معركة عبرا: صراع الحقائق وتحديات العدالة- بقلم طارق أبو زينب
شارك هذا الخبر
Friday, December 13, 2024
شهدت بلدة عبرا في صيدا عام 2013 مواجهة دموية بين أنصار الشيخ أحمد الأسير، الذي كان من الداعمين للثورة السورية، والجيش اللبناني، مما أسفر عن سقوط العديد من الضحايا واعتقال العشرات.
تُعتبر هذه المواجهة بمثابة معركة على سردية الحقيقة، ومحاولة لقمع الأصوات المعارضة لـ "حزب الله" والنظام السوري السابق. وقد أثار تدخل "حزب الله" في القتال جدلاً واسعاً، خاصة في ظل غياب الشفافية بشأن مجريات الأحداث وتوجهات الدولة في التعامل معها. ومع سقوط النظام السوري، وإدانة المفوضية العامة للأمم المتحدة محاكمة الشيخ الأسير، تساؤلات حول الأهداف الحقيقية والدوافع التي تقف وراء هذه المعركة.
خلفيات وأحداث المعركة
وفقاً لشهادات شهود عيان ووثائق قدّمها المحامي محمد صبلوح، اندلعت الاشتباكات في لحظة كان عدد من شباب المسجد مجتمعين مع عناصر الجيش للتفاهم بشأن تراجع لحاجز أمني قريب من مدخل المسجد، لتسهيل حركة المصلين فبدأ إطلاق نار كثيف من شقق يستأجرها عناصر من "حزب الله"، وفق الشهادات، ما أدى إلى تصعيد فوري للأحداث.
يشير المحامي صبلوح إلى أن هناك "طرفاً ثالثاً"، متمثلاً في عناصر "حزب اللّه" وسرايا المقاومة، ساهم بشكل مباشر في تفجير الأوضاع بين الجيش وشباب المسجد. كما أظهرت صور وفيديوات متداولة وشهادات أخرى مشاركة عناصر "الحزب" وسرايا المقاومة في إطلاق النار. ورغم تقديم فريق الدفاع عن الشيخ أحمد الأسير الحسيني أدلة ووثائق، لم تؤخذ بعين الاعتبار في التحقيقات،إلا أن تم تجاهلها .
بحسب صبلوح، القضية تعكس سيطرة فريق سياسي معين على مجريات التحقيق، ما أدى إلى إصدار أحكام وصفها بـ “الجائرة” بحق الأسير وشباب المسجد. في 28 سبتمبر/أيلول 2017، حكمت المحكمة العسكرية بالإعدام على الأسير، وسط انتقادات واسعة من المنظمات الحقوقية .
إدانة أممية لمحاكمة غير عادلة
أدانت المفوضية العامة للأمم المتحدة محاكمة الشيخ الأسير ووصفتها بأنها "غير قانونية"، مشيرة إلى تعرضه للتعذيب الممنهج وإجباره على توقيع إفادة من دون قراءتها. كما أشارت المفوضية إلى انتهاك حق الأسير في الحصول على محاكمة عادلة، حيث تم استبعاد فريق الدفاع عنه وتعيين محامٍ عسكري بديل. ونتيجة لذلك، طالبت المفوضية بإلغاء حكم الإعدام وإعادة المحاكمة بما يتوافق مع المعايير الدولية.
الحقيقة المغيبة في صراع الهيمنة والعدالة
صرّح الصحافي طوني بولس أن معركة عبرا كانت مخططاً مدبراً من "حزب الله" للإيقاع بالأسير وشباب مسجد بلال بن رباح، الذين رفعوا صوتهم ضد مظلومية الشعب السوري وانتقدوا سياسات "الحزب" في لبنان وتدخله في سوريا. وأكد بولس أن "حزب الله" شارك بشكل مباشر في المعركة، وفقاً لشهادات سكان عبرا والصور والفيديوات التي تثبت إطلاق عناصره النار من شقق مواجهة للمسجد.
وأشار بولس إلى أن تجاهل المحكمة العسكرية الأدلة وعدم استدعاء عناصر "حزب الله"، يعكسان طبيعة المحاكمات السياسية التي استهدفت من رفع الصوت ضد هيمنة "الحزب". ودعا بولس إلى تحقيق العدالة لإعادة اللحمة بين اللبنانيين وتوحيد الصفوف في مواجهة التحديات.
عبرا جرح مفتوح
لا تزال قضية عبرا جرحاً مفتوحاً في المجتمع اللبناني، خاصة بين أهالي الضحايا والطائفة السنية، التي ترى أنها مستهدفة. ويعتبر الناشط في قضية عبرا خالد البوبو أن غياب العدالة يعمّق الشعور بالمظلومية، مطالباً بإعادة النظر في القضية وضمان تحقيق العدالة.
وأشار البوبو إلى أن هذه القضية ليست حادثة عابرة، بل تكشف عن التحديات التي تواجه القضاء اللبناني في ظل النفوذ السياسي والطائفي. وأشار إلى ضرورة إنهاء النفوذ السياسي الذي يقوّض العدالة والعمل على تهدئة الأجواء في لبنان، بما يتماشى مع التحديات الكبرى التي تواجه البلاد .
تهديدات واضطهاد
ووفقاً لمصادر خاصة من المعارضة السورية، يعاني مؤيدو الثورة السورية في لبنان من تهديدات متواصلة وبحسب المعارضة، تم استغلال قضية عبرا لتعزيز سيطرة بعض الأطراف على الساحة اللبنانية، مما زاد من تعقيد العلاقات بين المكونات الطائفية المختلفة في لبنان، مؤكدة على أهمية تحقيق العدالة ورفع الظلم الناتج عن الأحداث السابقة التي تظل دوافعها وأسبابها السياسية واضحة .