احتدام المعارك بكردفان والجيش يسقط سربا من المسيرات شمال السودان

  • شارك هذا الخبر
Friday, June 20, 2025

بعد توقف دام أسابيع عدة، صعّدت قوات "الدعم السريع" مجدداً من هجماتها بالطائرات المسيرة على مدن عدة بشمال وجنوب السودان، في وقت تحتدم فيه المعارك في مختلف محاور إقليمي كردفان ودارفور، فضلاً عن التوتر العسكري الحاد والتصعيد المرتقب في محور الصحراء بـ"لمثلث الحدودي" بين السودان وليبيا ومصر الواقع ضمن الحدود الإدارية للولاية الشمالية.

تصدٍّ جوي

وأوضحت قيادة الفرقة 19 - مشاة بمدينة مروي بالولاية الشمالية، أن منظومات الدفاع الجوي التابعة لها أسقطت عدداً من الطائرات المسيّرة الانتحارية التي حاولت استهداف سد مروي الاستراتيجي. وفي ولاية نهر النيل قالت مصادر عسكرية إن المضادات الأرضية تصدت لسرب من المسيرات حاولت استهداف مطار عطبرة وأسقطتها من دون خسائر قبل أن تصل إلى هدفها.

سرب المسيرات

وأفاد شهود بأن دفاعات الجيش الجوية تعاملت مع سرب من المسيّرات حلق في سماء مدينة عطبرة، أمس الخميس، من دون وقوع خسائر جراء الهجوم.

وظل سد مروي أحد أهم المنشآت الاستراتيجية في شمال السودان، محلاً للاستهداف المتكرر من قبل مسيرات "الدعم السريع"، وأحد أبرز مقومات البنية التحتية لمصادر الطاقة الكهربائية بالبلاد.

وكانت مسيرات "الدعم السريع" قد استهدفت، الشهر الماضي، محطة كهرباء رئيسة في ولاية نهر النيل، كما قصفت طائرة مسيّرة، في أبريل (نيسان) الماضي، مستودعاً للوقود ومحطة كهرباء رئيسة في مدينة عطبرة.

الممرات الصحراوية

غير أن "الدعم السريع"، من جانبها، ذكرت على منصاتها بوسائل التواصل الاجتماعي، أن طائرات مسيرة تابعة لها هاجمت مقار عسكرية للجيش في كل من مدينتي عطبرة بنهر النيل، وكوستي بولاية النيل الأبيض، إضافة إلى مدينة كريمة في الولاية الشمالية. وأوضحت أن الهجوم بمسيرة استراتيجية على مطار عطبرة أسفر عن تدمير طائرتين حربيتين كانتا بمدرج المطار. وأكدت مواصلة عملياتها الحربية على محور الصحراء، بعد سيطرتها على "المثلث الحدودي" وجبال كرب التوم، ثم أخيراً قاعدة "الشفرليت" العسكرية القريبة من الحدود الليبية، بهدف إحكام سيطرتها على الممرات الصحراوية الحيوية شمال وغرب السودان.

وظلت قاعدة "الشفرليت" العسكرية على الجانب السوداني من الحدود الليبية - السودانية تشكل، لأعوام، معقلاً مهماً لـ"الدعم السريع" لمكافحة أنشطة تهريب البشر والسلاح العابرة للحدود. وكان الجيش قد استرد هذه القاعدة العسكرية في الـ19 من أبريل 2023، أي بعد أربعة أيام من نشوب الحرب، لمنع تدفق الأسلحة عبر الحدود الليبية.

مواجهات الخوي

في محور الخوي الساخن بغرب كردفان أكدت مصادر ميدانية أن قوات الجيش على وشك إعلان تحرير المدينة من قبضة "الدعم السريع"، وأنها كبدت هذه القوات خسائر فادحة خلال محاولتها التصدي لهجوم اقتحم خلاله الجيش بوابات المدينة متجهاً نحو عمقها. وأوضحت المصادر أيضاً أن الطيران الحربي شن غارات شرسة على تجمعات ومتحركات "الدعم السريع" في المنطقة حيث قتل "أكثر من 400 من عناصر الميليشيا" فضلاً عن الخسائر المادية.

غارات بابنوسة

على المحور نفسه استهدفت المقاتلات الحربية للجيش أمس الخميس، مواقع تابعة لـ"الدعم السريع" في محيط مدينة بابنوسة بهدف تأمين المدينة التي تُعد محوراً مهماً على خط الإمدادات بين الولاية وجنوب دارفور. ودمرت الغارات بحسب مصادر محلية، منظومة للتشويش وعربات مقاتلة ومخازن ذخيرة في أطراف المنطقة. وكانت قوات الفرقة 22 - مشاة التابعة للجيش في بابنوسة قد تصدت، قبل يومين، لهجوم بالمسيرات والمدفعية شرق المدينة، مستخدمة المدفعية الثقيلة، مما أسفر عن سقوط أكثر من 40 قتيلاً وكثير من الجرحى في صفوف "الدعم السريع" مما أدى إلى انسحابها من محيط المدينة.

استغاثة عاجلة

في غرب كردفان أيضاً وجه منبر "نداء النهود" استغاثة عاجلة لتكاتف الجهود الرسمية والشعبية لتحرير المدينة من "'الدعم السريع' التي أجبرت أكثر من 80 ألف أسرة على مغادرة منازلها بقوة السلاح وتحت القتل والتهديد منذ اعتدائها علي المنطقة قبل أكثر من شهر ونصف الشهر". وطالب النداء الحقوقيين المحليين والدوليين القيام بدورهم تجاه المدنيين الذين تعرضوا إلى أسوأ أنواع التنكيل والتعذيب والقتل والتشريد والنهب الممنهج. وحمّل رئيس "نداء النهود" أحمد أبو زيد "الدعم السريع" كامل المسؤولية "عن أي مكروه يتعرّض له زعيم قبائل حمر الأمير عبدالقادر منعم منصور (85) سنة الموجود رهن الإقامة الجبرية بمنزله في النهود في ظروف صحية قاسية، بعدما قامت الميليشيا بتعذيب كل من كان حوله من أفراد أسرته الصغيرة وحراسه الشخصيين أمامه، في محاولة لانتزاع موقف داعم منه متماهٍ مع التمرد".

توترات الفاشر

ومنذ آخر مواجهات عسكرية قبل يومين حققت فيها قوات الجيش وحلفاؤها تقدماً في مواقع حيوية شرق الفاشر بشمال دارفور، تشهد المدينة توتراً أمنياً شديداً في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية والصحية باستمرار، وتزايد المخاوف من انفجار واسع لتفشي وباء الكوليرا، بخاصة وسط الأطفال، وفق مصادر محلية.

حشد وتأهب

وإزاء تنامي التهديدات على الولاية الشمالية في أعقاب سيطرة "الدعم السريع" على "المثلث الحدودي" بين السودان وليبيا ومصر، تتواصل عمليات التعبئة والتحشيد والتأهب تحسباً لهجوم محتمل من جانب "الدعم السريع" على الولاية من المثلث الحدودي عبر محور الصحراء. وشهدت قيادة اللواء 75 - مشاة بمدينة دنقلا عاصمة الولاية الشمالية، بحضور قادة الوحدات العسكرية بالفرقة 19 بمروي، ورئيس المقاومة الشعبية بالولاية، تخريج دفعة جديدة من الجنود المستجدين تحمل الرقم 68 وصفت بأنها دفعة التحدي والصعاب، وأكد قائد السيطرة بالفرقة اللواء معتصم علي التوم أن الجيش "يزداد، بهذه الدفعة، قوة بعزيمة رجاله وإرثهم من الشجاعة والبطولة".

مسيرات وتحذيرات

في شمال كردفان أوضحت مصادر ميدانية أن مسيرات الجيش تابعت ضرباتها الجوية في الأطراف الشمالية والغربية من مدينة بارا، دمرت خلالها عشرات العربات القتالية وشلت عمليات الإمداد والتسلل، وحيدت العشرات من عناصر "الدعم السريع". وحذر ناشطون ومتطوعون، بمدينة الأبيض عاصمة الولاية، من أزمة إنسانية وشيكة مع اقتراب موسم الأمطار، في ظل تواصل تدفق النازحين واكتظاظ المدينة بمئات الأسر من الفارين من العمليات والمواجهات العسكرية المستمرة في غرب وجنوب كردفان. وطالب الناشطون الخيرين والمنظمات بالتدخل العاجل وتوفير احتياجات النازحين من مواد الإيواء والغذاء والدواء.

واستقبلت المدينة، أمس، القافلة المقدمة من "مركز الملك سلمان" للإغاثة والأعمال الإنسانية في إطار المرحلة الثالثة لمشروع دعم الأمن الغذائي بولاية شمال كردفان.

إشادة ومبادرات

وأشاد والي الولاية المكلف عبدالخالق عبداللطيف، لدى تدشينه القافلة، بالدعم الكبير الذي يقدمه رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان، و"مركز الملك سلمان"، والدعم المستمر من السعودية، بجانب جهود المنظمات الإنسانية، لمساعدة المتأثرين بالحرب في السودان بخاصة في جانب الدعم الغذائي.

وأوضح مفوض العون الإنساني بالولاية محمد إسماعيل عبدالرازق أن الولاية تشهد انطلاق عدد من المبادرات الإنسانية المهمة من بينها مشروع دعم الأمن الغذائي المقدم من "مركز الملك سلمان" الذي يستهدف النازحين بالحرب.

تفشي الكوليرا

صحياً وبينما انحسرت الكوليرا بولاية الخرطوم لا تزال ولايات أخرى في دارفور والجزيرة تشهد تفشياً جديداً للوباء. وناشد "مؤتمر الجزيرة" السلطات الصحية والتعليمية والمجتمع المحلي التحرك إزاء تفشي حالات الإسهال المائي بشرق الجزيرة وتلافي الوضع بمستشفى "تمبول"، وحذر البيان من تزايد حالات الإسهال المائي بشرق الجزيرة ليبلغ 24 حالة، من قرى مختلفة، مطالباً وزارة الصحة بالتحرك العاجل وتكثيف جهود الترصد الوبائي واتخاذ الإجراءات الوقائية للحد من انتشار المرض.

وصول اللقاحات

في الأثناء وصلت إلى بورتسودان الدفعة الأولى من لقاحات الكوليرا مقدمة من لجنة التنسيق الدولية لتنسيق مكافحة الكوليرا، تضم مليوناً و500 ألف جرعة من جملة 3 ملايين دعماً لجهود الاستجابة لاحتواء تفشي الوباء في البلاد.

ويتوقع أن تصل اليوم الدفعة الثانية من اللقاحات، إذ أوضحت وزارة الصحة أن هذه الدفعة من اللقاحات بجانب مليون و200 ألف جرعة أخرى خُصصت لولايات دارفور.

الحكومة الجديدة

سياسياً، أعلن رئيس الوزراء الانتقالي كامل إدريس، مساء أمس، عن رؤية وهيكل وملامح حكومته المرتقبة التي سماها بـ"حكومة الأمل المدنية"، فضلاً عن تحديده معايير وشروط المشاركة بها لأصحاب الكفاءة والخبرة بعيداً من الانتماءات والمحاصصات الحزبية، وكشف إدريس، في خطاب للشعب السوداني، عن أن الحكومة الجديدة تضم 22 وزارة، وترتكز رؤيتها "على الانتقال بالبلاد إلى مصاف الدول المتقدمة، وتعتمد على قيم جوهرية هي الصدق والأمانة والعدل الشفافية والتسامح، وتهدف إلى بسط الأمن وتحقيق الرفاه والعيش الكريم للسودانيين"، وأشار رئيس الوزراء إلى أن التفكير الاستراتيجي سيكون جوهر عمل الحكومة، من خلال رؤية واضحة، وخطة عمل، مؤكداً أن منهاجها سيكون علمياً وعملياً وجماعياً.

نازحو المثلث

وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة نزوح نحو 4278 شخصاً من منطقة "المثلث الحدودي" في الفترة ما بين الـ15 والـ17 من يونيو )حزيران( الجاري، وأوضح بيان للمنظمة أن معظم الفارين نزحوا إلى دنقلا بالولاية الشمالية بينما عبر ما يقارب 950 شخصاً الحدود إلى ليبيا.

عنف جنسي

أممياً أعربت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان بالإنابة، كريستين هامبروك عن تضامنها مع ضحايا العنف الجنسي في البلاد. وقالت هامبورغ، في بيان لمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع، "إن السودان، وهو يدخل عامه الثالث من الصراع المدمر، يشهد تقارير متزايدة ومقلقة حول حالات عنف جنسي مرتبطة بالنزاع، طاولت نساء وفتيات بوجه خاص، من خلال الاغتصاب والاستعباد الجنسي والاختطاف، وغيرها من أشكال العنف الوحشية"، وأكدت المنسقة الأممية ضرورة توفير خدمات شاملة تركز على الناجين كحاجة ملحة تسهم في إعادة بناء حياة الضحايا، مشددة على التزام الأمم المتحدة منح الأولوية لحقوق الناجين من الضحايا ومواصلة دعم المنظمات السودانية.


اندبندنت عربية