبشعور مزدوج من “الارتياح المشوب بالحذر”، داعية إلى متابعة تطور الأوضاع فيهما بكثير من “العناية والدقة” لمعرفة لما ستؤول اليه المتغيرات داخلياً وخارجياً. سوريا.. 5 لاءات و5 نَعَم تصدّر الملف السوري في الأيام الأخيرة أولويات الديبلوماسية الفرنسية التي لم تخفِ ذهولها من عنصر المفاجأة في سرعة التحولات على الصعيدين العسكري والسياسي والتي أدت إلى انهيار النظام السوري والاطاحة برئيسه بشار الأسد. وهي رأت فيه “بارقة أمل” و”صفحة جديدة مفتوحة”. وأشارت الأوساط المعنية والمتابعة إلى أن ما يهم باريس هو وجود “مسار شفاف لانتقال سياسي سلمي” للسلطة على أن يتم بشكل “سلس ومنظم وشامل”. وتختصر مرتكزات الموقف الفرنسي بخمس لاءات وخمس نَعَم: لا للتجزئة، لا لعدم الاستقرار، لا للتفرد في السلطة، لا مكان للتطرف بكل أشكاله، لا لعودة الإرهاب بشتى تهديداته الخارجية. نعم لحماية المدنيين، نعم لصيانة الحقوق الأساسية للشعب السوري، نعم للحفاظ على الأقليات (الإثنية والدينية والعرقية والسياسية)، نعم لوحدة البلد وسيادته وسلامة أراضيه، نعم للمحافظة على مؤسسات الدولة. ولا تخفي هذه الاوساط أن الإدارة الفرنسية، مع ارتياحها الظاهر وترحيبها المعلن بسقوط “نظام الأسد القاتل والمجرم”، ينتابها شعورعميق بالقلق الشديد المشوب بالحذر واليقظة. وهي تدعو إلى “مراقبة دقيقة” لكل خطوة جديدة تقدم عليها السلطة الجديدة التي تقودها “هيئة تحرير الشام” بزعامة أحمد الشرع (الجولاني سابقاً)، وبالتالي ربط أي موقف مستقبلي منها إن لجهة الاعتراف السياسي والديبلوماسي أو لجهة تقديم الدعم والمساعدة في عملية إعادة الإعمار أو لجهة رفع العقوبات بتنفيذ التزاماتها واحترام مندرجات القرار الأممي 2254. صحيح أن واشنطن وباريس سبق أن دعتا إلى “الإسراع” في ملء الفراغ الرئاسي إلا أنهما تنصحان اليوم بـ”عدم التسرع”؛ ويعود هذا التطور إلى عاملين؛ الأول داخلي لبناني بحيث وصلت أصداء من بيروت عن محاولة عدد من الجهات “سلق” الطبخة الرئاسية لأجل حسابات شخصية وفئوية. الثاني خارجي، عبر الدعوة إلى التأني وانتظار اتضاح الصورة الإقليمية وقد قرّرت باريس التحرك في ثلاثة اتجاهات: ثنائي فرنسي – سوري، وعلى صعيد جماعي أوروبي (دول الإتحاد) وغربي (مجموعة الدول السبع)، وعلى صعيد إقليمي مع دول جوار سوريا. على الصعيد الأول، عزّزت فرنسا تواصلها مع المعارضة السورية (الدكتور بدر جاموس رئيس هيئة التفاوض السورية) وممثلين عن المجتمع المدني. كما أقدمت وزارة الخارجية على خطوة متقدمة تمثلت بارسال وفد يضم أربعة ديبلوماسيين فرنسيين إلى دمشق للاطلاع عن كثب وعلى الأرض على مجريات الامور واجراء الاتصالات اللازمة والنظر في كيفية تعزيز الدعم الإنساني إضافة إلى تقديم المساهمة في عملية الانتقال السلسة للسلطة. والملفت للإنتباه أن هذه الخطوة هي الأولى بعد قطيعة ديبلوماسية تعود إلى عام 2012. والجدير ذكره أنه تم رفع العلم الفرنسي اليوم (الثلاثاء) على مبنى السفارة الفرنسية في قلب دمشق. أما على الصعيد الأوروبي، فإن باريس تجهد في أن تتعامل دول الاتحاد مع المستجدات السورية من خلال تصور موحد ومشترك يعطي قوة دفع وثقلاً فعلياً لأي تحرك حيال النظام الجديد في دمشق. وعلى خط موازٍ، يجري التنسيق مع دول الجوار للإحاطة بالوضع السوري من مختلف جوانبه. وتنطلق باريس في تحركاتها المتعددة لمعالجة ما تسمى “مرحلة ما بعد بشار” من خلال ثلاثة هواجس: وقوع سوريا في حرب اقتتال داخلي جديدة وانتشار الفوضى وتفكك البلد؛ حصول سيناريو مشابه لما جرى في ليبيا وأفغانستان وتحكم المتطرفين في الداخل وتسربهم إلى الخارج؛ تفاقم أزمة هجرة اللاجئين السوريين وتدفقهم في اتجاه أوروبا. لذلك فإن هذه الأوساط تعتبر أن هذه المرحلة “دقيقة وصعبة وخطرة”. الرئاسة اللبنانية بين “الإسراع والتسرع”! وبالرغم من أن الحدث السوري تقدم في سلم أولويات المتابعة الديبلوماسية الفرنسية وسرق الأضواء الاعلامية، إلا أن الوضع اللبناني حافظ على حضوره، لكن الملاحظ أن مركز الاهتمام تباين بين الداخل والخارج. ففي وقت شهد الموضوع الرئاسي السياسي حراكاً داخلياً لبنانياً فإن الموضوع الجنوبي الأمني له الأولوية عند الدول الخارجية المعنية. وحسب هذه الأوساط، فإن الدولتين المعنيتيين بالوضع اللبناني، أي فرنسا والولايات المتحدة، مهتمتان بتفعيل آلية مراقبة التفاهم اللبناني – الإسرائيلي حول وقف الأعمال العدائية والعمل على احترامه من الجانبين، وهما تعتبران أن هناك ضرورة ملحة لتقيد الجانبين بالتزاماتهما والحؤول دون أي انتكاسة أمنية قد تحمل تفاعلات ومخاطر على الاستقرار اللبناني الهش. تكشف الأوساط الفرنسية أن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية سبق وأبلغ باريس بشأن استعداده للإنسحاب من المعركة الرئاسية وطرح اسم النائب اللبناني فريد هيكل الخازن، والملفت للانتباه في الأمر هو التوقيت. فقد وصلت رسالة فرنجية قبيل أيام كثيرة من سقوط النظام في سوريا وفي هذا الاطار، تُشدّد الأوساط على أهمية التنسيق الفرنسي – الأميركي (تواصل دائم وتشاور مستمر وتبادل زيارات بين المستشارين المعنيين)، ويبدو أن باريس وواشنطن تسعيان إلى تثبيت الوضع الأمني جنوباً وتنفيذ القرار 1701، والواضح أن هذا الأمر يتقدم على الموضوع الرئاسي.

صحيح أن واشنطن وباريس سبق أن دعتا إلى “الإسراع” في ملء الفراغ الرئاسي إلا أنهما تنصحان اليوم بـ”عدم التسرع”؛ ويعود هذا التطور إلى عاملين؛ الأول داخلي لبناني بحيث وصلت إلى العاصمتين الفرنسية والأميركية أصداء من بيروت عن محاولة عدد من الجهات “سلق” الطبخة الرئاسية لأجل حسابات شخصية ومصلحية فئوية. الثاني خارجي، عبر الدعوة إلى التأني وانتظار اتضاح الصورة الإقليمية لكي يُصار إلى انتخاب الشخصية الملائمة لمواكبة المرحلة السياسية الجديدة. أما بالنسبة إلى بورصة الأسماء المرشحة للاستحقاق الرئاسي، تتفادى هذه الأوساط الدخول في بازار التسميات، وتكشف أن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية سبق وأبلغ باريس بشأن استعداده للإنسحاب من المعركة الرئاسية وطرح اسم النائب اللبناني فريد هيكل الخازن، والملفت للانتباه في الأمر هو التوقيت. فقد وصلت رسالة فرنجية قبيل أيام كثيرة من سقوط النظام في سوريا. ولم تعلق الجهات المعنية على هذا الأمر في وقت شهدت فيه العاصمة الفرنسية تدفق عدد من الشخصيات السياسية اللبنانية وحركة اتصالات بادر إلى القيام بها عدد من المرشحين الرئاسيين وشملت مسؤولين فرنسيين وأميركيين! وفي هذا الإطار، تُشدّد الأوساط المتابعة للملف اللبناني على أن المهم أكثر من أي وقت مضى هي “الالتزامات” أكثر من “المواصفات” ويأتي في مقدمها “التعهد قولاً وفعلاً بالإشراف على تنفيذ مضمون التفاهم (حول القرار1701) بكامل تفاصيله ومندرجاته”، وانجاز “مرحلة استعادة السيادة”. كما تشير هذه الأوساط إلى ضرورة أن يوحي الرئيس العتيد بـ”الثقة” في الداخل اللبناني والمحيط الإقليمي والمجتمع الدولي وأن يتمتع بـ”ثقل” معنوي، ومن شأن هذه الثقة وهذا الثقل تشجيع فرقاء الداخل وجهات الخارج على الانخراط في عملية إعادة البناء وضمان ورشة الإصلاحات بطريقة تتم فيها عملية تحصين المرحلة الانتقالية التي تُهيىء لرسم معالم لبنان الجديد وتحفظ كينونته وسط المتغيرات المتسارعة من حوله.