مباحثات بين تركيا وأرمينيا... وجهود لتطبيع العلاقات
شارك هذا الخبر
Thursday, June 19, 2025
يبحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان جهود التطبيع بين البلدين الجارين اللذين تعاني العلاقات بينهما خلافات تاريخية. ويزور باشينيان إسطنبول، الجمعة، بدعوة من إردوغان، في أول زيارة رسمية من أرمينيا إلى تركيا على هذا المستوى، على الرغم من العديد من اللقاءات السابقة بينهما في محافل مختلفة. وحضر باشينيان حفل تنصيب إردوغان، في يونيو (حزيران) 2023، عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية التركية في مايو (أيار) من ذلك العام، والتقيا، لاحقاً، في قمم دولية ومحافل دولية مختلفة. وتحدث إردوغان وباشينيان، اللذان التقيا وجهاً لوجه آخر مرة في قمة المجموعة السياسية الأوروبية في ألبانيا في مايو الماضي، هاتفياً خلال عيد الأضحى.
لقاء بلا بروتوكول وأُعلن عن اجتماع إسطنبول، الجمعة، بوصفه «زيارة عمل» لباشينيان، وعلى الرغم من عدم إعلان البرتوكول الذي سيطبق على رئيس الوزراء الأرميني، فإن كون الاجتماع في إسطنبول وضمن «زيارة عمل» يشير إلى أن البروتوكول المطبق على رؤساء الدول والحكومات الآخرين لن يطبق على باشينيان.
ولفت رئيس البرلمان الأرميني، ألين سيمونيان، الانتباه إلى هذه النقطة، قائلاً: «هذه زيارة تاريخية لأنها ستكون أول زيارة على مستوى رئيس وزراء أرميني، يكتسب هذا الاجتماع أهمية بالغة في سياق عملية التطبيع التي تجريها تركيا وأرمينيا، اللتان لم تُقما علاقات دبلوماسية بعد».
وقرر البلدان «تطبيع» العلاقات في عام 2021، بعدما دعمت تركيا بقوة أذربيجان في حربها مع أرمينيا في ناغورني قره باغ، وشكلا لجنة معنية بالأمر، لكن العملية ما زالت مستمرة. ولفتت مصادر دبلوماسية تركية إلى تزايد الحوار بين أنقرة ويريفان مؤخراً.
وقيم باشينيان العلاقات مع تركيا، خلال اجتماع حضره في براغ منذ أيام، قائلاً: «عقدنا اجتماعات عدة بناءة للغاية مع الرئيس إردوغان، ورغم عدم تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع، حتى الآن، فقد أحرزنا تقدماً ملحوظاً». وأضاف: «على سبيل المثال، قبل 3 سنوات، عندما أرادت أرمينيا معرفة موقف تركيا من قضية ما، لم يكن بإمكانها ذلك إلا من خلال وساطة أطراف ثالثة، أما اليوم، فنجري اتصالات مباشرة، بل يومية، مع جيراننا».
وتكتسب زيارة باشينيان أهمية أيضاً لأنها تأتي غداة زيارة الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف إلى تركيا، الجمعة، حيث شارك مع إردوغان في مراسم إجراء القرعة وتسليم منازل لمتضررين من زلزال كهرمان ماراش في 6 فبراير (شباط) 2023، ضمن مشروع إسكان باسم «محلية أذربيجان».
وعقد الرئيس إردوغان اجتماعاً مغلقاً مع علييف في مطار كهرمان ماراش، حضره وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، ونظيره الأذربيجاني، جيهون بايراموف، تناول، بحسب مصادر تركية، العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية ودولية في مقدمتها الصراع الإيراني - الإسرائيلي والعلاقات بين أذربيجان وأرمينيا.
السلام مع أذربيجان وأعلنت أذربيجان وأرمينيا، في مارس (آذار) الماضي، التوصل إلى اتفاق بشأن نص اتفاقية سلام مكونة من 17 مادة، وتطالب أذربيجان أرمينيا بتعديل الدستور نظراً لإشاراته إلى قره باغ، ويُرسل باشينيان برسائل إيجابية حول تعديل الدستور، لكنه يُشدد على أن هذا لا ينبغي أن يُؤخر توقيع الاتفاقية. وقال باشينيان، في براغ، إنه يهدف إلى توقيع معاهدة سلام مع أذربيجان بحلول نهاية العام.
وقطعت تركيا علاقاتها الدبلوماسية مع أرمينيا بعد احتلال ناغورني قره باغ عام 1993.
وعينت تركيا وأرمينيا ممثلين خاصين بالتبادل في عام 2021، وبدأتا عملية إقامة علاقات دبلوماسية، وعلى الرغم من التقدم المحرز في عملية التطبيع، التي بدأت بعد الحرب بين أرمينيا وأذربيجان في عام 2020، والتي تسببت في خسارة أرمينيا لإقليم ناغورني قره باغ الذي كانت تسيطر عليه منذ أوائل التسعينات، وفُتح معبر «أليكان- مارغارا» الحدودي بين البلدين، للمرة الأولى منذ 35 عاماً، لعبور المساعدات الإنسانية من أرمينيا إلى تركيا بعد زلزال 6 فبراير 2023، لكن حتى الآن لم يتم التوصل إلى اتفاق ملموس.
قضايا التعاون ومن القضايا المتوقع أن يطرحها باشينيان خلال لقاء إردوغان فتح المعبر أمام مواطني الدول الثالثة وحاملي جوازات السفر الدبلوماسية. وتتوقع تركيا أن تفضي المحادثات بين أرمينيا وأذربيجان، في المقام الأول، إلى اتفاق سلام دائم، كما تتوقع منها أرمينيا الضغط على أذربيجان بشأن الاتفاق.
وسيكون الصراع الإيراني الإسرائيلي مطروحاً أيضاً على جدول الأعمال، إلى جانب القضايا الثنائية والإقليمية. وتتابع تركيا وأرمينيا، بصفتهما دولتين لهما حدود برية مع إيران، التطورات من كثب.
ويتضمن جدول المباحثات بين إردوغان وباشينيان أيضاً مشاريع من شأنها تعزيز التواصل بين دول المنطقة لضمان السلام والاستقرار في جنوب القوقاز، وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية، وتولي تركيا أهمية كبيرة لمشاريع النقل التي ستربط أذربيجان ونخجوان عبر الممر الأوسط، ونبهت التطورات في إيران إلى أهمية تشغيل خطوط النقل عبر جنوب القوقاز.
وقبل قليل من زيارة باشينيان، شهد البرلمان التركي تراشقاً بين نواب من حزبي «الجيد» القومي، و«الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، خلال مناقشة مقترح قانون بشأن تعديلات على بعض القوانين والمراسيم التشريعية، الأربعاء، حول «الإبادة الجماعية للأرمن»، التي تشكل محور خلاف تاريخي بين تركيا وأرمينيا.
جاء ذلك بعدما انتقد نائب الحزب الكردي عن مدينة ماردين (جنوب تركيا)، جورج أصلان، نائب حزب إقامة رئيس بلدية أنقرة من حزب الشعب الجمهوري، منصور ياواش، نصباً تذكارياً لـ«طلعت باشا» الذي كان بطلاً لإحدى المعارك في زمن الحرب العالمية الثانية، والذي يتهمه الأرمن بارتكاب مذبحة بحقهم، في إحدى الحدائق في أنقرة.