ناشونال إنترست- إٍسرائيل في دوامة.. واحتلال غزة ليس الحل

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, May 7, 2025

صمد الجيش الإسرائيلي أمام الكثير من الحروب الوجودية، وحافظ على قدرته على التطور، ولكنه يعاني منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، في ظل اتساع رقعة الحرب على جبهات عديدة.

ويرى براندون ج. ويتشرت في مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية، أنه منذ الرد على هجمات حماس، فإن الجيش الإسرائيلي يجد نفسه في دوامة لا تنتهي من الحرب غير الحاسمة والمروعة في غزة.

ضعف حماس
لا أحد يعلم كيف سينتهي هذا. يصر القادة الإسرائيليون على أن هذا سيؤول إلى تدمير حماس. لكن ما هي المعايير لتحقيق ذلك؟ وإلى أي مدى وصل ضعف حماس؟ .
ومع الأنباء الأخيرة عن استدعاء إسرائيل 60 ألف جندي آخرين لنشرهم في قطاع غزة، "للسيطرة" على القطاع، بحسب تعبير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كيف يمكن المرء تصور أن النزاع سينتهي؟ وتفترض تقارير أن هؤلاء الـ60 ألف جندي سينصبون حواجز مزودة بتقنية التعرف على وجوه جميع سكان غزة. وبعد أن يدخل هؤلاء السكان إلى قاعدة بيانات أورويلية (نسبة إلى الكاتب البريطاني جورج أورويل)، سيسمح لهم بالوصول إلى المساعدات الإنسانية. لكن سواء نشرت إسرائيل 60 ألف جندي أو مئة ألف جندي لاحتلال غزة بشكل دائم، فإن فكرة القدرة على النجاح في تدمير حماس نهائياً، مضحكة. إن الجيش الإسرائيلي منهك فعلاً ــ وكانت غاراته على غزة، ويا للأسف، بعيدة كل البعد عن الفعالية التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية.


وناهيك عن رؤية أفعال إسرائيل من وجهة نظر أخلاقية، فإن الأمور واضحة من وجهة نظر استراتيجية. وببساطة، إن حملة القصف الجوي الإسرائيلي الشاملة على غزة، غير ناجحة.

مكانة اسرائيل
ومما يزيد الأمور تعقيداً، أن الغارات الجوية المستمرة تهدد الآن بزعزعة مكانة إسرائيل الاستراتيجية في المنطقة والعالم. ويحشد الجنوب العالمي صفوفه ضد إسرائيل، منحازاً - ولو ظاهرياً - إلى موقف إيران وحلفائها. حتى أن الصين وروسيا اللتين عادةً ما تتخذان موقفاً محايداً في ما يتعلق بالشؤون الإسرائيلية، يبدو أنهما تنجرفان نحو الجانب الإيراني في الصراع. هذا ناهيك عن تركيا، التي تتخذ خطوات جريئة لإعادة ترتيب الشرق الأوسط وفق مصالحها.


وفي الفترة التي سبقت تحرك إسرائيل ضد حماس في غزة رداً على هجومها في 7 أكتوبر(تشرين الأول) 2023، كان الحديث يدور بين القادة العسكريين الإسرائيليين وخبراء الدفاع حول العالم حول كيفية قيام الجيش الإسرائيلي بشن حملة شاملة لمكافحة الإرهاب. من هذا المنظور، سيكون الهجوم على حماس في قطاع غزة أشبه بمعركة الفلوجة الثانية عام 2004، والتي حررت فيها قوات مشاة البحرية الأمريكية تلك المدينة من براثن تنظيم القاعدة في العراق، الذي كان قد سيطر عليها رهينة. لم يكتفوا بمطاردة الجهاديين فحسب، بل حرصوا أيضاً على ضمان سلامة السكان المدنيين.

قصف شامل
ولم تنجح حملة القصف الإسرائيلية من منزل إلى منزل. في الواقع، لم تكد تُجرّب حتى لجأ الإسرائيليون إلى القصف الشامل. ألغى هذا الأمر العنصر الأساسي اللازم لنجاح هجوم على غرار الفلوجة: فقد عرّض السكان المدنيين للخطر، وحوّلهم ضد الإسرائيليين بشكل جذري، ووفر تدفقاً مستمراً من المقاتلين الجدد لحماس لتعويض خسائرها في المعركة.
وعلى رغم كل الحديث عن الطبيعة "الجراحية" للغارات الجوية الإسرائيلية، فإن الحقيقة هي أن غزة قد سويت بالأرض. وشوهت سمعة إسرائيل على الساحة العالمية، وهي تخاطر بأن تصير دولة منبوذة لأن الكثير من المراقبين يعتقدون أن إسرائيل تريد تطهير غزة عرقياً. إن دولة كان ينبغي أن تحظى بتعاطف العالم بعد هجوم إرهابي مروع وغير مبرر، باتت الآن معرضة لخطر عداوة عالمية أبدية.
وترى المجلة أنه ما كان ينبغي أن يكون الأمر كذلك. وجزء من السبب في ذلك، يعود إلى فشل سياسات الحرب الإسرائيلية.
أخفقت إسرائيل في تحقيق أهدافها الاستراتيجية المعلنة. في الأيام الأولى للحرب، أعلنت رغبتها في تدمير حماس وإعادة الرهائن. لقد تضررت حماس، بل وربما دُمرت، جراء الحرب. لكن التكتيكات التي استخدمها الإسرائيليون على الأرجح أضرت بالغاية التي خطط لها القادة الإسرائيليون. والأسوأ من ذلك، أن الرهائن لم يعودوا جميعهم بعد.
هناك أمر واحد واضح: إن غزو الشعب الفلسطيني المُشتت في غزة واحتلال القطاع، لن يحقق السلام أو الأمن على المدى الطويل. إسرائيل في حاجةٍ إلى استراتيجيةٍ جديدة.


24.AE