وسط مخاوف تجارية وتخفيضات حكومية... تباطؤ حاد في نشاط الأعمال بالولايات المتحدة
شارك هذا الخبر
Friday, February 21, 2025
شهد نشاط الأعمال في الولايات المتحدة تباطؤاً حاداً خلال فبراير (شباط)، في ظل تصاعد المخاوف بشأن الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات، إلى جانب التخفيضات العميقة في الإنفاق الحكومي الفيدرالي، مما أدى إلى محو المكاسب التي تحققت عقب فوز الرئيس دونالد ترمب في الانتخابات.
وجاء الانخفاض في النشاط، الذي بلغ أدنى مستوياته خلال 17 شهراً، وفقاً لتقرير «ستاندرد آند بورز غلوبال» الصادر يوم الجمعة، ليؤكد سلسلة من المسوحات التي تعكس ازدياد قلق الشركات والمستهلكين إزاء سياسات إدارة ترمب، وفق «رويترز».
وكانت معنويات قطاعي الأعمال والمستهلكين قد شهدت تحسناً عقب فوز الجمهوريين في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، مدفوعة بالتوقعات بتخفيف القيود التنظيمية، وخفض الضرائب، وتقليص التضخم.
قلق واسع النطاق في الأسواق
وقال كريس ويليامسون، كبير خبراء الاقتصاد التجاري لدى «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»: «أعربت الشركات عن قلقها العميق إزاء تأثير السياسات الفيدرالية، بدءاً من تقليص الإنفاق إلى التعريفات الجمركية والتطورات الجيوسياسية. وأشار الكثيرون إلى تراجع المبيعات بسبب حالة عدم اليقين التي أفرزها المشهد السياسي المتغير، في حين شهدت الأسعار ارتفاعاً نتيجة زيادات التكاليف المرتبطة بالرسوم الجمركية التي فرضها الموردون».
وانخفض مؤشر مديري المشتريات المركب الأميركي الصادر عن «ستاندرد آند بورز غلوبال»، والذي يتتبع أداء قطاعي التصنيع والخدمات، إلى 50.4 نقطة خلال الشهر الحالي، وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر (أيلول) 2023، بعد أن سجل 52.7 نقطة في يناير (كانون الثاني). وتشير أي قراءة تتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص، غير أن هذا التراجع الحاد يعكس فتور النشاط الاقتصادي.
ويحمل قطاع الخدمات العبء الأكبر لهذا الانخفاض، حيث سجل أول انكماش له منذ يناير 2023.
وفي أسابيعه الأولى من ولايته، فرض ترمب تعريفة إضافية بنسبة 10 في المائة على الواردات الصينية، ورفع الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 25 في المائة، بينما أُجّل فرض ضريبة بنسبة 25 في المائة على الواردات المقبلة من المكسيك وكندا حتى مارس (آذار). كما أعلن عزمه فرض تعريفات جديدة بنسبة 25 في المائة على السيارات، وأشباه الموصلات، والمستحضرات الصيدلانية.
وبالتوازي مع ذلك، تم خفض الإنفاق الحكومي الفيدرالي بشكل كبير، مما أدى إلى تسريح الآلاف من العمال، من العلماء إلى حراس المتنزهات، تحت إدارة كفاءة الحكومة، وهي كيان أنشأه ترمب ويديره الملياردير إيلون ماسك تحت اسم «DOGE»، بهدف خفض تكاليف الحكومة.
وأظهر التقرير تصاعداً في تكاليف الإنتاج، حيث ارتفع مؤشر الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل المدخلات إلى 58.5 نقطة في فبراير (شباط)، مقارنة بـ57.4 نقطة في يناير، نتيجة الرسوم الجمركية وارتفاع أسعار الموردين.
وحملت المصانع هذه الزيادات إلى المستهلكين، مما قد يؤدي إلى ارتفاع تكلفة السلع. وقد كان تراجع أسعار السلع عاملاً رئيسياً في تباطؤ التضخم سابقاً، غير أن هذه الديناميكية قد تتغير إذا استمر ارتفاع التكاليف.
وفي المقابل، امتصت شركات الخدمات جزءاً من هذه الزيادات، مدفوعة بتباطؤ الطلب واشتداد المنافسة، وهو ما قد يسهم في الحد من ارتفاع التضخم على المدى القريب.
وانخفض مقياس الطلبات الجديدة إلى 50.6 نقطة في فبراير، مقارنة بـ53.7 نقطة في يناير، بينما تراجع مؤشر التوظيف إلى 49.4 نقطة من 54.0 نقطة، مما يشير إلى ضعف في سوق العمل.
ورغم ارتفاع مؤشر مديري المشتريات الصناعي إلى 51.6 نقطة، متجاوزاً التوقعات، تراجع مؤشر قطاع الخدمات إلى 49.7 نقطة، وهو أول انكماش له منذ أكثر من عامين، مما خالف التوقعات التي رجحت ارتفاعه إلى 53.0 نقطة.
وأوقف «الاحتياطي الفيدرالي» في يناير دورة تخفيف السياسة النقدية، بعد خفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس منذ سبتمبر. ومع تصاعد الضغوط التضخمية، يبقى البنك المركزي حذراً إزاء أي تخفيضات إضافية في أسعار الفائدة.