فورين أفيرز- الاضطرابات الإقليمية تدفع إيران لتسريع برنامجها النووي

  • شارك هذا الخبر
Thursday, October 17, 2024

قال كارول إي. بي. تشوكسي وجامشيد كاي. تشوكسي، وهما محللان للاستخبارات الاستراتيجية، إن عدم الاستقرار الإقليمي الأخير في منطقة الشرق الأوسط يزيد بشكل كبير من احتمالية سعي إيران للحصول على أسلحة نووية.

وحافظت إيران على الدوام على "وضع العتبة النووية"، بمعنى أكثر تحديداً قدرتها على إنتاج الأسلحة النووية دون القيام بذلك بالفعل.

وأعطى هذا الموقف إيران نفوذاً دبلوماسياً دون إثارة ردود الفعل الدولية التي من المرجح أن يؤدي إليها التسليح الصريح.

ومع ذلك، يرى الكاتبان في مقال مشترك بموقع مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أن هذه الاستراتيجية تخضع لتحول الآن بسبب التهديدات المتزايدة من إسرائيل والولايات المتحدة وعدم الاستقرار المحلي المتزايد.


ولفت الكاتبان النظر إلى الأحداث التي أدت إلى هذا التحول الحاسم، مع التركيز بشكل خاص على عواقب هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل.

وأثار الهجوم سلسلة من الأحداث التي دفعت إسرائيل للانتقام من الحركة، فضلاً عن وكلاء إيران الإقليميين، مثل حزب الله، مما قلل من نفوذ إيران في هذه المناطق.

بالإضافة إلى ذلك، زادت الضربات الإسرائيلية على القادة العسكريين والعلماء والبنية التحتية الاستراتيجية الإيرانية في شدتها، مما جعل الصراع أقرب إلى حدود طهران.

صدمة في إيران
وأحدث اغتيال شخصيات مثل رئيس المكتب السياسي "حماس" إسماعيل هنية، والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، موجة من الصدمة في المؤسسة السياسية والعسكرية الإيرانية، مما تسبب بتزايد المخاوف بشأن سلامة قيادة النظام.

ورداً على ذلك، ضاعفت إيران هجماتها الصاروخية وتهديداتها العلنية ضد إسرائيل والولايات المتحدة، مما يشير إلى موقف أكثر عدوانية.

وأوضح الكاتبان أن هذه التطورات أدت إلى مخاوف كثيرة لدى النظام الإيراني، وهو ما قد يدفعه إلى التخلي عن استراتيجية العتبة وتطوير الأسلحة النووية بشكل كامل لتأمين بقائه في الحكم.

وزاد الباحثان أنه من العوامل الرئيسية التي تحفز هذا التحول عدم الاستقرار الداخلي في إيران، إذ كان الاستياء الشعبي قضية مهمة بالنسبة للنظام لسنوات، وتفاقم بسبب المصاعب الاقتصادية والتضخم والفساد والاضطرابات الاجتماعية.

تحول في الرأي العام الإيراني
وأشار الكاتبان إلى أنه مع تزايد عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، تحول الرأي العام في إيران أيضاً، فبينما عارضت أغلبية الإيرانيين تاريخياً الأسلحة النووية، تظهر الاستطلاعات أن عدداً متزايداً من الإيرانيين ــ نحو 70% وفقاً لاستطلاع حديث أجرته مؤسسة "إيران بول" ــ يؤيدون حيازة الأسلحة النووية.

وهذا تغيير صارخ مدفوع جزئياً بتصور مفاده أن الترسانة النووية قد تحمي إيران من التهديدات الخارجية.
علاوة على ذلك، يضيف الكاتبان أن القيادة الإيرانية الحالية تؤطر القضية النووية بوصفها مسألة تتعلق بالبقاء.

دور الصين وروسيا
وهناك نقطة حاسمة أخرى أثارها الكاتبان وهي الدور المحتمل للجهات الفاعلة الخارجية مثل الصين وروسيا في هذه العملية.

وتحالفت إيران بشكل متزايد مع الدولتين، وحصلت على شراكات اقتصادية واستراتيجية من خلال مؤسسات مثل منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة البريكس.

ويمكن لهذه التحالفات أن تحمي إيران من العقوبات الدولية أو غيرها من التدابير العقابية إذا قررت السعي للحصول على الأسلحة النووية علانية.

وهناك مخاوف من أن موسكو، في مقابل الدعم الإيراني لها في حربها في أوكرانيا، قد تزود طهران بالتكنولوجيا التي يمكن أن تسرع طموحاتها النووية.

البرنامج النووي والسيطرة الداخلية
وفي هذا السياق، يقول الكاتبان إن قادة إيران لا يرون الأسلحة النووية مجرد رادع ضد العدوان الأجنبي بل كأداة حيوية للحفاظ على السيطرة الداخلية في حالة حدوث أي احتجاجات محلية أمام الانهيار الاقتصادي.

ويعقد الكاتبان مقارنة مع كوريا الشمالية، التي ساعدت تجاربها النووية في عامي 2006 و2009 في تعزيز قوة النظام وردع التدخل الأجنبي.

وشدد الكاتبان على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي على جميع الخيارات للحيلولة دون عبور إيران العتبة النووية، وتم تقويض الاتفاق النووي لعام 2015، الذي سعى إلى الحد من قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم في مقابل تخفيف العقوبات، بسبب الانسحاب الأمريكي وعدم امتثال إيران.

الاستعداد للنووي الإيراني
وأدت الاغتيالات المستهدفة وأعمال التخريب الإسرائيلية إلى إبطاء التقدم النووي الإيراني لكنها لم توقفه.

ووفقاً لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، فإن الجدول الزمني لإيران لإنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي أصبح الآن مسألة أسابيع، وليس أشهراً أو سنوات.

ووفق الكاتبَين، فإن المسار الحالي يشير إلى أن إيران ستصبح دولة مسلحة نووياً في المستقبل القريب، ويبدو أن قيادة البلاد، التي تحركها التهديدات الخارجية وعدم الاستقرار الداخلي، أكثر ميلاً من أي وقت مضى إلى اتباع هذا المسار.

وأكد الكاتبان ضرورة أن يستعد العالم، وخاصة القوى الغربية مثل الولايات المتحدة وإسرائيل، لعواقب هذا التحول، فإيران لم تعد تكتفي بالخداع من خلال المناورة بقدراتها النووية، بل إنها تقترب بسرعة من نقطة اللاعودة.


24.AE