خبراء أمميون يحذرون من ترك التحكم في تطوير الذكاء الإصطناعي لـ"نزوات السوق"

  • شارك هذا الخبر
Saturday, September 21, 2024

حذر خبراء من الأمم المتحدة أمس الأول من السماح لـ»نزوات» السوق بالتحكم بتطوير الذكاء الإصطناعي مع ما يرتبط به من مخاطر، داعين إلى وضع أدوات تعاون دولي إنما بدون المضي إلى حد المطالبة بإنشاء وكالة إشراف دولية.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد أنشأ قبل حوالي عام هذه اللجنة المؤلفة من نحو أربعين خبيراً في التكنولوجيا والقانون وحماية البيانات الشخصية، ينتمون إلى أوساط الجامعات والحكومات أو حتى شركات القطاع الخاص مثل «مايكروسوفت» و»غوغل-ألفابت» و»أوبِن.إيه.آي».

ولفت الخبراء في تقريرهم النهائي الصادر قبل بضعة أيام من «قمة المستقبل» المزمع عقدها في نيويورك إلى «قصور الحَوكَمَة الدولية في مجال الذكاء الإصطناعي» واستبعاد الدول النامية فعلياً» من المناقشات حول مستقبل القطاع التكنولوجي.

فمن أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، ثمة سبع فقط تشارك في سبع مبادرات كبرى على ارتباط بحَوكَمَة الذكاء الإصطناعي في إطار «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» و»مجموعة العشرين» و»مجلس أوروبا»، فيما تغيب عنها تماماً 118 دولة هي بصورة رئيسية من دول الجنوب.

وفي هذا السياق، شددت اللجنة على أن طبيعة هذه التكنولوجيات نفسها «العابرة للحدود» تتطلب «نهجاً عالمياً».

وردد غوتيريش هذا الأسبوع أن «الذكاء الإصطناعي يجب أن يخدم الإنسانية بشكل عادل وآمن»، مضيفاً «بدون إشراف، قد تترتب عن المخاطر التي يطرحها الذكاء الإصطناعي عواقب خطرة بالنسبة للديموقراطية والسلام والاستقرار».

وفي هذا السياق، دعت لجنة الخبراء دول الأمم المتحدة إلى وضع آليات تتيح تعاوناً دولياً أفضل، وتشجع تقدم البشرية وتسمح بتفادي التجاوزات.

ولفت الخبراء إلى أنه لا يمكن لـ»أي كان» حالياً التكهن بكيفية تطور هذه التكنولوجيات، مشيرين إلى أن الذين يتخذون القرارات لا يواجهون أي محاسبة خلال تطوير واستخدام أنظمة «لا يفهمونها».

وفي هذه الظروف، شددوا على أن «تطوير ونشر واستخدام مثل هذه التقنية لا يمكن أن تترك فقط رهن نزوات الأسواق»، مشددين على الدور «الجوهري» الذي تلعبه الحكومات والمنظمات الإقليمية.

وفي طليعة الأدوات المقترحة، دعوا إلى تشكيل مجموعة دولية من الخبراء العلميين في الذكاء الإصطناعي على طراز «الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ» التي تعتبر تقاريرها مرجعية في هذا المجال.

وستكون مهمة هؤلاء العلماء إطلاع الاسرة الدولية على المخاطر الناشئة والقطاعات التي تتطلب المزيد من الأبحاث، كما يمكنهم تقصي كيفية استخدام بعض التكنولوجيات من أجل تحقيق أهداف النمو المستدام مثل القضاء على الجوع والفقر وتحقيق المساواة بين الرجال والنساء ومكافحة التغير المناخي وغيرها.

وهذه الفكرة مدرجة ضمن مشروع الميثاق الرقمي العالمي الجاري بحثه والذي يتوقع أن تقره الدول الأعضاء في الأمم المتحدة يوم الأحد المقبل خلال «قمة المستقبل».

كذلك، طرح الخبراء تنظيم حوار سياسي منتظم بين الحكومات حول هذه المُسالة، وإنشاء صندوق لمساعدة الدول المتأخرة في هذا المجال.

ومن أجل «الربط» بين مختلف الأدوات، دعا التقرير إلى تشكيل هيئة «تعاون» محدودة الحجم داخل الأمانة العامة للأمم المتحدة.

غير أنهم لم يؤيدوا الفكرة التي طرحها غوتيريش لإقامة وكالة دولية للحَوكَمَة على غرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وإن كان تفويضهم يطلب منهم تقصي هذا الاحتمال، إلى أنهم أعلنوا في التقرير «لا نوصي في المرحلة الراهنة بإقامة مثل هذه الوكالة».

وتابعوا القول «إذا ازدادت مخاطر الذكاء الإصطناعي جدية وتكثفت أكثر، فقد يصبح من الضروري للدول الأعضاء أن تدرس إقامة هيئة دولية أقوى تملك صلاحيات المراقبة ورفع التقارير والتثبت وفرض التنفيذ».

وأقر الخبراء بأنه من غير المجدي في ظل سرعة تنامي الذكاء الإصطناعي، محاولة وضع قائمة شاملة بالمخاطر المتأتية عن تكنولوجيا في طور التحول ولا يمكن لأحد التكهن بمنحى تطورها.

لكنهم عددوا بعض المخاطر التي حددوها، مثل التضليل الإعلامي الذي يهدد الديموقراطيات، والتزييف العميق (ديب فيك) ولا سيما الإباحي الذي يزداد واقعية والذي يستهدف أشخاصاً، والانتهاكات لحقوق الإنسان والأسلحة الذاتية التشغيل والاستخدامات من قبل عصابات إجرامية أو مجموعات إرهابية، وغيرها.

وكتب الخبراء «نظراً إلى سرعة أنظمة الذكاء الإصطناعي وتشغيلها الذاتي وضبابيتها، فإن الانتظار حتى ظهور تهديد قد يعني أن الوقت فات للاستجابة له» موصين بـ»تقييم علمي متواصل وحوار حول السياسات للتثبت من أنه العالم لن يُباغَت» بتطور غير محسوب.


AFP