هل يترحم لبنان على أورتاغس كما ترحم على هوكستين؟- بقلم جوزفين ديب

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, June 3, 2025

كان آموس هوكستين يعرف كيف يبتسم أمام عدسات الكاميرا، ويعرف كيف يدور الزوايا ولكن من دون أن يضيع البوصلة. والدليل أن التفاوض معه انتهى إلى حرب والحرب انتهت إلى اتفاق وقف إطلاق النار.

وبعدما انتهى دوره وجاء دور مبعوثة الإدارة الجديدة، استنفرت الطبقة السياسة “حسها الذكوري”، واستفاقت على تمايزها الجندري. كيف لسيدة جميلة ان تلعب دور الوصي على البلد. لم يكن الاعتراض على دور الوصاية، فالبلد كان قد سقط فعلا تحت المظلة الدولية، فبات الاعتراض فقط على دور “ملكة جمال فلوريدا” الآتية من على يمين ادارة دونالد ترامب لتضع لبنان امام مسؤوليته التاريخية. إما الصعود إلى قطار المنطقة، إما التخلف والجلوس في المقعد الأخير.

هل نترحم على مورغن؟

انتهى دور آموس هوكستين الذي للمناسبة، حصل على جائزة فيليب حبيب في واشنطن منذ أسبوعين، ومن يعرف فيليب حبيب وما خلفه من أحداث في لبنان، يقدر له ان يقرأ في اتفاق وقف إطلاق النار، ما يترجم وصاية دولية أميركية اسرائيلية مباشرة.

كان آموس هوكستين يعرف كيف يبتسم أمام عدسات الكاميرا، ويعرف كيف يدور الزوايا ولكن من دون أن يضيع البوصلة. والدليل أن التفاوض معه انتهى إلى حرب والحرب انتهت إلى اتفاق وقف إطلاق النار
هوكستين سلم المهمة لمورغن اورتاغس، التي للمناسبة أيضاً، على تواصل وطيد بهوكستين صاحب الباع الطويل مع المسؤولين اللبنانيين، رغم ابتسامته العريضة.

يوم وصلت مورغان إلى لبنان وصرحت تصريحها الأوّل والصارخ يومها، ترحم اللبنانيون على وساطة هوكستين وابتساماته ظناً منهم انه كان “أرحم” من صاحبة الوجه الجميل.

بعد أشهر من التفاوض، اكتشف الأذكياء من الطبقة السياسية ان لا هوكستين ولا أورتاغس يختصران ما هو مرسوم للبنان وفق الخارطة الجديدة. وان مواجهة هذه الخارطة لا تكون بمواجهات شخصية ولا انتصارات وهمية.

تعامل الأذكياء مع الحقائق الجديدة، وبقي الأغبياء عالقين في حساباتهم الشخصية.

اليوم، كل المعلومات من واشنطن، تتحدث عن أن أسباب التغييرات المرتبطة بتغيير مهام مورغان أوتاغس هي أميركية داخلية محض. وكل ما يحكى في صالونات لبنان لا يتعدى روايات البصارات على فناجين القهوة.

والأهم اليوم، بالنسبة إلى لبنان ومصير اللبنانيين، هي انعكاسات قرارات خروج أورتاغس من الملف اللبناني وتداعيات ذلك على الأحداث المقبلة. على ان لا يصل اللبنانيون إلى الترحم عليها كما يترحمون اليوم على هوكستين، عندما يعرفون ما ينتظر المشهد اللبناني من أحداث مقبلة ما لم يسلك المسؤولون اللبنانيون المسار الدولي المنتظر منهم.

هوكستين سلم المهمة لمورغن اورتاغس، التي للمناسبة أيضاً، على تواصل وطيد بهوكستين صاحب الباع الطويل مع المسؤولين اللبنانيين، رغم ابتسامته العريضة
بين أورتاغس وباراك

لم يعلن بعد القرار الرسمي بمصير أورتاغس ، أكانت ستتولى ملفاً آخر أو غير ذلك. ولكن، مصادر أميركية قالت لـ”اساس”، أنّه في حال أصبجت اورتاغوس خارج الصورة، يمكن القول إن اهمية الملف اللبناني تراجعت في الادارة الأميركية، لأنّ سوريا، وكما سبق أن حذّرت هذه المصادر عبر “أساس”، تقدمت الأولويات وسبقت الجميع وسبقت لبنان إلى مسار النهوض.

لا تزال المؤشرات من واشنطن غير واضحة على مستوى من سيخلف أورتاغس بعد صدور قرار تنحيتها. ولكن هناك احتمالات أحلاها مر.

الأولى ان يتم تعيين مبعوث آخر خاص بلبنان بعد أن يتم وضع الرئاسات اللبنانية الثلاث امام إستحقاقات محكومة بمدة زمنية لا تتعدى الأسابيع تحت طائلة مسؤولية أمن البلاد، إما إلحاق لبنان بسوريا تحت عهدة المبعوث الاميركي طوم باراك، وعندها يتحول لبنان إلى بند اخير في لائحة الأولويات السورية.

ففي زحمة الانتصارات، على المحتفلين ان ينتبهوا ان سوريا سبق ان ربحت الاهتمام الدولي، ووفق مصادر دبلوماسية غربية ان ما يحضر لسوريا من أموال واستثمارات ضخمة غربية وخليجية، سيضع لبنان في أسفل السلم وهو في الأساس، العالق في جغرافيته بين إسرائيل وسوريا.

لا تزال المؤشرات من واشنطن غير واضحة على مستوى من سيخلف أورتاغس بعد صدور قرار تنحيتها. ولكن هناك احتمالات أحلاها مر
الخلاص بصندوق النقد وحصر السلاح

عند إعلان الصحافية المتموضعة على يمين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لورا لوومر خبر التغييرات المرتقبة في الإدارة حول ملف لبنان، كادت الاحتفالات في بيروت أن تصل إلى واشنطن، ظن المحتفلون أن الإدارة هناك حريصة على السيادة اللبنانية. إلا أن هناك كلاما في أروقة الدبلوماسية الأميركية، أنّ كلام أورتاغس الأخير من قطر عن إمكانية عدم حاجة لبنان إلى صندوق النقد سبقه مرافقة أورتاغس المصرفي البناني أنطون صحناوي على طائرته الخاصة من واشنطن إلى باريس. وهو في عرف الدبلوماسية الدولية أمر غير مقبول أبدا ويُخضع المعني به للتحقيق والمحاسبة.

فعلى الرغم من مسارعة اورتاغس لتصحيح “سوء الفهم” لتصريحاتها في قطر، وهو ما نشرته “أساس” فوراً على لسانها حول ضرورة اجراء الإصلاحات، إلا أن ذلك لم يمنع البلبلة في أروقة وزارة الخارجية هناك. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ترجح أوساط أميركية انها ستنتقل إلى ملف آخر مختلف عن لبنان بعدما طلبت بنفسها الحصول على ترقية.



أما سلاح الحزب فهو بند أساسي لا لبس فيه، مهما اختلف القيمون على الملف اللبناني.

المحتفلين بطوم باراك وجويل رايبرن الذي سيتسلم قريبا ملف لبنان في مكتب وزارة الخارجية، واعتبار البعض في الداخل اللبناني ان مقاربة الرجلين أقل وطأة من مقاربة أورتاغس، فليس عليهم إلا الانتظار قليلاً وليس كثيراً، لان سياسة واشنطن لا تختلف باختلاف الأشخاص.