الائتلاف السوري: نتطلع لحكومة تعزز دور المجالس المحلية وتعيد هيكلة الجيش
شارك هذا الخبر
Sunday, December 15, 2024
شدد رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية هادي البحرة، على تطلع الائتلاف إلى “حكومة انتقالية واحدة” تحكم كامل أراضي سوريا وفق آليات تعزز دور المجالس المحلية وتعيد هيكلة الجيش، عقب سقوط نظام الأسد “بلا رجعة”.
جاء ذلك في حوار خاص مع الأناضول تحدث فيه البحرة عن مستقبل المؤسسات السورية المعارضة، ومتطلبات المرحلة المقبلة وشكل الدولة الجديدة في فترة “ما بعد الأسد”.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، سيطرت الفصائل السورية على العاصمة دمشق وقبلها مدن أخرى، مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
مجالس محلية وهيكلة الجيش البحرة تحدث عن المرحلة الانتقالية قائلا: “لا بد من مشاركة الائتلاف والمؤسسات التابعة له أو الممثل فيها في قرارات وآليات العمل خلال المرحلة الانتقالية”.
وأوضح أن الائتلاف هو “الجهة السياسية المؤتمنة على تحقيق تطلعات الشعب السوري للعدالة والحرية والانتقال السياسي المفضي إلى جمهورية سورية مدنية ديمقراطية تعددية، وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 262/67”.
وأضاف: “هيئة التفاوض السورية هي الجسم الوظيفي المسؤول عن العمليات التفاوضية لتنفيذ القرار 2254”.
وشدد البحرة على أن الائتلاف “يتطلع إلى حكومة انتقالية واحدة تحكم كامل أراضي الدولة السورية، وفق آليات حوكمة تعزز دور المجالس المحلية بالمحافظات”.
كما يتطلع الائتلاف إلى “إعادة هيكلة الجيش لتنضوي فيه الفصائل العسكرية كافة”، وفق البحرة.
وأردف: “سنركز على تحقيق تطلعات ومطالب الشعب السوري، الحكومة ستكون بخدمة الشعب، لا العكس كما كانت في عهد حكم الأسد، ولن يتكرر حكم الفرد الواحد وستكون سوريا لكافة أبناء الشعب السوري”.
الضربة القاضية وبخصوص سقوط نظام الأسد، قال البحرة: “من بداية الثورة كنا واثقين من نهاية حكم الأسد، وأن تحقيق ذلك سيكون دربا شاقا وطويلا”.
وأضاف: “تسبّب الأسد بتدمير سوريا ومعاناة السوريين لنحو 14 عاما، ومئات آلاف من الضحايا، وبات نصف السوريين بين لاجئ ومهجر”.
وأوضح أن “الأسد لم يفهم أن كل ذلك أدى لإضعاف الدولة السورية ولإضعافه، ولم يستوعب أنه كان يسل الحبل حول رقبته بنفسه، كما أن إغلاقه لأبواب الحل السياسي وقتل أي فرصة أو مبادرة دولية للحل السلمي، زادت من إيمان الشعب بضرورة القيام بعملية عسكرية لإسقاطه بالقوة”.
وزاد: “لا شك أن فرار الأسد يعني انتهاء حكم آل الأسد إلى غير رجعة. هروب الأسد قبل أيام لم يكن نتاج العملية العسكرية فقط، وانما هو نتاج تراكم جهود قوى الثورة والمعارضة خلال الـ14 سنة الماضية”.
وتابع: “تلك الجهود أكسبت الثورة والأوضاع في سوريا ديناميكية ذاتية خارجة عن سيطرة أي طرف كان، حتى وصلت إلى حالة جهوزية سقوط النظام بضربة قاضية أدت إلى سقوطه المدوي عبر العملية العسكرية الأخيرة”.
وقال البحرة: “كنا نتمنى لو أن الأسد تنحى قبل ذلك، وجنب البلاد كل هذه الدماء والكوارث، لكنه وكعادته رفض الانصياع للعقل والمنطق”.
وأضاف: “نعيش حاليا مرحلة جديدة في سوريا، مرحلة الإعداد لبناء الدولة الديمقراطية الحرة التي تكون الكلمة الفصل فيها للشعب السوري الذي ناضل وضحى طوال تلك السنوات وأسقط نظام الأسد”.
مستقبل سوريا وعن المرحلة المقبلة في البلاد، قال البحرة إن “الفترة المقبلة لسوريا ذات أهمية كبيرة في تحديد مستقبل البلاد وتوجهاته، حيث أن إسقاط نظام الأسد لم يكن الهدف الأساسي للثورة، لكنه يعني إزالة الحاجز الذي كان يمنع الثورة من تحقيق أهدافها”.
وتابع: “أهداف الثورة تكمن في قدرتنا على استرداد حقوقنا الإنسانية والدستورية، وتحقيق العدالة والحرية والديموقراطية وتأسيس دولة ذات نظام سياسي تعددي قائم على أسس الديمقراطية وسيادة القوانين التي تكفل المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات لجميع أبناء الشعب السوري”.
واعتبر رئيس “الائتلاف السوري” أن “سياسات الإقصاء والتمييز والاستبداد والظلم التي كان يمارسها نظام الأسد انتهت إلى غير رجعة”.
وقال البحرة: “نتطلع في المرحلة القادمة لتحقيق الأمن والاستقرار لتأسيس حكم رشيد مبني على الشفافية والمساءلة والمحاسبة”.
“كما نتطلع إلى التركيز على إعادة الإعمار وتحقيق المصالحة الوطنية، وتهيئة البيئة القانونية المشجعة على الاستثمار الوطني والأجنبي، وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة وإصلاحها، لخلق فرص عمل وتحسين مستوى دخل المواطنين”، أضاف البحرة.
وأكد أن الائتلاف “سيمضي في مكافحة التطرف والإرهاب، ولن يكون على أراضي سوريا أي وجود للتنظيمات المتطرفة والارهابية الأجنبية التي تشكل تهديدا للأمن الوطني أو لأمن الإقليم، إضافة إلى منع أسلحة الدمار الشامل، بما فيها الأسلحة الكيميائية”.
وفيما يخص مستقبل الائتلاف، قال البحرة إن “أعضاء الائتلاف ينفذون مهامهم في دمشق منذ بداية تحريرها، أما بالنسبة لمقرنا الرئيسي فلا شك أنه سيكون في دمشق، ونقوم حاليا بالتحضيرات اللوجستية للانتقال إليه”.
المرحلة الانتقالية وأكد البحرة أن “عملية الانتقال السياسي من النظام الديكتاتوري إلى النظام الديمقراطي، لا يمكن ضمان سيرها وحسن تنفيذها إلا عبر القرارات الدولية، ولاسيما القرارين 2118 (2013) و2254 (2015) الصادرين عن مجلس الأمن المتضمنان بيان جنيف”.
وانضم النظام السوري في 13 سبتمبر/ أيلول 2013 إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، وفي نفس الشهر اعتمد مجلس الأمن الدولي قراره رقم 2118 الخاص بالأسلحة الكيميائية السورية، بعد ارتكاب قوات الأسد في الغوطة الشرقية في 21 أغسطس/ آب 2013 مجزرة بأسلحة كيماوية أسفرت عن مقتل أكثر من 1400 مدني.
والقرار 2254 أصدره مجلس الأمن عام 2015، ويعرب عن الدعم لعملية سياسية تيسرها الأمم المتحدة في سوريا بقيادة سورية، وتقيم حكما ذا مصداقية يشمل الجميع، ولا يقوم على الطائفية، ويحدد جدولا زمنيا وعملية لصياغة دستور جديد.
وأشار البحرة إلى أنه “بسقوط النظام، سقط أحد طرفي التفاوض، وبالتالي بات على كاهل المعارضة تشكيل الحكومة الانتقالية ومؤسسات وهيئات الحكم الانتقالي وفق المحددات والمعايير المذكورة في تلك القرارات، حيث يجب أن تحقق ثلاثة معايير هي الشمولية والمصداقية واللاطائفية”.
وتابع: “القرار 2254 حدد جدولا زمنيا للمرحلة الانتقالية بثمانية عشر شهرا، يتوجب خلالها صياغة مشروع دستور جديد من قبل لجنة متخصصة وممثلين عن أصحاب المصالح من مكونات وأطياف الشعب السوري، بحيث تشكل تلك اللجنة من قبل جمعية تأسيسية تكون هي مرجعيتها”.
وشدد على أهمية تشكيل سلطة تشريعية ورقابية على أعمال الحكومة الانتقالية التي تمثل السلطة التنفيذية، والتي يضطلع بها تسيير أعمال الدولة وتحقيق بيئة آمنة ومحايدة تمهد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة”.
وأوضح البحرة أن الفترة الانتقالية تشمل أيضا “الاستفتاء على الدستور الجديد، ثم إجراء انتخابات رئاسية أو برلمانية، وفق ما سيحدده الدستور الجديد”.
وأكد أن “معايير وضوابط المرحلة الانتقالية لا يمكن ضمانها إلا عبر تنفيذ قرارات مجلس الأمن التي تشكل ضمانة لتحقيق تطلعات الشعب السوري”.
احتياجات المرحلة وردا على سؤال حول احتياجات المرحلة المقبلة، أجاب البحرة أن “الاحتياجات الأساسية في الفترة الحالية هي ضمان استمرار المعونات الإنسانية، ورفع مستويات مشاريع التعافي المبكر، والبدء بمشاريع إعادة الإعمار”.
وشدد على أن المرحلة تقتضي “إلغاء العقوبات المفروضة على مؤسسات الدولة في مختلف القطاعات، ما عدا العقوبات المفروضة على الأشخاص”.
وأضاف: “كما يقتضي استمرار رعاية الأمم المتحدة وتيسيرها للمرحلة الانتقالية، ومتابعة جدولها الزمني للتأكد من عدم خروجها عن المعايير المحددة بالقرار الأممي”.
وزاد: “زمن الحرب انتهى والآن وقت البناء وإعادة الإعمار”.
وأكد البحرة أن “تحقيق العدالة والمحاسبة هما مطلبان رئيسيان للسوريين، ولن يكون هناك تهاون مع كل الضالعين في جريمة بحق السوريين وثبت عليهم ذلك”.
وأوضح أن “محاسبة المجرمين يجب أن تتم ضمن القانون وعبر المحاكم، حيث شددنا على تجريم حالات الثأر، وسنساهم بالدفع نحو تشكيل هيئة مستقلة للعدالة الانتقالية تساهم في أعمالها المنظمات الحقوقية والسلطة القضائية”.
وختم بالقول: “نريد أن تكون سوريا رائدة في صناعة السلام وإنهاء الحروب، وسنعمل على كسب الأصدقاء لا صناعة الأعداء، وستكون علاقاتنا مع دول الإقليم والعالم مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون من أجل ازدهار شعوب المنطقة، كما سنلتزم بالمعاهدات والاتفاقيات والعهود الدولية”.
وحكم بشار الأسد سوريا 24 سنة؛ منذ يوليو/ تموز 2000 خلفا لوالده حافظ الأسد (1970-2000)، وفرّ من البلاد هو وعائلته إلى روسيا، التي منحته اللجوء لما اعتبرتها “أسبابا إنسانية”.