بعد تسلمها مهام وزارة التربية... كرامي: رحلة الإصلاح والإنقاذ بدأت
شارك هذا الخبر
Thursday, February 13, 2025
تسلّمت وزيرة التربية والتعليم العالي ريما كرامي مهام الوزارة من الوزير السابق عباس الحلبي، بحضور رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور بسام بدران، المدير العام للتربية عماد الأشقر، المدير العام للتعليم العالي الدكتور مازن الخطيب، المديرة العامة للتعليم المهني والتقني الدكتورة هنادي بري، رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء البروفسورة هيام إسحق وكبار موظفي الإدارة والمستشارين.
ورحّب الحلبي بالوزيرة الجديدة وقال: "في هذه المناسبة التي تشكل استمرارا للمسؤولية يختصره التسلم والتسليم، أرحب بالوزيرة الدكتورة ريما كرامي التي ستتولى مهمة شاقة في التربية حاولنا وجهدنا خلال ثلاث سنوات وخمسة اشهر لترسيخ قواعد جديدة للعمل التربوي ومسار مختلف يرتكز على الاصلاح وكف يد التدخلات في هذا القطاع رغم الصعاب والحملات التي واجهناها في مسيرتنا".
اضاف: "إن الاساس الذي اعتمدناه يرتكز على اعتبار التعليم التزاما وليس موضوعا سياسيا بل يتم اتخاذ القرار في شأنه تربويا. وللتذكير أننا حين تسلمنا التربية مررنا بسنوات عصيبة حملت أزمات لا قدرة على مواجهتها إلا بجهد جماعي، أولا في مواجهة الانهيار في البلاد، ثم الأزمات المالية التي ارتدت على القطاع واضطررنا لتوفير الأموال بجهود مضنية لتيسيير أمور القطاع، وتخللت السنوات اضرابات ومقاطعة بذلنا جهدا كبيرا وأنتجنا تسويات ووفرنا تقديمات لاستمرارية التعليم".
وتابع: "للكلام في هذا الشأن الكثير، إذ كنا ندرك أن تحصين التعليم وحمايته يتطلبان دعم الحكومة لمشاريع وزارة التربية، فكيف حين تعرض البلد كله لحرب إسرائيلية غاشمة دمرت مناطق بأكملها، وهجرت التلامذة فتحولت المدارس لمراكز إيواء، لكننا تمكنا وفق خطط ورؤى أن نواصل التعليم معتبرين أنه عنصر اساسي للصمود وحماية الطلاب ولبنان".
وأردف: "في كل مراحل الأزمات التي تجاوزناها وحققنا انجازات في قطاع هو من الأصعب في لبنان، اعتبرنا دائما وعن اقتناع أن التربية هي عمل جماعي وجهد مشترك بين مكوناتها كلها. إذ ان التعاون هو الأساس لعبور المراحل الصعبة. ففي ضوء الأزمات عملنا على معالجة المشكلات التي تواجه العام الدراسي، انطلاقاً من ثوابت تقوم على الشفافية والافصاح، وفي محطات مضيئة تمكنا من انجاز الكثير لعل أبرزها اطلاق خطة طريق الاصلاح التربوي، وهنا كان رهاننا على أن تشكل نقلة نوعية لكل قطاعات التعليم، وأيضاً في ما استكملناه على صعيد المناهج التعليمية الجديدة".
وقال: "ما استنتجناه، وهذا الكلام نقوله لمعالي الوزيرة الجديدة، ان الأزمة الرئيسية للتربية هي بنيوية، وتحتاج إلى اصلاحات جوهرية واعادة هيكلة وتنظيم، وعملية إنقاذ وضعنا اللبنات الأولى لها وقطعنا شوطا كبيرا على الرغم من الحملات الظالمة والتدخلات التي نعرف حسابات أصحابها ومصالحهم، ولا تستقيم الأمور أيضاً إلا من خلال مشاريع قوانين تختص بالتربية".
أضاف: "عملنا على أكثر من ملف إصلاحي، وإن كان المسار يحتاج الى فترة زمنية واستقرار ودعم من كل الجهات للوصول إلى الأهداف المتوخاة، فالإصلاح الذي أطلقناه مثلاً لا يتحقق كاملاً إلا بتعاون كل الأطراف والمكونات في المجتمعين التربوي والسياسي. أولويتنا دائماً كانت استمرارية التعليم، ومنع تعثر القطاع التربوي حتى في الأزمات. ولذا نسلم الأمانة في هذه الصورة الديموقراطية، ونحن على ثقة بأن ما حققناه وأنجزناه ستظهر نتائجه وستتبين مع الوقت، ونحن منذ الآن نعوّل على الاستمرار في حسن قيادة القطاع، مع الإدارة العزيزة في التعليم العام والتعليم المهني والتقني والتعليم العالي والمركز التربوي للبحوث والإنماء والجامعة اللبنانية، هذه الإدارة التي ربطتني بها وبفريق العمل الإستشاري علاقات الود والصبر والسهر والتضحيات وبعد النظر في أحلك ساعات الوطن، فعملنا فريقاً واحدا متضامناً متكافلا وأنقذنا التعليم وأنجزنا الكثير من أجل مستقبل أولادنا.
وتابع: "لست هنا لأعرض الإنجازات بل لأقول إننا عملنا بكل ما أوتينا لتبقى التربية منارة للبنان. فهناك مشاريع عديدة نضعها بين ايديكم وهي بالغة الأهمية للتربية ولتطوير القطاع، وأتمنى أن تتابعوها مع العهد الجديد لفخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في سدة الرئاسة، ودولة رئيس مجلس الوزراء القاضي نواف سلام، اللذين نستبشر بهما خيرا للتربية وللبنان".
وأردف: "في التعليم العام، وضعنا خطة لبناء مدارس رسمية جديدة وترميم مجموعات كبيرة من المدارس المتهالكة والمتضررة بفعل انفجار مرفأ بيروت، وحصلنا على تمويلات وقروض وأصبحت مدارسنا لائقة باحتضان تلامذة المدرسة الرسمية. وفي العدوان الإسرائيلي على لبنان، كانت لدينا خطة لجهة الإيواء واستمرار التعليم حضوريا ومن بعد، حافظنا من خلالها على الحد الأدنى من التعليم، وكنا اجرينا الإمتحانات الرسمية بكل شفافية وتابع طلابنا تحصيلهم الجامعي في الداخل والخارج".
وقال: "كذلك أنجزنا مشاريع تتعلق بالصحة المدرسية بالتعاون مع وزارة الصحة العامة ومنظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر والإرشاد الصحي. وتابعنا بكل جهد وإصرار التواصل مع الجهات المانحة والمجتمع الدولي وحملنا قضية التربية وحاجاتها إلى المؤتمرات العربية والدولية خصوصا اليونسكو واليونيسف والبنك الدولي والتعليم لا ينتظر، والتعليم فوق الجميع والألكسو، وغيرها الكثير، ووفرنا لأفراد الهيئة التعليمية ولصناديق المدارس التمويل الممكن لجعل التعليم يسير بكل المدارس والثانويات والمهنيات الرسمية والجامعة اللبنانية بالحد المقبول لجهة أتعاب المعلمين وتوفير المصاريف التشغيلية".
أضاف: "لقد جاءت زياراتنا الميدانية إلى كل المناطق اللبنانية من أقاصي عكار ووادي خالد وطرابلس وبشري ، إلى رأس الناقورة، فأقاصي الهرمل وبعلبك والبقاع الغربي والأوسط ، والجبل والساحل وبيروت ، وصور وصيدا والنبطية لمعاينة الواقع والإستماع إلى مطالب الأساتذة والتلامذة" .
وتابع: "في المديرية العامة للتربية، تم وضع خطة خمسية للقطاع وخارطة طريق استراتيجية لإصلاح التعليم 2023-2025 ثم تمديدها والعمل على دمج التعلم الرقمي في المدارس، وتحسين الشفافية في حوكمة التعليم، وتحسين ظروف عمل المعلمين، وتدريبهم على مناهج التدريس الرقمية. وتوسيع مشاريع بناء المدارس لاستيعاب الالتحاق المتزايد. وتوسيع فرص الحصول على التعليم للتلامذة اللاجئين، والشراكة مع المنظمات غير الحكومية لتحسين فرص الحصول على التعليم. والاستجابة لحالات الطوارئ والأزمات، ووضع خطة تعليمية طارئة لحالات الأزمات وضمان استمرار التعلم أثناء الأزمات من خلال المنصات الإلكترونية، إنشاء خدمات دعم للطلاب والمعلمين النازحين، وتأمين التمويل لإعادة بناء المدارس المتضررة من النزاعات".
وقال: "أجرينا الإمتحانات الرسمية بكل إصرار وبالتعاون مع سفراء الدول الكبرى ومنظمات الأمم المتحدة، وقد تم توفير غطاء أمني دولي لها، وتمت بكل شفافية وهدوء وانطلق طلابنا إلى الجامعات حاملين شهادات وليس إفادات" .
أضاف: "في المركز التربوي للبحوث والإنماء وعلى مستوى المشاريع، تم إطلاق ورشة المناهج، وفي هذه الورشة تم إطلاق الإطار الوطني لمنهاج التعليم العام ما قبل الجامعي في السراي الكبير في 15 كانون الأول 2022، ثم تركز العمل على 11 سياسة تربوية من جانب 170 خبيرا من أجل تحسين وتعزيز النظام التربوي في خلال عملية تطبيق المناهج. مع الإشارة إلى أن دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي ، قد صادق على الإطار الوطني والأوراق المساندة" .
وتابع: "تم تنفيذ مرحلة تجريبية للسياسات من خلال تأليف وحدات دراسية وتطبيقها في عدد من المدارس، وتم بدء العمل على مرحلة تأليف المدى والتتابع من جانب 370 خبيرا وفاقا لمعاييرعلمية بعدما تم اختيارهم وتدريبهم بواسطة الخبراء. وتم اعداد دراسات، حول واقع المدارس الدامجة، ومدى جهوزية المربين في لبنان، وإنجاز المنهاج في خلال عملية التعلّم من بعد والتحديات التي واجهت المديرين والمعلمين".
وأردف: "في إطار التعلّم في وقت الأزمات، تم إنجاز الدراسات المرتبطة بإنجاز المنهاج سنويا، ودراسة الفقدان التعلّمي، وتكييف المناهج الدراسية الحالية سنويا كاستجابة للأزمات، كما تم بناء برنامج التعافي للمدارس الصيفية وبرامج التدخل في خلال السنة الدراسية على خمس مراحل من أجل ردم الهوة على مستوى المحتوى والكفايات في مرحلة التعليم الأساسي، في مواد الرياضيات واللغات والتعلم الإنفعالي الإجتماعي".
وقال: "كما شهدت المديرية العامة للتعليم المهني والتقني العناية والرعاية نفسها التي شهدتها المديرية العامة للتربية، إن لجهة الإستراتيجية والخطة الخمسية، او لجهة تأمين الرواتب والإنتاجية لأفراد الهيئة التعليمية وتوفير المصاريف التشغيلية للمدارس والمعاهد الفنية وإجراء الإمتحانات الرسمية والعمل على تطوير المناهج والتجهيزات الفنية. وتحققت في المديرية العامة للتعليم العالي قفزة نوعية بعد فترة من شبه الغياب الإداري واستشراء الفوضى واهتزاز صورة الشهادة نتيجة عصابات التزوير والرشى".
أضاف: "بدأت الورشة الإصلاحية بوضع خطة خمسية، والبدء بالتصدي للملفات غير القانونية وكشف المتورطين في الإدارة وخارجها، وشكلنا مجلس التعليم العالي واللجنة الفنية الأكاديمية واللجان المتخصصة وعينا امناء السر واستجبنا لطلبات مؤسسات التعليم العالي المستحقة ووضعنا الغرامات على المخالفين لكننا حفظنا حقوق الطلاب، وسحبنا ترخيص إحدى الجامعات ووضعنا جامعتين تحت وصاية مجلس التعليم العالي وغير ذلك الكثير".
وتابع: "كذلك تم وضع الخطة الإستراتيجية للتعليم العالي ومضينا قدما في عملية تطبيق القانون وتطوير البرمجيات وصولا إلى شراء نظام بلوكتشاين للمحافظة على داتا الشهادات والمصادقات والمعادلات من دون اي خرق أو تلاعب .كما تم تشكيل اللجنة الفنية الأكاديمية وانتظام عقد جلساتها وتشكلت ايضا لجنة المعادلات في التعليم العالي، وكذلك لجنة إذن مزاولة مهنة الهندسة. وتم تشكيل لجان متخصصة بالبرامج لكل طلب ترخيص أو طلب إذن مباشرة تدريس أو طلب اعتراف أو طلب تجديد اعتراف لجنة متخصصة بالبرامج للقيام بالدراسة اللازمة".
وقال: "أصدرت هذه اللجان قرارات تغريم جراء مخالفات أحكام قانون التعليم العالي ، وقرارات منح إذن بمباشرة التدريس في برامج واختصاصات جامعية ، وقرارات اعتراف وأعطيت الأولوية لملفات الاعتراف كي يتمكن الخريجون من حيازة المعادلات الجامعية المطلوبة لمتابعة دراساتهم أو الالتحاق بأسواق العمل والتوظيف. كذلك تمت معالجة ملف معادلات ومصادقات شهادات الطلاب العراقيين بناء على بروتوكول تعاون أقرتها الحكومتان اللبنانية والعراقية. وتم تنظيم وتسريع البت بالمصادقات والمعادلات ونشر الأرقام بشفافيىة وبصورة رسمية. وفي المقابل حققت الجامعة اللبنانية أيضاً منذ أن تولينا حقيبة الوزارة العديد من الإنجازات بالتعاون مع رئيسها، بدءاً من إطلاق إستراتيجية الجامعة اللبنانية: مدخل للنهوض وفعل إيمان بالجامعة. إلى قرارات اتخذها مجلس الوزراء بادخال المتفرغين للملاك، وكذلك تم افتتاح مصنع تجميع وإنتاج أجهزة الكترونية في مجمع بيار الجميل، وإنجاز عقود المشاهرة لمدربي الجامعة، وتوفير التمويل اللازم لدفع بدلات الإنتاجية لأفراد الهيئات التعليمية والإدارية في الجامعة، وهو ما جعل الجامعة رغم الصعوبات تتبوأ مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية".
أضاف: "قبل أن أختم أود أن أشير إلى أنَّ إدارة الوزارات لا تتطابق مع سلوك الناشطين، لأنَّ في الحالة الأولى تستوجب عقلاً مؤسساتياً يقوم على التخطيط والتنفيذ، ويجانب الشعبوية والمزايدات. أما العقل الناشط فهو يشير ربما عن حق إلى مكامن الخلل ولكن لا تُعالَج المسائل لا بواسطة وسائل التواصل ولا بالإعلام المضلل".
وتابع: "إننا نعوِّل على حسن تقديرك للظروف التي عملنا فيها ودعوتنا الدائمة هي أنَّ العمل المؤسساتي لا يكتمل إلاّ بالتراكم وليس بإعادة النظر بكل ما سبق وتمَّ تخطيطه وتنفيذه خصوصاً أننا في ظروف معقدة مالية وسياسية تجعل من بلوغ النتائج أمراً متاحاً إذا ما اعتمدنا فكرة الإستمرارية والتراكم".
وأردف: "أود في هذه المناسبة أن اتوجه بتحية شكر وتقدير إلى دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، والرئيس نجيب ميقاتي، لوقوفهما إلى جانب قضايا التربية في أكثر الظروف صعوبة، وإلى جانب مطالب أفراد الهيئة التعليمية ، ومؤازرتنا في عملية التطوير التربوي وتجديد المناهج
وختم: "في النهاية أود ان أعبر عن عميق شكري وتقديري ومحبتي للإدارة والمستشارين في هذه الوزارة على المستويات كافة، فقد عملنا قلباً واحدا فنجحنا وأنجزنا، وآمل ان تعملوا جميعا كفريق عمل موحد مع معالي الوزيرة الجديدة، لكي تنجح وتنجز وترتقي بالتربية وهي كنز لبنان".
بدورها، قالت كرامي: "أبتدىء بالشكر لمعالي الوزير الدكتور عباس الحلبي وفريق عمله على الجهود الجبارة التي بذلوها في خلال ولاية وزارتهم ، إذ لا شك بأنهم عملوا في ظروف أكثر من استثنائية وكان أسوأ هذه الظروف هو العدوان الإسرائيلي الذي ترك جروحا ما زالت تدمي وجداننا وكرامتنا، وإن ما فاقم أزمة هذا القطاع هو أننا ابتدأنا نشعر بقسوتها منذ العام 2011".
وأضافت: "لقد استدعت هذه الظروف الإستثنائية قرارات ومواقف غير اعتيادية، ما شكّل ثقلا لا يسهل على أي شخص في موقع قيادي أن يتحمله. فشكرا معاليك على ثباتكم في تحمل هذه المسؤولية وعلى ما تمكنتم من إنجازه في ظل هذه الظروف العصيبة".
وتابعت: "إن فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون فتح لنا أفقا في هذا العهد الجديد، ودولة الرئيس الدكتور تمام سلام أطلق إسم الإصلاح والإنقاذ على هذه الحكومة، واعتبر أن الإصلاح هو من اجل الإنقاذ. وفي مقابلته الأخيرة أطلق على هذه الحكومة إسم حكومة تأسيسية".
وأردفت: "إن وزارة التربية يمكن ألا تعتبر بالمعايير السياسية وزارة سيادية لكنها ثاني اكبر الوزارات لجهة عدد موظفيها في الدولة اللبنانية، وهي في عيني وفي عيونكم اهم وزارة، واكثر وزارة تعلق عليها الآمال لبناء مستقبل مشرق يستحقه هذا الوطن وأبناؤه، خصوصا في هذه المرحلة الدقيقة وبالتالي فإنها مسؤولية وطنية واخلاقية في اعناقنا جميعا كموظفين في هذه الوزارة وكذلك كمهنيين تربويين رسالتهم خدمة الطفل، مستقبل هذا الوطن، وتأمين حقوقه".
وقالت: "إن الإعتراف بالمشكلات والتحديات المزمنة في هذا القطاع لا يقلل من الجهود الجبارة التي بذلتها الحكومات السابقة التي كانت تتولى إدارتها. ولكننا بأمس الحاجة مع هذا العهد الجديد وفي ظل هذه الحكومة التأسيسية، إلى الإعتراف بأننا في هذه الوزارة فقدنا ثقة المجتمع الذي يجب ان يعتبرنا حليفه وملاذه ومصدر عزته، وان نعترف أيضا بثقل التفكك والإنهيار في النسيج المؤسسساتي، إذ أن كلا منكم كان مضطرا لتأدية مهامه من خلاله. طبعا ، إن انعدام الثقة ليس مقتصرا على وزارتنا لكنه خطير ومهين لوزارة هي بطبيعتها لا يمكن ان تؤدي مهامها من دون شراكات مع المجتمع المحلي من مؤسسات وجمعيات وعائلات. فالمسؤولية مضاعفة علينا لاستعادة هذه الثقة، وهذا لا يمكن ان يحدث إلا إذا نظرنا بعين ناقدة إلى أعرافنا وإلى نهج عملنا وآلياته .إنه نقد بناء نحو بناء المستقبل".
أضافت: "برأيي إننا وزارة تحت ثقل أزماتها إضطرت لأن تضيع بوصلتها، وأجبرت على ان تكون قراراتها رد فعل، أي أننا تحولنا تحت ثقل هذه الأزمات إلى وزارة إدارة ازمات وهذا عمل جبار ولكن عندما يستمر هذا الأمر لأكثر من عشر سنوات يضيع منا الحلم ونصبح في مسار عمل بلا رؤية، اي من دون بوصلة" .
وتابعت: "لقد جئتكم من المجال الأكاديمي، كوني باحثة إجرائية أتعلم مع كل خطوة وأكتشف ليس لكي أفهم فقط إنما لأفعل. وبكوني باحثة إجرائية تربوية فإن نهجي بطبيعته هو نهج تشاركي، ورؤيتي لهذا القطاع بمدارسه وجامعاته حالمة ولكنها واقعية ومتجذرة بنسيج المجتمع الذي وجدت التربية كعلم ومؤسسات لخدمته".
وأردفت: "انا هنا لأمد يدي إليكم كفريق عمل في الوزارة مشكور على كل جهوده طوال هذا الوقت، من اجل فتح صفحة جديدة في تاريخ هذه الوزارة ترتقي إلى مستوى الآمال المعقودة على هذا العهد للنهوض بالوطن. هدفي هو العمل معكم ومع كل المعنيين بالقطاع التربوي على تأمين بيئة تعلمية آمنة وصحية، تعطي أطفالنا جميعا من دون تمييز، حقهم بالتعلم الجيد، الذي يرعى نموهم الفكري والعاطفي والإجتماعي" .
وقالت: "إن بناء هذه البيئة يتم عبر قادتها من الممارسين التربويين بكل مواقعهم، بالشراكة مع الأهل وأعضاء المجتمع المحلي. ودورنا كوزارة أن نوفر لهم الظروف الملائمة والدعم اللازم لكي يقوموا بعملهم على أحسن وجه ويرفعوا من شأن دورهم من مصاف الوظيفة إلى مصاف المهنة النبيلة" .
أضافت: "إن التحديات كبيرة منها المنظور ومنها غير المنظور ، والمسار طويل وشاق ، ومن المستحيل تحقيق هذه الرؤية ضمن المدة الزمنية المتوافرة لهذه الحكومة .فنلندا البلد الصغير مثل لبنان إسغرقت خمسة وعشرين عاما من العمل التراكمي لكي تحقق نهضتها التربوية .إن الجراح والمظالم كثيرة في كل انحاء هذا الوطن، من جنوبه المصاب إلى شماله المهمش، والتحدي هو تصويب البوصلة نحو تعافي هذه الوزارة واستعادة دورها في حماية الصالح العام الذي بازدهاره نرقى جميعا نحو التعافي والتميز".
وتوجهت إلى فريق العمل قائلة: "لا يهمني ماضيكم ولا انتماؤكم الحزبي، ولا عقيدتكم الإيمانية ، وكما أوصانا فخامة الرئيس مع انطلاقة هذا العهد وفي الجلسة الأولى لمجلس الوزراء ، وبوجودنا معا في مواقع المسؤولية ، ان نكون جميعا في خدمة الدولة ومؤسساتها نطبق قوانينها وتتم مساءلتنا على جودة عملنا . ونحن كذلك في خدمة مهنة التعليم، بنبلها ورقيها الإنساني، وهذا يعني أننا كتربويين منفتحون على النقد البناء لتطوير أدائنا والقيام بواجبنا المهني ، بتطوير المؤسسة التي تخدمنا".
أضافت: "نريد كوزارة ان نساعد على كسر الحلقات المفرغة التي علقت بها البلاد منذ سنين ، من الفساد والزبائنية وعدم الكفاءة التي كبلت رقي بلدنا ومنعته من الوصول إلى المكانة التي يستحقها أبناؤه. نريد ان نبني على النجاحات الموجودة التي صنعتموها كما أسهم في صنعها نضال المديرين والمعلمين والغيارى على الشأن التربوي ، الذين صمدوا تحت الأزمات المتراكمة. وان نضع نصب اعيننا رؤية بديلة لهذا القطاع التربوي ونتحمل مسؤوليتنا برعاية تنفيذها".
وتابعت: "أنا اعلن اليوم امامكم ابتداء رحلة الإصلاح والإنقاذ في وزارة التربية، مع الأخذ في الإعتبار التراكمية وتقدير وتثمين النجاحات الموجودة، وأعول عليكم وعلى مساعدتكم وجهودكم للإنطلاق بها".
بعد ذلك عقدت كرامي سلسلة من الإجتماعات مع المديرين العامين ورئيس الجامعة اللبنانية ورئيسة المركز التربوي ومع فريق العمل في مكتب الوزير، واطلعت منهم على الأمور الملحة والتنسيق للمرحلة المقبلة.