خاص - بعد أن دفع المودعون والمصارف الثّمن... غبريل يكشف: هكذا حقّق هؤلاء أرباحا خيالية!- هند سعادة

  • شارك هذا الخبر
Friday, July 12, 2024

خاص - الكلمة أونلاين

هند سعادة

في غمرة الأحداث المتلاحقة على الساحة اللبنانية، توجّهت الأنظار في الأيام الأخيرة الى القطاع المصرفي، حيث طلبت وزارة المالية من جمعية المصارف التعميم على المصارف تزويد الإدارة الضريبية بالمعلومات عن كل شخص طبيعي ومعنوي (إسمه، رقمه الضريبي وعنوانه) سدد المبالغ المتوجّبة عليه بغير الدولار النقدي. فهل دقت ساعة المحاسبة لكل من استغل الإنهيار المالي لتحقيق الأرباح على حساب المودعين وكيف؟ وهل يمهّد هذا التعميم لإعادة أموال المودعين وما هي الضمانات؟

في هذا الإطار، أوضح الخبير المصرفي نسيب غبريل في حديث خاص لموقع "الكلمة أونلاين"، أن "وزارة المالية أصدرت هذا التعميم لطلب المعلومات لأن ما حصل من فوضى في بداية الأزمة دفع ثمنه المودع واستفاد منه المقترض، وهذا ما عرّفه صندوق النقد الدولي بـ "إعادة توزيع الثروة من المودع الى المقترض".

وشرح أنه "يمكن توزيع الشّركات والمؤسّسات التي استفادت من هذه الفوضى على 3 فئات، الفئة الأولى هي الشركات التي سدّدت القروض المتوجبة عليها من الودائع بالعملة الأجنبية التي كانت تملكها في المصارف وهذا الإجراء مقبول، والفئة الثانية هي الشركات التي عمدت الى شراء الشيكات الصادرة بالعملة الأجنبية بقيمة زهيدة من السوق وحوّلتها الى حساباتها لدى المصارف لتسديد الديون المتوجّبة عليها لصالحها، بدل دفع الأموال بشكل مباشر، أما الفئة الثالثة فهي الشركات التي سدّدت القروض بالعملة اللبنانية على الـ1500 ليرة لبنانية في حين كانت قيمة الليرة الحقيقية قد تدهورت في السوق الموازية".

وأشار الى أن "الفئة الثانية والثالثة هي التي يجب أن تكون معنية بشكل مباشر بمشروع القانون المعدّ لفرض ضريبة على القروض المسدّدة من دون قيمتها الحقيقية"، كاشفا أن "هذا المشروع لم يتم إقراره بعد ولا يزال قيد الدرس من قبل وزارة المالية والمعنيين حتى يُصار الى تعديله قبل إحالته على مجلس النواب"، مذكّرا بـ "الحملة الشعواء التي تعرّض لها مقدّمو هذا المشروع من قبل من كانوا مستفدين من هذه الفوضى الذين عمدوا الى تشويهه".

ولكن في حين لم تتمكّن الدّولة من إقرار هذا المشروع، فما الفائدة من طلب وزارة المالية تزويدها بالمعلومات عمن سدّدوا القروض بغير الدولار النقدي؟، أجاب غبريل، موضحا أن "هناك رأيين في هذا الإطار، الأول يقول أنه لا يمكن فرض هذه الضريبة، من دون إصدار قانون عن مجلس النواب يجيز ذلك، بينما الرأي الآخر، يعتبر أن لا حاجة لقانون جديد، إذ يمكن الإستناد الى القانون الضريبي الذي يفرض 17 بالمئة على قيمة الأرباح، والفرق الذي يجنيه هؤلاء المقترضون بفعل فرق العملة بين المصرف والسوق الموازية، يندرج تحت إطار الأرباح وبالتالي يمكن أن يخضعوا لهذه الضريبة"، لافتا الى أن "بسبب هذا الإنقسام الحاصل في الآراء لم تتمكن المصارف من اتّخاذ أي إجراء في هذا الشأن حتى الآن".

وفي حين ذكر البعض أن وزارة المالية أقدمت على هذا الطلب بهدف فرض ضريبة تغذي صندوق إسترداد الودائع، أفاد غبريل بأن "الصندوق المذكور لم يبصر النور بدوره بل هو مذكور على الورق فقط ضمن مشروع الخطة التي وضعتها الحكومة والتي كان صندوق النقد قد اعتبر أنها يجب أن تخضع للتحديث والتطوير".

وفي السياق، لفت غبريل الى أن "لجنة "المال والموازنة" كانت تتابع مؤخرا مشروعين قدّمهما كل من كتلة "الجمهورية القوية" و"لبنان القوي"، يتعلّقان بصندوق سيادي تُوضع فيه أصول الدولة وجزء من إيرادات هذه الأصول يذهب الى صندوق استرداد الودائع، ولكن كل هذه المشاريع المذكورة لا تزال حبرا على ورق حتى اللحظة وقيد الدرس".

ولكن، "رغم أن هذه المشاريع لم يتم إقرارها بعد، الا أن طلب أسماء كل من سدّدوا القروض بغير الدولار النقدي خلال الأزمة، خطوة يجب على وزارة المالية القيام بها بانتظار التوافق على أي من الرأيين الذين سبق ذكرهام أو على صيغة أخرى يتم اعتمادها للتعامل مع كل من جنوا الأرباح خلال الأزمة"، وفقا لغبريل.

من جهة أخرى، ذكر غبريل أن"المودع ليس الوحيد الذي دفع الثمن، بل المصارف أيضا نالت نصيبها من هذه الفوضى، لأن الشّركات التي استغلّت الوضع وسدّدت قروضها قبل موعد استحقاقها بسنوات سببت الخسائر للمصارف التي تعتبر هذه القروض المسدّدة إيرادات ناقصة لان تسديدها قبل استحقاق موعدها سيحرم المصرف من الفوائد التي كانت ستجنيها شهريا من المقتضرين والتي كان من المفترض أن تستغلها في استثمارات أخرى، كما لم تعد قادرة على إعادة أموال المودعين لديها بسبب نقص الإيرادات الذي حصل".

في المقابل، في حال وُضعت الضريبة المرجوة على هؤلاء، ما الذي يضمن استخدام الإيرادات الناتجة عنها في سبيل إعادة أموال المودعين، أجاب غبريل، معتبرا أن "النقطة الأهم تكمن هنا، خصوصا في ظل انعدام الثقة بين جميع الأطراف"، مشيرا الى "ضرورة وجود آلية تضمن وصول هذه الأموال الى المودعين فقط، وهذا الأمر لم يتم مناقشته بعد".

والى جانب عدم قدرة المصارف على منع هؤلاء المقترضين من استغلال الأزمة خصوصا أن ما قاموا به لا يُعتبر مخالفا لقانون، تطرق غبريل الى دور القضاء في هذا الإطار، مذكرا بـ "صدور عدد كبير من القرارات القضائية المتناقضة التي ساهمت بتكريس هذا الواقع، بالاضافة الى أن بعض المحامين عمدوا الى تفسير القانون بطرق مختلفة لتبرير ما يحصل".

أم الشركات أو الأشخاص المعنوييين، وفي ظل انخفاض السيولة النقدية لدى المصارف بفعل الهلع والإقبال الكبير للمودعين لسحب ودائعهم، عمدوا الى "تسديد قروضهم قبل استحقاقها من الودائع التي يملكونها، علما أن تسديد هذه القروض قبل مواعيد استحقاقها يفرض على المقترضين دفع غرامة إضافية ولكن الشركات لم تكترث للغرامة مقابل الأرباح الكبيرة التي سيحققونها، خصوصا أن القانون يجيز لهم القيام بذلك وبالتالي المصرف لا يمكنه ردعهم من سلوك هذا المسار"، بحسب غبريل.

وهنا، أشار غبريل الى "القطاع العقاري الذي كان أول المستفيدين من هذه الأزمة، حيث عمد الأشخاص الطبيعيون الى تسديد المبالغ المتوجبة عليهم لدفع ثمن الشقق التي اشتروها عبر شيكات مالية والتي قبلها المطوّرون العقاريون بدورهم لتسديد ديونهم للمصارف".

وإذ رفض "تحميل مسؤولية هذه الفوضى لجهة وحيدة معينة"، رأى غبريل أن "الأزمة فاجأت الجميع الذين لم يتمكّون من التعامل معها بالشكل المطلوب سريعا، فالقضاة على سبيل المثال اضطروا لإصدار أحكام بناء على قوانين قديمة لا تتناسب مع الوضع الاستثنائي التي فرضته الأزمة، كما أصدر بعضهم أحكاما شعبوية. يضاف الى ذلك، القرارات الخاطئة التي أصدرتها حكومة حسان دياب في حينها".