كلّ المبررات سقطت... هل يعرقل استحقاق الانتخابات البلديّة والاختياريّة؟-بقلم كارين القسيس

  • شارك هذا الخبر
Saturday, February 8, 2025

استحقاقات عدّة تنتظر تأليف الحكومة، أبرزها الانتخابات البلديّة والاختياريّة التي كان يفترض إجراؤها في أيّار 2022. هذا الاستحقاق يكشف حجم كلّ كتلة نيابيّة ويعتبر مهماً للقوى السياسيّة لمعرفة مدى تأثيرها في مختلف المناطق.


تأجلت الانتخابات البلديّة في لبنان ثلاث مراّت. المرة الأولى، بسبب الأزمة الاقتصاديّة، والمرة الثانية، مدّد مجلس النواب الذي انتخب عام 2022 عاماً إضافياً للبلديات، بحجّة الانهيار الاقتصادي وعدم الاستعداد الإداري واللوجستي وغياب التمويل، ليعود ويمدّد عاماً جديداً حتى أيّار 2025 بذريعة الحرب في الجنوب.


رغم التحديّات الكبيرة التي يعيشها سكّان الجنوب، يبقى إجراء هذا الاستحقاق أمراً مهماً جدًا، لأنّه يمثل جزءاً من تعزيز الديمقراطيّة وتقديم فرصة للمواطنين لاختيار ممثليهم المحليين. وفي حال تعذر على سكان بعض المناطق التصويت لظروف أمنية، يمكن اجتراح حلول مثل تأجيل التصويت في تلك المناطق أو توفير آليات بديلة، كالتصويت الإلكتروني أو التصويت في أماكن آمنة أخرى.


في هذا السياق، يُؤكد المحامي هيثم عزّو لـ "نداء الوطن" على مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، الذي يجيز للبناني المقيم في المناطق الحدوديّة حق الترشّح للانتخابات البلديّة والمشاركة في عمليّة الاقتراع على غرار كل المواطنين في مختلف المناطق اللبنانية.


ورأى أنّ إجراء الاستحقاق البلدي في مناطق معيّنة دون سواها، يُشكّل خرقاً لمبدأ المساواة. لكن هناك استثناءات خصوصاً في الظروف التي يمرّ بها الجنوب التي تحول دون إجرائها لوجود الإسرائيلي في أراضيه. أضاف: "من يعتبر أنه لا يجوز إجراء الانتخابات البلديّة من دون القرى الجنوبيّة، يعني إهداراً لحق الغالبيّة على حساب حقوق الأقليّة".


يبرر عزو إجراء الانتخابات في موعدها المحدّد وعدم ربطها بالمناطق الحدوديّة كي لا يُصار إلى تعطيل العمليّة الدستوريّة والانتخابيّة بمجملها انطلاقاً من واقع مفروض على الأرض لا نعلم مدته الزمنية.


عزّز خطاب القسم اللامركزية الإداريّة، والشرط الأوّل لتحقيقها التجديد على صعيد السلطات البلدية. في لبنان يوجد أكثر من 120 بلدية منحلّة، يضاف إليها عدد كبير من البلديات غير المنتجة. كما استنزفت الأزمة المالية والاقتصادية البلديات، بعضها لا تملك مداخيل وتسير بالحدّ الأدنى بفعل دعم مغتربين أو متمولين أو تتّكل على تمويل رئيس البلديّة.


يقتنع العهد بضرورة إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في مواعيدها الدستورية، فيما يشترط البعض لإجرائها، إقرار قانون اللامركزية الإدارية وتعزيز سلطة البلديات.


ستشكّل الحكومة محطة أساسيّة في معرفة اتجاه البوصلة، تأليفها بالشكل الصحيح سيسهّل هذا الأمر، لكن حتى لو تعثر التأليف، هناك مبدأ في السلطة، هو الاستمرارية. يسمح الدستور لحكومة تصريف الأعمال بإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، لذلك يستطيع الرئيس عون الطلب من حكومة الرئيس ميقاتي إجراء الانتخابات في حال تعذر التأليف، خصوصاً أنّ وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال القاضي بسام مولوي أكد مراراً على قدرة الدولة إجراء هذا الاستحقاق. وفي هذا السياق أعلن مولوي جهوزية القوائم الانتخابية الأولية لعامي 2025-2026، عملاً بالمواد 32 و33 و34 من القانون رقم 44 تاريخ17-6-2017.


انطلاقاً مما سبق، أوضح عزّو أنّ الحكومة المستقلية والتي تصرّف الأعمال يحق لها دعوة المعنيين لإجراء العمليّة الانتخابية وتنظيمها ولا مانع لا قانوناً ولا دستوراً في هذا الشأن، مؤكداً أنّه في حال امتنعت الحكومة المستقلية عن إجراء هذا الاستحقاق، فهي تُعطلّ بذلك المبادئ القانونيّة والدستوريّة ومنها دوريّة الانتخاب.


تميل الدفة لإجراء الانتخابات البلديّة والاختيارية لأنّ كل المبررات سقطت، وإذا كانت حجّة التأجيل، عدم القدرة على إجرائها في المناطق الحدوديّة المدمّرة، فهي غير مقنعة، لأنّه عندما جرت الانتخابات عام 1998 كان الجنوب محتلاً، والسؤال الذي يطرح نفسه: "إنّ إعمار القرى الحدودية المدمرة بالكامل يتطلّب سنوات، فهل تعطّل الاستحقاقات كافة حتى الانتهاء من إعادة الإعمار؟