بن فرحان يحذّر لبنان: اغتنموا الفرصة.. وإلا الحرب مجدداً- بقلم غادة حلاوي
شارك هذا الخبر
Friday, July 4, 2025
دقّت ساعة الحقيقة، واقترب موعد الزيارة المفصلية المرتقبة للموفد الأميركي توم باراك لتسلّم رد لبنان على المقترحات التي سبق أن سلّمها للرؤساء، وتتمحور حول السلاح، والترسيم، والإصلاحات. استنفرت السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون سفراء الخماسية الذين لبّوا دعوة لاجتماع عُقد في السفارة لتقييم النقاش اللبناني الدائر حول الورقة الأميركية، والتمديد لليونيفيل.
وعلى وجه السرعة، ومن دون إبلاغ مسبق، حضر الموفد السعودي مساعد وزير الخارجية يزيد بن فرحان، حيث التقى رئيسي الجمهورية جوزاف عون والحكومة نواف سلام، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي سجّلت له حركة لافتة أمس باتجاه بكركي، وسيزور بعبدا اليوم للقاء عون. كما التقى بن فرحان النائب فيصل كرامي على أن يزور اليوم عين التينة ويلتقي رئيس القوات سمير جعجع.
عكَسَ المشهد السياسي يوم أمس استنفارًا دبلوماسيًا عربيًا وغربيًا، سببه كما قالت مصادر سياسية، الشعور بأن لبنان يحاول تمرير الوقت واعتماد نهج تسويفي في تنفيذ الالتزامات، وربط موضوع السلاح بالحوار. وهو ما استدعى زيارة غير منسّقة مسبقًا من قبل مساعد وزير الخارجية السعودي يزيد بن فرحان، الذي استبق وصول باراك للتنبيه من مغبّة اللعب بالنار، واغتنام الفرصة لما فيه مصلحة لبنان، والإسراع في إنجاز الإصلاحات اللازمة. قال بن فرحان ما مفاده إن أمام لبنان فرصة، وإلا فإن حرب إسرائيل ستعود مجددًا، معتبرًا أن المطلوب هو تسليم سلاح حزب الله. أجواء غير مريحة استنتجها من التقى الزائر السعودي، الذي لمح إلى أن لدى إسرائيل ضوءًا أخضر لاستهداف لبنان في حال لم يتجاوب مع المقترح الأميركي، ونبّه إلى خطورة الوضع في المنطقة عمومًا، وركّز على موضوع تسليم السلاح والالتزام الجدي بالمطلوب.
تحذير بن فرحان
قال فرحان ما حرفيته إن أمام لبنان "فرصة لن تتكرّر"، وإن عرض توم باراك جدي، وهو ليس أورتاغوس، بل يعدّ الموفد الشخصي للرئيس الأميركي دونالد ترامب وصديقه المقرّب، وهو يتسلّم ملف ثلاث دول. وأضاف أن العرض يتضمّن تسليم السلاح مقابل ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، وبين لبنان وسوريا، وتمويل إعادة الإعمار، وأن لبنان سينال نصيبه من الاستثمارات. وتابع: "ليس المطلوب تحقيق أي خطوة بالقوة، ولكن إعداد برنامج لتنفيذ المطلوب، وحذارِ من رفض المقترحات، فحينها سيكون وضعكم صعبًا".
بري والفلاحة بالبحر
بري، الذي يستقبل بن فرحان ظهر اليوم، استبق الزيارة ليقول أمام زواره: بغض النظر عمّن يقصد لبنان ذهابًا وإيابًا، فإن أهمّ ما في أي اتفاق هو الضمانات. وبالنسبة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، شرط هذه الضمانات أن تشمل وقف الانتهاكات الإسرائيلية الجوية والبرية، ووقف الاغتيالات، وأي كلام خارج هذا المنطق يكون كمن يفلح في البحر. المنطقة على فوهة بركان، فمن يضمن عدم الاختراق الإسرائيلي مجددًا؟ ومن يضمن التزام إسرائيل بأي تعهدات أميركية؟
من خلال المداولات بشأن الرد، يتبيّن وجود إصرار من الرؤساء الثلاثة، من خلال ممثليهم، على إعداد رد يضمن حق لبنان في طلب ضمانات مقابل أي خطوة مطلوبة. لكن بات واضحاً أن لدى حزب الله مقاربة مختلفة، وهو يتعاطى مع بنود الورقة كشروط تعجيزية هدفها المزيد من الإخضاع. ولذا، لا تنازل ولا تجاوب من قبله من دون ضمانات، لكنه في المقابل لن يقف ضد أي اتفاق لبناني يحظى بالإجماع.
يحاذر حزب الله من أن أي تنازل جديد أو استجابة لمطلب إسرائيلي سيزيد من حجم الضغوط، وقد تتضاعف المطالب من دون وجود ضمانات بالإلزام من إسرائيل. بدأ حزب الله يراجع خياراته، وربما يصل إلى نتيجة تفيد بأن استمرار صمته يعني مزيدًا من الاستهداف. وبين بري وحزب الله لا تَعارُض في الموقف، وإنما اختلاف في المقاربة، حيث لم يعد بالإمكان الرهان على جرّ البيئة الحاضنة إلى مزيد من الحروب.
الخماسية تناقش ورقة باراك ورقة المقترحات الأميركية نوقشت بتفاصيلها في اجتماع اللجنة الخماسية. يمكن تفسير الدعوة الأميركية لإحياء اللجنة واستنفار سفرائها على أنها خطوة استباقية للضغط على لجنة صياغة الرد على المقترحات. قبل وصول باراك، عرضت سفيرة الولايات المتحدة ليزا جونسون مضمون الورقة على السفراء، واستَمعت إلى آرائهم بشأن ما ورد فيها، وما يمكن أن يكون عليه الرد اللبناني وأهميته.
مصادر دبلوماسية اعتبرت أن مجرد الاجتماع يُعدّ خطوة إيجابية، وأن الهدف هو دعم لبنان وحثّه على تنفيذ المطلوب منه على مستوى الإصلاحات وتسليم السلاح. وقالت المصادر إن وجهات النظر كانت مختلفة، بين من رأى وجود تلازم في المسارات بين تنفيذ المطلوب من لبنان وإسرائيل، وبين من رأى أن الأفضلية لحصر السلاح بيد الدولة كخطوة أولى وضرورية. كما تطرّق المجتمعون إلى موضوع التجديد لقوات اليونيفيل في جنوب لبنان، ومسألة ضرورة ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا.
نقاشات حامية تسبق وصول باراك، وعلى لبنان أن يسلّم ردّه، والتخلّف عن الرد يعزز الخيارات السيئة. ولتجنّب ذلك، يسعى لبنان إلى رد وطني يلتزم به حزب الله. الكرة في ملعب بري، الذي لبّى دعوة عشاء عائلية لرئيس الجمهورية مساء أمس الأول، وكان الهدف منها زيادة الود، لما لبري من دور في هذه المرحلة بالمونة على حزب الله أو ترشيد خياراته.