خاص- تبدّلات سياسية في جبل لبنان... صافي: ٣ عناصر غيّرت مسار الانتخابات البلدية
شارك هذا الخبر
Wednesday, May 7, 2025
خاص الكلمة أونلاين
تقلا صليبا
طَوَت محافظة جبل لبنان أولى صفحات الانتخابات البلدية، لتُفسح المجال لباقي المحافظات، وقد شكّلت النتائج التي أعلنتها وزارة الداخلية والبلديات بشكل رسمي، محطّ تساؤل للكثير من المراقبين والمعنيين، اذ جاءت الأرقام بوجوه جديدة في مناطق، فيما حافظت على القديم في مناطق أخرى، رفعت البعض وأسقطت البعض الاخر.
وفي قراءة لتفاصيل المشهد البلدي الجديد في جبل لبنان، تواصل موقع "الكلمة أونلاين" مع الكاتب والاستاذ الجامعي البروفيسور هاني صافي، الذي رسم صورة موسّعة لما حصل، وقد ذكر عوامل ثلاثة، اعتبرها الأساسية في الوصول إلى ما شهدناه من نتائج.
يستهلّ صافي حديثه بالهوى السياسي الذي تبدّل مع تبدّل الظروف المحلية، الإقليمية والدولية، حيث يبدأ بسقوط نظام الأسد في سوريا، حرب غزّة وتغيّرات المنطقة ككلّ، ويصل إلى الحرب التي شهدها لبنان منذ الثامن من تشرين الأول 2023، والتي احتدمت في أيلول 2024، وأدّت إلى ما أدّت إليه من نتائج، انعكست على الصعيدين السياسي والانتخابي، وكانت أبرز صورها، ضعف المحور المدعوم من إيران وسوريا، وتراجع نفوذ كلّ المنتمين لهذا المحور، والمثال الأبرز على ذلك هو التراجع التي عرفته اللوائح المدعومة من النائب ميشال المرّ في المتن، بمقابل الأحزاب والأفرقاء المنتمين للمحور المقابل، وعلى رأسها حزبي "القوات والكتائب"، ومجموعة من الأطراف التي تسعى للتغيير الإيجابي في البلد.
من ناحية أخرى، يلقي البروفيسور صافي الضوء على فكرة غياب الانتخابات البلدية لسنوات طويلة، ما يعني دخول نَفَس شبابي كبير، يمارس حقّه بالانتخابات للمرّة الأولى، والأغلبية فيه تتّجه نحو خطّ سياسي جديد، وبالإضافة للعنصر الشبابي، نرى خرقًا كبيرًا للعنصر النسائي، والذي يخلق معه تغييرًا لا بأس به.
أما العنصر الثالث الذي يرى فيه نقطة تحوّل، فهو المال الانتخابي الذي تمّ صرفه بشكل هائل، مدموجًا بما هو أهمّ من المال، أي التكنولوجيا، التي استطاعت خلق فرق كبير، اذ سهّلت التواصل مع الناس، وسمحت بالتأثير على توجّهاتهم من خلال حملات مكثّفة، وتواصل مباشر عبر قنوات متعدّدة، مما سمح لخليط المال-التكنولوجيا، بالتحوّل لمؤثّر رئيسي، يتفوّق على الانتماءات الحزبية والسياسية، وعلى كلّ العناصر الأخرى التي كانت تُستخدم سابقًا.
هذا فيما يتعلّق بالأسباب، أما النتائج، فيرى صافي أن الربح الحقيقي هو لمن استطاع أن يصل إلى الرئاسة، بعيدًا عما يحاول البعض اعتباره نصرًا أو هزيمة، والاحتفال به ونسبه لنفسه و/أو لحزبه، فالبلديات شهدت تحالفات كثيرة، منها الغريب ومنها المتوقّع، وفوز لائحة تضمّ شخصًا ينتمي لحزب معيّن، لا يعني فوز الحزب في هذه المنطقة، إلا إذا كان انتماء رئيس اللائحة لهذا الحزب، أو تمّ دعمها بشكل مباشر من هذا الحزب، والمقياس الأنسب هو باعتبار كلّ من دعم أو شارك في لائحة ما، رابحًا، في حال فازت، أو خاسرًا بحال خسارتها.
في السياق نفسه، يكرّر صافي التأكيد على أن الرابح الأكبر في الانتخابات ليس حزبًا أو أفرادًا، إنما هو الخطّ السياسي المعروف بـ"السيادي"، بمقابل تراجع الخطّ التابع للمحور السوري-الإيراني، وهذا ما قد ينعكس على رئاسة اتّحادات البلديات، لاسيما في المتن، حيث – وبأقل تقدير – لم يعد محسومًا للسيّدة ميرنا المرّ، على غرار السنوات الكثيرة الماضية، بل بات خطّ "الكتائب" وحلفائها يشكّل اليوم مواجهة حقيقية، إذ بالأرقام، اقتربت رئيسة بلدية بكفيا السيّدة نيكول الجميّل من رئاسة الاتّحاد، أكثر من اقتراب رئيسته السابقة لولاية جديدة.
وعند التطرّق لموضوع الرئاسة، يختم صافي حديثه بالخوض بتفاصيل الأرقام التي نالها رؤساء اللوائح، حيث أظهرت النتائج في مناطق عدّة، أن أعضاءً في لوائح معيّنة، نالوا أصواتًا أكثر من الذين يترأسون اللائحة بشكل ملفت، ويفسّرها على أنها قد تكون رسالة من طائفة، فئة أو عائلة معيّنة بوجه الرئيس، أن وجودهم أساسي، أو أن ممثّليهم استطاعوا كسب أصوات أكثر، ما يمنحهم قوّة وحضور أكبر، أو ربّما لمجرّد إثبات رأي معيّن، ولأهداف سياسية مستقبلية على صعيد أكبر، إما لترؤس لائحة في البلديات، أو لغاية نيابية وسياسية "في نفس يعقوب".