إسرائيل تريد تجاوز الهدنة إلى إتفاق جديد

  • شارك هذا الخبر
Friday, February 21, 2025

اشترط الجيش الإسرائيلي بعد انسحابه من لبنان في 25 أيار عام 2000، إثر اجتياحه مناطق في جنوب لبنان منذ العام 1978، الإبقاء على نقاط محددة من منطقتي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، لزعمه أنها مناطق سورية تخضع لمفاعيل القرار 242 ومندرجاته.

وقد رفض الجانب الإسرائيلي حينذاك أن تكون تلك النقاط ضمن «الخط الأزرق»، الممتد من الناقورة حتى قرية الغجر ضمن الشطر الشمالي اللبناني، واستمرت هكذا تحت مسمى «خط الانسحاب».

بعد الانسحاب الأخير في 18 الجاري، أضاف الجيش الإسرائيلي على النقاط القديمة 5 مراكز جديدة، تحت مسمى «توفير الأمن للمستوطنات الشمالية الحدودية»، التي تعتبر أيضًا مرتفعات استراتيجية تقع بين الناقورة وشبعا.

المراكز هي: تلال اللبونة في خراج الناقورة تقابلها أبرز مستوطنات الجليل الغربي من روش هانيكرا إلى شلومي ونهاريا، وجبل بلاط بين مروحين ورامية تقابله مستوطنات شتولا وزرعيت، وجل الدير وجبل الباط في خراج عيترون تقابلهما مستوطنات أفيفيم ويفتاح والمالكية. وبالنسبة للقطاع الشرقي، فيقابل نقطة الدواوير على طريق مركبا – حولا وادي هونين ومستعمرة مرغليوت، فيما تقابل تلة الحمامص مستعمرة المطلة.

الزخم الإعلامي الذي يسود الواقع المستجد يحمل في طياته الكثير من التحليلات والتفسيرات والمواقف السياسية المتناقضة بين لبنان وإسرائيل حول استمرار الاحتلال. أمور تتمحور حول موقف لبنان المطالب «بتحرير كل شبر»، والاعتبارات الإسرائيلية وفق «مقتضيات الضرورة وعدم وجود تهديد فوري».

ضابط متقاعد في الجيش اللبناني عمل طويلا في تلك المنطقة ويدرك جغرافيتها، قال لـ«الأنباء»: «النقاط المعنية هي فعليًا مطلة وكاشفة على كل المنطقة الحدودية لإسرائيل وجنوب لبنان، ويمكن من خلالها النفاذ بين البلدات الحدودية بسهولة. وبالمعنى العسكري الإسرائيلي، تشكل إشعارًا للمستوطنين بنوع من الأمان، طالما لا تزال عودتهم تشكل تحديًا أمام الجيش الإسرائيلي».

وأضاف «معلوم أن لبنان وإسرائيل دخلا في مشروع اتفاق وقف إطلاق النار الذي أخذ حيز التنفيذ. لكن المجهول هو المصير للمرحلة الجديدة، ومرد إصرار العدو على تكريس احتلاله بالاحتفاظ بتلك النقاط، بمعزل عن مسألتي احتلال شبعا وكفرشوبا وتذرع العدو بوجود نزاع مع سورية حولهما. ويأتي ذلك لطمأنة الجمهور الإسرائيلي والتخفيف من حدة انتقاداته، ممن يعتبرون أن الاتفاق لا يصب في مصلحة مستقبل دولتهم، ومن جهة ثانية لفرض درجة من الضغط على حزب الله. والحالتان تكتسيان أهمية ورمزية بالنسبة إلى مستقبل المشروع الإسرائيلي المتصل بإسرائيل الكبرى وأطماعها في المنطقة».

ورأى في المقابل، أن إسرائيل «ستكون تحت الضغط الدولي، من أجل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، خصوصًا من جانب فرنسا والولايات المتحدة، وفرض الانسحاب في أي وقت. والمرحلة الجديدة التي انطلق بها لبنان، في ظل الدعم الدولي الذي تحقق من خلاله انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة، ومسارعة الدول الراعية إلى تقديم الدعم لوضع لبنان على سكة النهوض، لا يتوافق مع استمرار هذا الاحتلال شكلا ومضمونًا».

وأضاف: «بلدة كفرشوبا التي تشكل مثلثًا للحدود بين لبنان وسورية وفلسطين، حيث ينصب الجيش الإسرائيلي عليها أحد أهم أبراج المراقبة، وشبعا التي يتراءى منها الناظر إلى البعيد من الجنوب لإسرائيل والأردن وسورية وخصوصًا مع الاحتلال الجديد لجبل الشيخ، ستكون النقاط الخمس مكملة من حيث المنظار العسكري، على رغم أن الأطماع الإسرائيلية بالمناطق الكاشفة المذكورة ليست بالأمر الجديد. فمنذ العام 1978، مرورا بعامي 2000 و2006 وصولًا إلى اليوم، تثبت إسرائيل أطماعها بتلك المنطقة الغنية على المستويين العسكري والجغرافي الحيوي».

وعليه، فالقضم الإسرائيلي المتعمد للأراضي نغص على الجنوبيين العائدين فرحتهم للمرة الثالثة منذ إعلان وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي، وكذلك التحركات العسكرية الإسرائيلية خلف الجدار وورشة الأشغال القائمة في المكان، في انتظار المرحلة الرابعة التي يبقى تنفيذها رهن الضغوط الدولية في هذا الصدد.

الأنباء