سبكتيتور- تفجيرات "البيجر" لن تردع حزب الله

  • شارك هذا الخبر
Saturday, September 21, 2024

قدّم المحلل والصحفي لشؤون الشرق الأوسط جوناثان سباير نظرة متعمقة للصراع الدائر بين إسرائيل وحزب الله، مع التركيز على الحادث الأخير، حيث انفجر 5 آلاف جهاز بيجر في وقت واحد في لبنان، ما أسفر عن مقتل العديد من أعضاء حزب الله.

وفي حين تمثل هذه العملية انتصاراً تكتيكياً لإسرائيل، فإنها لا تغير المشهد الاستراتيجي بشكل أساسي.

ويشير سباير في مقاله بمجلة "سبكتيتور" البريطانية إلى أن حادثة انفجار أجهزة البيجر، التي أدت إلى شلل أعضاء حزب الله فجأة، كشفت عن نقاط الضعف العميقة التي يعاني منها الحزب وسلطت الضوء على قدرة إسرائيل على التسلل إلى عملياتها. ويشير الانفجار إلى جانب حوادث سابقة مثل عمليات اغتيال لكبار أعضاء حزب الله فؤاد شكر ومحمد قاسم الشاعر، إلى ارتفاع مستوى اختراق الاستخبارات الإسرائيلية لحزب الله. ومع ذلك، يزعم سباير أنه في حين توفر مثل هذه الانتصارات التكتيكية دفعة مؤقتة للمعنويات الإسرائيلية، فإنها لا تغير بشكل كبير ديناميكيات المواجهة الطويلة الأجل بين إسرائيل وحزب الله.
ورغم هذه النجاحات التكتيكية، اضطرت إسرائيل إلى التنازل عن السيطرة على مساحة من الأراضي على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، مما أدى إلى نزوح حوالي 60 ألف إسرائيلي من منازلهم. ويشير سباير إلى أن هذا الوضع غير مسبوق في تاريخ إسرائيل، حيث يواصل حزب الله شن هجمات يومية بالصواريخ والطائرات دون طيار عبر الحدود.

وبينما يوجد نزوح للمدنيين اللبنانيين على الجانب الذي يقف فيه حزب الله، يؤكد سباير أن هذا لا يؤثر في عمليات حزب الله، لأن قاعدة دعمه ومشروعه لا يعتمدان على موافقة السكان المحليين. ويتناقض تجاهل حزب الله لرفاهية المدنيين بشكل حاد مع تركيز إسرائيل على مواطنيها النازحين.
وأشار سباير إلى أنه في حين أن التفوق العسكري الإسرائيلي واضح، وخاصة من حيث عدد القتلى - حيث قُتل حوالي 460 مقاتلاً من حزب الله مقارنة بـ 20 جندياً و 26 مدنياً في إسرائيل - فإن هذا لم يحل القضية الأوسع والتي تتمثل في إخلاء المناطق الشمالية من إسرائيل، بما يشكّل تحدياً كبيراً. ويقترح سباير أن الطريقة الوحيدة لإعادة النازحين الإسرائيليين إلى الشمال لن تتم إلا من خلال عملية عسكرية كبرى لدفع قوات حزب الله إلى الشمال.

معضلات أمام عملية برية

مع ذلك، يحدد سباير العديد من المعضلات التي تواجه إسرائيل لتنفيذ عملية برية لدفع حزب الله إلى نهر الليطاني، فهذه العملية ستتطلب موارد كبيرة، بما في ذلك القوات التي استنفدت حالياً بعد عام من القتال في غزة، كما تتطلب دعماً أمريكياً، وخاصة فيما يتصل بإعادة إمداد الأسلحة. لكن توقيت الانتخابات الأمريكية يجعل من غير المرجح أن تدعم واشنطن أي تصعيد كبير في المنطقة.

ويؤكد سباير أن هناك مصدر قلق آخر مهماً، وهو ما إذا كان المجتمع الإسرائيلي، بعد الصدمات الشديدة التي تعرض لها في العام الماضي، مستعداً لتحمل الخسائر الفادحة المحتملة التي قد يجلبها مثل هذا الغزو البري.
وفي حين أشار المسؤولون الإسرائيليون إلى أنهم يدرسون القيام بعملية، يشير سباير إلى التحديات التي تترتب على الاحتفاظ بمثل هذه الأراضي بمجرد الاستيلاء عليها، وخاصة في ضوء إخفاقات الجهود الإسرائيلية السابقة للحفاظ على منطقة أمنية في جنوب لبنان من عام 1985 إلى عام 2000.


شعور عميق بالإذلال

ويرى مسؤولو حزب الله أن أجهزة البيجر المتفجرة خلقت شعوراً عميقاً بالإذلال، كما يزعم سباير، حيث يمثل الهجوم ضربة خطيرة لسمعة الحزب. ويشير سباير إلى أن حزب الله من المرجح أن يسعى إلى الانتقام، وإن كان حريصاً على عدم تصعيد الموقف إلى حرب شاملة مع إسرائيل. وقد حاول كل من حزب الله وداعميه الإيرانيين تجنب المواجهة الكاملة، خاصة أن تركيز إيران لا يزال منصباً على أولويات إقليمية أخرى، مثل دعمها لحماس.
وفي أعقاب الضربات الإسرائيلية السابقة، مثل اغتيال فؤاد شكر في يوليو (تموز)، رد حزب الله بهجمات طفيفة، مدعياً في كثير من الأحيان نجاحات مبالغاً فيها. ويتكهّن سباير بأن حزب الله قد يجرب تكتيكاً مماثلاً هذه المرة، لكنه يحذر من أنه قد يندفع إلى رد أكثر قوة. ومع ذلك، فإن أي تصعيد من هذا القبيل يخاطر بانزلاق الحزب إلى صراع يريد تجنبه. وتشكل هذه المعضلة محوراً لصناع القرار في حزب الله وهم يحاولون التعامل مع الحاجة إلى الظهور بمظهر الأقوياء دون إثارة حرب لا يستطيعون السيطرة عليها.


قرارات صعبة وتوازن هش

ولفت سباير النظر إلى أن إسرائيل وحزب الله يواجهان قرارات صعبة. فالوضع على الحدود الشمالية لإسرائيل غير قابل للاستمرار، ويبقى السؤال ما إذا كانت ستختار عملية برية كبرى. في هذه الأثناء، تضررت سمعة حزب الله بشدة من هجوم البيجر الأخير، ولابد أن يرد بطريقة ترضي أنصاره ولكنها لا تؤدي إلى حرب شاملة.
وأشار الكاتب إلى التوازن الهش للقوة بين إسرائيل وحزب الله، قائلاً إن الانتصارات التكتيكية، مثل عملية تفجير البيجر، لن تكون كافية لحل التحديات الاستراتيجية الأساسية على الجانبين.


24.AE