"الموارنة والسنة والشيعة والمعادلة الوطنية"- بقلم سعيد غريّب
شارك هذا الخبر
Thursday, October 10, 2024
تساوت الطائفية السياسية بمكوّناتها الثلاثة ولم يعد ثمة مجال للاستقواء داخليا في ما بينها، وبات الحديث عن مقاربة وطنية شاملة لوضع لبنان أقرب الى الواقع. ففي قراءة لتسلسل الأحداث يجدر التوقف عند الوقائع الثلاثة الآتية: في الرابع عشر من ايلول 1982، أطلقت النار على رئيس الجمهورية الشيخ بشير الجميل وأصيبت المارونية السياسية بالشلل حتى الثالث عشر من تشرين الاول 1990 حين دفنت تماما. وفي الرابع عشر من شهر شباط من العام 2005 أطلقت النار على الرئيس رفيق الحريري وأصيبت السنية بالشلل حتى شهر كانون الثاني من العام 2011 حين دفنت تماما مع دخول الرئيس سعد الحريري الى البيت الأبيض مجرّدا من لقب دولة رئيس الحكومة. وفي الثامن من شهر تشرين الاول 2023 أطلقت النار على لبنان فأصابت في ما أصابت الأكثر نفوذا وهي الشيعية السياسية. وبلغت العملية اوجها حين استشهاد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في السابع والعشرين من شهر ايلول 2024.
واذا صح ما قاله الاستاذ غسان سلامة في حديثه التلفزيوني الأخير الى الزميل البير كوستانيان من أنّ اغتيال السيد نصرلله جاء بعد موافقة لبنان على وقف اطلاق النار يكون هناك استنتاجان مترابطان. الأوّل اغتيال بشير الجميل بعد تمرّده على الاسرائيلي، والثاني اغتيال نصرالله بعد تمرّده على الايراني. وما التصريح الذي أدلى به وزير خارجية ايران في بيروت سوى مؤشر لما ذهبت اليه الامور في لبنان قبل الاغتيال وبعد الاغتيال.
كيف الخروج من هذه الأزمة الكبيرة وهذه الحرب المدمرة؟ أوّلا بالخروج العملي والنفسي من لعبة الكبار، فليتصافوا مع بعضهم أو"يقبّروا بعضهم". ثانيا بالشروع فورا في ترتيب البيت الداخلي وتطهيره من كلّالموبقات والثرثرات والتحليلات الحاقدة، بكل المساحيق المتوفرة. ثالثا بالبحث عن رئيس لن يكون في نهاية ولايته شيئا من نهايته هو، رئيس مدعو الى التضحية وانكار الذات وتجاوز الماضي والاشراف على ما تقدّم آنفا.
انّ لبنان الوطن والرسالة يستحقّ رئيسا يكون مرجع الجميع لا موضع شك ولا موضوع تشكيك. انّ لبنان الوطن والرسالة يستجق نفضة كبيرة تعيده الى قيمه وقيمته وقوته الفكرية والاقتصادية وتخلّصه من ثقافة التخوين والتشكيك والأنا والاعلام المريض. ان لبنان الوطن والرسالة في حاجة الى حكم يسبق الناس في مباشرة الحكم، الى حكم لا يطالبه الناس بالحكم يوميا. انّ الشعب اللبناني يكافح منذ عقود في عالم سريع التهاوي والزوال، زمن الحكمة فيه صار في زمن آخر، وقضيته لم تعد تحتمل التأجيل أمام ضغوط الكوارث والنكبات والحروب. ان الشعب اللبناني بعد عقود طويلة مشتاق وتوّاق الى دولة وجيش دولة ودرك دولة وموظفي دولة لا الى فاشلين يستمدّون وجودهم وقوّتهم من طوائفهم. الشخصية موجودة وتلقى دعما داخليا ومحبوبة بشبه اجماع.