السنيورة: خطاب القسم حسم مسألة حصرية السلاح بيد الدولة

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, February 12, 2025

قال الرئيس فؤاد السنيورة في حديث إلى قناة "الحدث" من محطة "العربية": "بعد مرور أكثر من عامين على خلو موقع رئاسة الجمهورية، ومرور أكثر من ثلاثين شهراً على وجود حكومة تصريف الأعمال دون التمكُّن من إعادة تكوين المؤسسات الدستورية اللبنانية، انتخب الرئيس جوزاف عون، وأصبح لدينا اليوم حكومة جديدة تضم وجوها جديدة وكفاءات جيدة وواعدة".

أضاف:"من الطبيعي أنه ليس من الممكن أن يصار الى تحقيق الكمال في هذا الشأن، لكن في اعتقادي ما حصل أفضل الممكن. المطلوب من الحكومة أن تترجم آمال الناس وتوقعاتهم بقدر الإمكان، وأن يكون لديها إدارة صحيحة ومتبصرة لتوقعات اللبنانيين، وقدرة على وضع واختيار الأولويات الصحيحة للحكومة، وضمن الإمكانات المتاحة، تلك التي يمكن إتاحتها".

تابع:"أما بالنسبة إلى مسألة هزيمة حزب الله، فأعتقد أن المطلوب أن ينضوي الحزب تحت سلطة الدولة اللبنانية، التي يفترض بها أن تحتكر حمل السلاح واستعماله عند الاقتضاء على الأراضي اللبنانية كافة. أما بالنسبة إلى تمثيل هذه الحكومة لمختلف القوى السياسية، فإنّه من الطبيعي أن تكون هناك احزاب او فئات لم يجرِ تمثيلها في هذه الحكومة، ولكن هذه سمة النظام الديمقراطي البرلماني في أن تكون هناك اكثرية تحكم، وأقلية غير مهمشة تعارض. هكذا يستقيم العمل الديمقراطي البرلماني، وهذا يعني أن يشعر من هم في السلطة ان هناك من سوف يحاسبهم. وهذا يجعلهم أكثر تبصراً وحكمةً في أدائهم".

وقال:"في هذا الخصوص، أتمنى أن يُصار الى اعتماد الاسلوب الذي تمّ اعتماده في حكومتي الأولى، لأشهر عدة، وذلك من أجل تأكيد مبدأ دستوري أساسي، يتعلّق بفصل السلطات وتعاونها وتوازنها، وذلك حتى لا تطغى سلطة على أخرى. هنا أعني التعاون والتوازن بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. في هذا الخصوص، وخلال العام 2005، تمَّ التوافق حينذاك أن يُصار إلى أن تُعقد جلسات اسبوعية لمحاسبة الحكومة على أدائها، وذلك على النسق المتّبع المعمول به في أكثر الديموقراطيات عراقة في العالم. بهكذا يستطيع النظام الديموقراطي البرلماني أن يؤدي الدور الذي يتوقعه منه اللبنانيون، أي بوجود أكثرية تحكم وأقلية غير مهمشة تعارض، وهكذا تستقيم أمور الحكم في لبنان".



وردا على سؤال رأى أن"جزءًا كبيرًا من الألغام التي كانت تعترض البيانات الوزارية وأعمال الحكومات اللبنانية السابقة اصبحت الآن محيّدة، أو على الأرجح غير موجودة. فالثلاثية المقدسة، كما كانوا يسمونها، لم تعد واردة، ولا موضوع الثلث المعطل، ولا نموذج حكومات الوحدة الوطنية التي لا تسمح لتلك الحكومات بالتوصل إلى قرارات صحيحة وسريعة بسبب الاختلافات الواسعة بين الفرقاء السياسيين، وهي بالتالي باتت غير ممكنة الآن. أريد أن أقول هنا إنّ خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس عون قد حسم مسألة حصرية السلاح ليكون حصراً بيد الدولة اللبنانية وقواها الشرعية. كذلك الأمر في ما خصّ المسائل المتعلقة باحترام القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان، حيث انه كما نعلم أنه كان هناك من يحاول أن ينكر ذلك، أو أن يحاول أن يحيد مسألة تطبيق القرار 1701، بينما هم أنفسهم، وأعني بذلك حزب الله ومن يوالونه، الذين كانوا يتهربون من تطبيقه، وها نحن نراهم اليوم يقولون ويطالبون بوجوب تطبيقه. لكن، في هذا الخصوص، يجب على الجميع أن يدرك أنه بات هناك تفاهمات جديدة فاوض بشأنها ووقّع عليها الرئيس نبيه بري باسم حزب الله. وبالتالي، فقد التزمتها ا الحكومة اللبنانية بجميع مندرجاتها. لذلك يجب أن يُصار إلى احترام تطبيق القرار 1701 مع تطبيق البنود التي وردت في مذكرة التفاهمات، والتي يجب أن تسري على الاراضي اللبنانية كافة، ليس فقط على منطقة جنوب الليطاني، حيث يجب تطبيق هذا القرار وهذه التفاهمات بدءاً من منطقة جنوب الليطاني. هذا الأمر ينبغي ان يصار الى التدرج في اعتماده حتى تستعيد الدولة اللبنانية سلطتها الحصرية والكاملة على جميع الأراضي والمرافق اللبنانية".

أضاف:" هناك أمور يجب أن تكون واضحة في البيان الوزاري لتأكيد استعادة الدولة قرارها الحر وسلطتها الحصرية على كل الاراضي اللبنانية، كذلك استعادة الاعتبار والتشديد على استقلالية القضاء، وعلى اعتماد الكفاءة والجدارة في إيلاء المسؤوليات لأكْفائها، وفي احترام الدستور وحسن واستكمال تطبيق اتفاق الطائف، والعمل من أجل أيضاً وضع قانون جديد للانتخابات النيابية، وهي التي يجب ان تفرز مجلساً نيابياً جديداً سنة 2026. إنه مما لا شكّ فيه أن أحد أهم أولويات الحكومة اللبنانية الجديدة هي في العمل الجاد من أجل استعادة ثقة اللبنانيين بالدولة وباستقلالية القضاء وبثقة الاشقاء العرب والأصدقاء في العالم، لأنه بذلك تستطيع أن تباشر عملية إعمار المناطق المدمّرة، إذْ إنه لا يمكن للبنان أن ينجز أو أن يقوم بعملية اعادة الاعمار للمناطق المدمرة إذا لم يكن ذلك من خلال التقدّم على مسارات الاصلاح الحقيقية، والتي واستناداً إلى ذلك، تستطيع الحكومة اللبنانية استعادة ثقة اللبنانيين بالدولة وثقة الاشقاء والأصدقاء بها، وبالتالي ثقة الواهبين المحتملين الذين يمكن لهم أن يساعدوا لبنان على القيام بذلك إذا تبين لهم أنّ لبنان يعمل فعلياً على مساعدة نفسه عبر اعتماد الإصلاحات التي هو بحاجة إلى تطبيقها".

واعتبر ردا على سؤال أن " البيان الوزاري ملزم للحكومة وهي تحاسَبُ عليه بشأن ما تنفذُ منه، أو بشأن ما لم تنفذْ منه. وبالتالي، فإنّ الحكومة مسؤولة أمام مجلس النواب فيما خصّ هذا البيان الوزاري، ولذلك هو ضروري. صحيح أنّ الحزب لم يلتزم بالفعل تطبيق القرار 1701، كما أن إسرائيل لم تطبقه مثلما أنَّ حزب الله لم يطبقه. لكن ما استجد الآن، هو أنه قد أصبحت هناك في هذا الخصوص تفاهمات جديدة بشأن تطبيق هذا القرار، والتي التزمها حزب الله والتزمها الرئيس بري بالنيابة عن الحزب، وهي قد أصبحت ملزمة للحكومة اللبنانية. وان هناك من أصبح يراقب كيف تحصل الأمور وهل يتم التزام تلك التفاهمات من الحكومة اللبنانية".

وقال: "لنعترف الآن أنّ لبنان قد بات أمام ارغامين أساسيين لم يكونا موجودين في العام 2006. الإرغام الأول، هو أنَّ هناك من يُراقب ويُتابع مدى التزام الحزب، وبالتالي مدى التزام الدولة اللبنانية بمقتضيات تنفيذ هذا القرار، وبدءًا من منطقة جنوب الليطاني، وذلك بما يتعلّق بعدم وجود السلاح وبإقفال المعابر لمنع تسرُّب السلاح إلى لبنان. الأمر الثاني هناك إرغام آخر يجب علينا أن نعترف به، وهو بالتالي يتطلب من الحكومة اللبنانية القيام بمقتضيات استعادة الثقة بها من الأشقاء والاصدقاء في العالم، والذين نتوقع ونرغب ونأمل منهم أن يساعدوا لبنان من أجل دعمه وتمكينه من السير من جهة أولى على مسار الإصلاح، وبالتالي لتزويده وبالأسلوب الذي يرتاح ويطمئن له الواهبون المحتملون ويرتاحون له من أجل أن يتقدّم لبنان على مسار بدء وإنجاز عملية إعادة الإعمار. لذلك، ينبغي أن يكون واضحاً أنّه لا يمكن لأي حكومة، ولا لأي مجموعة في لبنان أن تغفل هذين الإرغامين الكبيرين اللذين باتا متوجبين على لبنان، وعلى الحكومة اللبنانية، وليس لدى لبنان من بد أو خيار إلاّ العمل على التزامهما واحترامهما بصدق وشفافية ومثابرة، ذلك لأنّ البديل عن ذلك صعب جداً ولا يستطيع لبنان واللبنانيين أن يتحملوه".

وأشار إلى أن "ليس هناك في لبنان وزارات سيادية ووزارات غير سيادية، كل الوزارات اللبنانية هي وزارات سيادية وبالتالي ليس هناك من وزارة تتسيَّد على وزارات أخرى، ولا يجوز في المبدأ أن تُعطِّل أي وزارة عمل الوزارات الأخرى. هذا الامر يجب ان يكون واضحاً للجميع وذلك منعاً للالتباس. الأمر الآخر، ان ليس هناك في الدستور اللبناني حقائب وزارية ممنوعة على أي أحد من المكونات اللبنانية، كما أنه ليس هناك من حقائب وزارية مرسومة او محتكرة باسم طوائف معينة. على العكس فإنَّ وزارة المال التي تم الكثير من الكلام بشأنها وحاول الرئيس بري أن يُظهر وكأنه كان هناك التزام تم الاتفاق بشأنه في مؤتمر الطائف بأن تكون وزارة المالية من حصة وزراء ينتمون إلى الطائفة الشيعية. هذا الادعاء غير صحيح على الإطلاق. إذْ لم يجرِ على الاطلاق الاتفاق في اتفاق الطائف على أي حصة أو حقيبة وزارية محجوزة لأي طائفة. في الحقيقة، انّه من حق كل طائفة أن يكون اعضاء منها يتولون أي وزارة مهما كانت هذه الطائفة كبيرة أو صغيرة، كما أنه ليس هناك من احتكار لأي طائفة على اي وزارة. فمثلًا وزارة المال، على مدى الأعوام منذ العام 1992 بعد إقرار اتفاق الطائف وحتى الآن، فقد تولى مسؤولية هذه الوزارة في ثماني حكومات كانوا من المسلمين السنَّة، واستمرّت هذه الحكومات 16 عامًا. وهناك ثمانية وزراء كانوا فيها من الشيعة، واستمرت تلك الحكومات ثماني سنوات، وهناك أربع وزارات تولاها مسيحيون ودامت خمس سنوات. هذا يعني أنّ ليس هناك على الاطلاق احتكاراً لأي حقيبة وزارية. لذا يجب ان يكون ذلك واضحاً الآن وفي المستقبل".

تابع: "من جهة أخرى، فإنّه لم يعد في هذه الحكومة الجديدة ما يُسمى ثلث معطّل. وبالتالي، فقد جرى وضع حد للممارسات الخاطئة التي حصلت بعد تسوية الدوحة. على صعيد التمثيل الشيعي في المجلس النيابي وفي الحكومة، فإنَّ هناك حركة أمل من جهة، وحزب الله من جهة أُخرى، فعلى الرغم من تعاونهما، فإنّ هناك مسائل عدة يبدو أن هناك تباينًا بينهما بشأنهما والأيام سوف تكشف كل جديد".

وردا على سؤال عن وزارة المال رأى أن " هذه الوزارة أصبحت الآن في عهدة الاستاذ ياسين جابر الذي كان بالمناسبة طالباً عندي عندما كنت أستاذاً محاضراً في الجامعة الأميركية". وقال: " ياسين جابر شخص مسؤول لديه من الحنكة ومن المعرفة والخبرة لكي يتولّى هذه الوزارة، وأن يقوم فيها بعمل جيد. وفي المحصلة، فإنه من الطبيعي أن يحاسب على أدائه. هذا الامر يعني أنه يجب علينا أن نضع حداً نهائياً لهذه الاحتكارات التي لم تعد تنفع بالنظر إلى الظروف والأوضاع المتغيرة في لبنان والمنطقة. وبالنظر إلى الارغامات التي بتنا نواجهها، وبسبب الأوضاع الصعبة التي يتعرّض لها لبنان الآن، فإنّ المطلوب من هذه الحكومة أن يكون فيها الحد الأدنى من التعاون والانسجام لكي تستطيع أن تواجه هذا الكم الكبير من المشكلات الكبرى التي يواجهها لبنان".