أوبزيرفر- المواجهة السرية بين إيران وإسرائيل خرجت إلى العلن وأصبحت عادية

  • شارك هذا الخبر
Sunday, October 27, 2024

قال المعلق في صحيفة “أوبزيرفر” سايمون تيسدال، إن حرب الظل بين إيران وإسرائيل خرجت إلى العلن، وهي في تصاعد مستمر حتى يتم حل الجذور الرئيسية للصراع بينهما.

وقال الكاتب إن إيران وإسرائيل خاضتا حربا بالوكالة حيث اعتمدتا على قوى وكيلة لهما بالمنطقة، إضافة إلى الاغتيالات والجواسيس والوسائل الهجينة السرية.

وقد أصبحت الحرب الصامتة وغير المعلنة، علنية الآن. بل تحولت إلى مواجهة مباشرة وصاخبة وهي في تصاعد، ولا يوجد أي إشارة على انخفاض وتيرتها.

ولا يعتقد الكاتب أن الغارات الجوية الثلاث على طهران ومناطق أخرى في إيران صباح السبت هي عبارة عن حرب شاملة. وقبل هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كان من الصعب تخيل مواجهة عسكرية تستهدف أراضي إيران وإسرائيل، لأن الأمر كان يبدو خطيرا، أما الآن فقد بات طبيعيا، ذلك أن إيران دعمت ومنذ الثورة الإسلامية الحقوق الفلسطينية، وقامت بإنشاء “حلقة النار” و”محور المقاومة” الذي ضم حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والجماعات المسلحة في العراق وسوريا إلى جانب الإسلاميين السنة مثل حماس.

إلا أن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة والتي يقودها بنيامين نتنياهو قامت بتوسيع حرب غزة وربما عن قصد لضرب الجماعات هذه وإيران نفسها.

ولطالما رأى نتنياهو في حزب الله والبرنامج النووي الإيراني تهديدا وجوديا لإسرائيل. ولذلك أراد عمل شيء. ففي الأول من نيسان/ أبريل هذا العام، استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق مما أدى لمقتل جنرالين بارزين في الحرس الثوري، زعم أنهما خططا لهجمات.

وردّت إيران الغاضبة في 13 نيسان/ أبريل، بأول هجوم عسكري مباشر ضد إسرائيل. ومن هنا فقد كسر التابو. وردت إسرائيل لاحقا بطريقة ما، ولكن أيا من الطرفين لم يتسبب بضرر مقصود. لكن الهدوء لم يستمر. وقامت إسرائيل بعمليتي اغتيال ضد إيران وهما مقتل رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية بطهران، وحسن نصر الله، الأمين العام لـ”حزب الله”، وهو ما شكّل إهانة وضربة لإيران. وكان المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي صديقا لنصر الله، وقيل إنه حزن كثيرا.

واعتبر خامنئي أن مقتل هنية على التراب الإيراني إهانة لا يمكن أن تمر بدون عقاب. ولهذا شنت إيران في 1 تشرين الأول/ أكتوبر هجومها الثاني ضد إسرائيل. وهو الهجوم الذي ردت عليه إسرائيل يوم السبت بعد ثلاثة أسابيع من التكهنات في المنطقة حول طبيعة الرد.

وقد شهدت القيادة الإسرائيلية خلافات حول طبيعة الرد والأهداف، حيث طالب الصقور نتنياهو بانتهاز الفرصة وضرب المفاعلات النووية الإيرانية، بل واستهداف خامنئي والقادة الكبار في إيران.

ويرى الكاتب أن اقتصار إسرائيل على ضرب المواقع العسكرية الإيرانية وعدم التسبب بضحايا مدنيين كان بمثابة انتصار للدبلوماسية الأمريكية. فقد ضغط الرئيس جو بايدن في أحاديثه مع نتنياهو، وطلب منه تجنب التصعيد الذي قد يخرج عن السيطرة. وأرسل وزير خارجيته أنطوني بلينكن إلى إسرائيل للتأكيد على الرسالة.

ويبدو أن بايدن قد انتصر هذه المرة، وهو المثال الأول منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حيث ظل نتنياهو يخالف مطالب الإدارة الأمريكية ونصائحها حول إدارة الحرب في غزة. لكن انضباط نتنياهو في الرد هذه المرة جاء بشرط أنه سيضرب المنشآت النووية الإيرانية والمؤسسات الحيوية في حال ردّت طهران.

وربما يكون نظام إيران الدفاعي المدمر الآن غير قادر على مواجهة هجمات في المستقبل. ولمعرفة الأمريكيين أن الأمر قد يخرج عن السيطرة، فقد كان الرسالة من البنتاغون واضحة: لا تفكروا حتى بالرد وتوقفوا وكفوا، ارسموا خطا فاصلا. وقد كرر كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني، نفس الرسالة، في حديثه بقمة الكومنولث في ساموا.

وقال ستارمر: “أنا واضح بأن إسرائيل لها الحق بالدفاع عن نفسها ضد العدوان الإيراني، ولكنني واضح أيضا بضرورة تجنب مزيد من التصعيد الإقليمي، وأحث كل الأطراف لإظهار ضبط النفس، ويجب على إيران ألا ترد”، و”سنواصل العمل مع الحلفاء لخفض التوتر”.

وقبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي يزعم المرشح الجمهوري دونالد ترامب أن بايدن وتلميذته كامالا هاريس فشلا بالسيطرة فيها على الأزمة، تحتاج الإدارة وبشكل يائس إلى تهدئة الأوضاع، ولهذا السبب أكد البنتاغون على عدم علاقته أو مشاركته بالهجمات ضد إيران. وتشير المؤشرات الأولية إلى أن إيران قد فهمت الرسالة، وهي تميل إلى التقليل من أهمية هذه الجولة الأخيرة من الأعمال العدائية، وأنها لن ترد بإطلاق النار على الفور. لكن لا يوجد نقص في الصقور بطهران أيضا، وهم سيضغطون من أجل اتخاذ إجراءات أكثر صرامة.

وكما كشفت رحلة بلينكن الأخيرة والفاشلة من أجل استئناف محادثات وقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين هناك، فجذور النزاع والعداء المستحكم والعنف وعدم الاستقرار المزمن لم تحل بشكل جوهري. وحتى مع تبادل الضربات بين إسرائيل وإيران، حتى الآن بيد مقيدة خلف ظهريهما، تستمر المأساة الإنسانية المروعة في غزة دون رادع. والأسوأ من ذلك، أنها تُدفع بعيدا عن عناوين الأخبار.

ومع ذلك، ما لم يتم وقف الحرب في غزة وحل القضية الفلسطينية الأوسع نطاقا، فلن يكون الأمر سوى مسألة وقت قبل أن تنفجر الجولة التالية الأكثر خطورة من القتال المباشر بين إسرائيل وإيران في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.


القدس العربي