خاص- ترامب "صقر سلام " لتحقيق التطبيع مقابل الدولتين.. قبل تحوّله "كاسرًا "لتطويق الصين..! - سيمون أبو فاضل
شارك هذا الخبر
Sunday, November 10, 2024
خاص - "الكلمة أونلاين"
سيمون أبو فاضل
فجر يوم الأحد الواقع في الثالث من شهر تشرين الثاني الحالي، أعلنت القيادة المركزية في الجيش الاميركي وصول قاذفات "B52" لمنطقة عملياتها في منطقة الشرق الأوسط . لم تعلن القيادة يومها أن هذه الطائرات التي كان أعلن عن إرسالها قبل يومين هي إلى إحدى قواعدها ، بل حدّدت بأنها وصلت الى منطقة عملياتها، بما يعني أن القوات الأميركية في المنطقة تنفذ عمليات وهو أمر واضح بشكل جلي إثر ضرباتها على أذرع إيران في كل من اليمن والعراق وسوريا، في موازاة دخولها على خط صد الصواريخ الإيرانية عن إسرائيل.
قرار إرسال هذا السرب من القاذفات الضّخمة والفعّالة، أتى بُعيد اجتماع رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتانياهو، بالموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين ومنسق البيت الابيض لشوون الشرق الأوسط بريت ماكغورك يوم الخميس في الأول من الشهر الحالي، حيث سمعا منه على ما تسرّب في الاعلام الأميركي، أنه مقتنعٌ بضرورة تحجيم إيران وفق قاعدة "ضرب الرأس يعطل الأذرع" وأنه لا بد من هذه الخطوة .
رسم نتانياهو مسارين لضرب إيران، الأول إذا ما انتخبت كاميلا هاريس معنى ذلك أن إدارتها ستعمل على تطويقه، ولذلك عليه أن يعمد في الأيام الأولى بعيد فوزها الى قصف إيران وتعطيل مقوماتها العسكرية والنووية وشل قدراتها وتعطيل أذرعها، والمسار الثاني في حال فوز دونالد ترامب وهو مقتبس من روحية الأول، مع ربطه خطوته بعملية سلام في المنطقة، أي يقدم على الضربة ذاتها لإيران وأذرعها لتأتي طهران ضعيفة سياسيًا الى التفاوض المقبل مع الإدارة الأميركية برئاسة ترامب، لكنه في ظل ترامب قد يكتسب وقتًا أطول، أي حتى دخوله البيت الابيض مع امتلاكه هامشًا أوسع في قوة الضربة، سيما أن مايك ايفانز مستشار ترامب كشف عن ترحيب الأخير بعملية ضرب إيران..
ولأن الموفدين هوكشتين وماكغوك نقلا على نار حامية حماسة وجدية نتانياهو لضرب إيران وفق ما أعلن أعضاء من إدارة الرئيس جو بايدن، كان القرار بضرورة الحد من نتائج الرد الإيراني وتعطيله وصولا حتى دخول واشنطن بقوة الحرب من بكافة ترسانتها فكان القرار العسكري بارسال قاذفات B52 إلى "مسرح العمليات " في الشرق الأوسط لحماية إسرائيل وتهديد إيران بأن قصفها هذه المرة لن يمر دون انخراط أميركي واسع الى جانب تل أبيب لان بنى على عدة أصعد ستدمر بقوة.
ولأن ترامب أفهم نتانياهو، أنه لا يريد استمرار الحرب بعد دخوله البيت الابيض في ٢٠ كانون الثاني من العام ٢٠٢٥، فقد بات على نتانياهو الإسراع في "تصفية ذمته" من طهران في ٢٠ كانون وفق كلام علني لمقربين له، وتحضّر لذلك شكليًا بإقالة وزير الدفاع يؤاف غالنت ليأتي بخليفته يسرائيل كاتس نظرًا لسهولة التعاطي معه وتغطيته عملية قصف إيران..
يريد ترامب أن يدخل الى قضايا الشرق الأوسط الساخنة والدموية على أنه صقر سلام، يرفض الحروب في كل بقاع الأرض، وهو سيبني تعاطيه مع الفرقاء انطلاقًا من استكمال عمليات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، في موازاة موقف عربي - إسلامي واسع يُستكمل تصاعديًا لتكون توصياته خريطة طريق إذا أمكن أمام ترامب بانتهاء القمة الاسلامية العربية التي تعقد في السعودية وصدور مقرراتها، بعدما كانت سبقتها منذ نحو أسبوعين قمة دعم خيار الدولتين في مؤتمر الرياض لهذه الغاية واندفاع ترامب لرسم مسودة تفاهمات لسلام إذا تمكن مع رغبته بتوسيع التطبيع مع إسرائيل، تكمن لحماسته للتوجه لمواجهة الصين وتطويقها اقتصاديًا انطلاقًا من قلقه لتمدّدها من منظاره كرجل أعمال، إضافة الى أن رئيسها شي جين بينغ أبلغ وجها لوجه بمنطق التحدي نظيره الاميركي جو بايدن في قمة سان فرانسيسكو العام الماضي بأن الصين ستعمل على استرداد تايوان سلميًا او عسكريًا، بما يضاعف التحدي أمام ترامب الرافض للحروب لمعالجة هذه الازمة.
إنما رغبة ترامب بتوسيع التطبيع مع إسرائيل بعد الاحتضان المميز الذي مارسه سابقًا وقد يمارسه حاليًا معها، يقابله مطلب عربي واسع بالاعتراف للفلسطينيين بدولتهم التي تعقد موتمرات إسلامية عربية لدعمها، في ظل إعلان رئيس القمة أنه منذ سنة حتى حينه توسع التجاوب مع المطالبة بدولة فلسطينية معززًا بدعم دولي وإذا كانت دولة الإمارات العربية عقدت الاتفاق الابراهيمي وكذلك طبعت البحرين، ومصر وقعت اتفاقية كامب ديفيد والاردن وادي عربة، وقطر علاقتها مد وجزر نتيجة تجاوزات إسرائيلية معها، فإن الموقف السعودي من التطبيع بات محط الأنظار ، سيما أن ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان حدد شرطه من التطبيع معززًا بمواقف إسلامية عربية، وعلى أن يكون مبنيًا على عدالة تجاه الشعب الفلسطيني وحقه في دولته، وهو قادر أن يشكل من موقعه العربي - الإسلامي ورقة ضاغطة، لكون من يعمد على خطوة التطبيع لتأمين دولة للفلسطينيين وتصفير الخلافات وإنهاء الحروب يمتلك أوراقًا تدفع تل أبيب نحو الطراوة في مواقفها، سيما أن المنطقة أمام مشاريع كبرى لصالح تنمية شعوبها كما أعلن بن سلمان لدى افتتاح الطريق التجاري من الصين إلى أوروبا.
إذًا المنطقة تنتظر ما سيقدم عليه نتانياهو من عمل عسكري ليس خفيًا على إيران في حد ذاتها، التي تطلب من دول الجوار كالعراق عدم السماح باستعمال أجوائها أي أن استقدام قاذفات B52 حصل لتشارك في أعمال عسكرية ضد إيران التي ستنضم الى المؤتمر الاقليمي لكن من موقع ضعيف ودون أذرع عسكرية بل لديها قوى سياسية حليفة لها في عدة دول مقابل استمرارية نظامها الذي لا يريد ترامب إسقاطه حتى الان بقدر ما يريده منتظمًا ومنتجًا ..
لذلك من غير المستبعد أن تربط إسرائيل خطواتها المستقبلية تجاه لبنان وفق دبلوماسي في طاقم سفارة غربية، باتفاقية سلام مع لبنان من أجل إنهاء حربها معه ويبقى ملف عدم إعادة أهالي الجنوب وإعماره مرتبطًا بهذه الخطوة في ظل مناخ دولي جديد وتوازنات إقليمية دولية تتخطى نتائج العمليات البرية المحدودة التي رسمتها إسرائيل لقواتها وللبنان ..