وول ستريت جورنال- عمليات الهدم في جنين مقدمة لتحويل الضفة لغزة ثانية
شارك هذا الخبر
Wednesday, February 5, 2025
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده ماركوس وولكر قال فيه إن عمليات الهدم في جنين تؤشر لنهج إسرائيلي جديد في الضفة الغربية.
وقال إن الأراضي الفلسطينية المحتلة هي ساحة معركة مع إسرائيل في مرحلة هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 فيما أصبح مخيم جنين الخط الأمامي. ففي يوم الأحد، هدمت القوات الإسرائيلية 23 مبنى في جنين، وشقت طريقا عبر المخيم وسط انفجارات متزامنة سمعت في أنحاء واسعة من شمال الضفة الغربية.
وتشبه عمليات الهدم الواسعة النطاق التكتيك المستخدم في غزة، حيث شق الجيش الإسرائيلي ممرات لتقسيم القطاع. وفي جنين، يبدو أن هذه الأحداث تشير إلى نهج أكثر عدوانية من جانب إسرائيل، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة تشكيل الضفة الغربية ماديا وسياسيا، كما يقول المحللون الإسرائيليون والفلسطينيون.
ويخشى العديد من سكان الضفة الغربية أن تؤدي محاولات إسرائيل قمع الجماعات المسلحة في الضفة الغربية بالقوة إلى نتائج مماثلة لتلك التي حدثت في غزة: تدمير المناطق الحضرية الكثيفة وتشريد المدنيين وخلق الفوضى السياسية. وقال السياسي الفلسطيني مصطفى البرغوثي: “إن إسرائيل تنقل الحرب إلى الضفة الغربية”، مشيرا إلى أن القوات الإسرائيلية تعمل بالفعل على توسيع عملياتها إلى أجزاء أخرى من المنطقة.
وفي المقابل يقول الجيش الإسرائيلي إن عمليات الهدم التي قام بها الأحد تهدف إلى تدمير بيوت مرتبطة “ببنى إرهابية”. وفي الشهر الماضي وسع الجيش أهدافه الرسمية لتشمل الضفة الغربية، حيث تعهد باقتلاع الجماعات المسلحة بدءا من جنين.
وفي الأسبوع الماضي، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس الذي زار المخيم وقادة عسكريين: “لن يعود مخيم جنين إلى ما كان عليه”. وأضاف أنه بعد الهجوم الحالي، الذي بدأ بغارات جوية ومناورة برية في المخيم قبل أسبوعين: “ستبقى القوات الإسرائيلية في المخيم لضمان عدم عودة الإرهاب”. ولم يذكر كاتس المدة التي ستبقى فيها القوات الإسرائيلية، أو من سيحكم المنطقة ويوفر الخدمات الأساسية للسكان في ظل احتلال طويل الأمد.
وقد تسببت العملية بأضرار واسعة للمساكن الكثيفة في المخيم وهربت العديد من العائلات، لكن آخرين بقوا، حسب سكان المخيم. ويرى سكان المخيم ومحللون إسرائيليون أن القوات الإسرائيلية تعمل، على ما يبدو، على تقطيع مخيم جنين إلى أجزاء: توسيع الطرق بالجرافات وهدم المباني لتسهيل حركة القوات عبر متاهة الأسمنت والكتل الخرسانية.
وقال مايكل ميلشتين، رئيس القسم الفلسطيني السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، إن هذه الطريقة تشبه نهج القوات الإسرائيلية في غزة، وإن كان على نطاق أصغر. وأضاف: “إنهم يحاولون تقسيم المخيم إلى عدة أجزاء. إنه يشبه إلى حد كبير شمال غزة”. ويضيف ميليشتين الذي يعمل الآن باحثا في جامعة تل أبيب أنه ليس من الواضح إن كان لدى إسرائيل خطة لتهدئة المنطقة بعد القتال، و”على غرار غزة، نرى تحركات تكتيكية أو عملياتية، ولكن ما هي الاستراتيجية؟”.
لقد أدى القتال في جنين إلى إضعاف السلطة الفلسطينية الضعيفة بالفعل، والتي تحكم أجزاء من الضفة الغربية بموجب اتفاقيات مع إسرائيل تم توقيعها في التسعينيات. كما وفقدت السلطة الفلسطينية وحركة فتح التي تسيطر عليها الكثير من الدعم الشعبي بسبب الفساد والقمع والفشل في تحقيق الأهداف الوطنية وحق تقرير المصير.
وحاولت قوى الأمن التابعة للسلطة هذا الشتاء ولعدة أسابيع إخراج المسلحين من مخيم جنين، ولكنها لم تحقق إلا القليل. وسيطر الجيش الإسرائيلي على المخيم مستخدما قوة نيران واسعة. كما ولم تحظ جهود السلطة الفلسطينية بشعبية بين الفلسطينيين، حيث ينظر العديد منهم الآن إليها باعتبارها مقاولا أمنيا للاحتلال الإسرائيلي.
ومخيم جنين هو بمثابة متاهة من الكتل الإسمنتية الممتدة على تل فوق مدينة جنين، وبني بعد حرب عام 1948. ولطالما كان المخيم أحد مراكز المقاومة المسلحة للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية منذ عام 1967. وفي السنوات القليلة الماضية، شن مسلحون من فصائل مختلفة متمركزة في مخيمات اللاجئين في جنين ومدن أخرى في الضفة الغربية المزيد من الهجمات على الجنود والمستوطنين الإسرائيليين. وأدت الهجمات إلى نشر الجيش المزيد من قواته في الضفة الغربية، وهو ما يفسر عدم قدرة الجيش على التنبؤ بهجمات تشرين الأول/أكتوبر 2023، حسب قول إيادو هيتشت، المختص بالدفاع في جامعة بار إيلان. ومنح وقف إطلاق النار في غزة ولبنان الجيش الفرصة لإعادة نشر قواته والتركيز على الضفة كما قال.
ويقول بعض المسؤولين الفلسطينيين إن توقيت الهجوم الإسرائيلي على جنين يتعلق بالسياسة. لقد ترك اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي سمح لحماس بالظهور مرة أخرى في قطاع غزة، العديد من أنصار الحكومة اليمينية الإسرائيلية غاضبين ومحبطين. وقد قدم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحليفه اليميني المتطرف في الائتلاف، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، حملة القمع المتصاعدة في الضفة الغربية باعتبارها استمرارا للحرب.
ونقلت الصحيفة عن العميد أنور رجب، المتحدث باسم قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية قوله إن العملية الإسرائيلية في جنين كانت جزءا من جهد أوسع نطاقا لتقويض عملية قوات الأمن الفلسطينية. وقال إن الجيش الإسرائيلي عرقل عملية قوات الأمن الفلسطينية في جنين واتهم إسرائيل بعدم التنسيق معهم.
وطالما ما اتهمت إسرائيل السلطة الفلسطينية بدعم الإرهاب والتحريض عليه. ومع ذلك، تنظر إليها أجهزة الأمن الإسرائيلية باعتبارها شريكا مهما في احتواء الجماعات المسلحة.
وفي مخيم جنين وأجزاء أخرى من الضفة الغربية، تحول جيل جديد من الفلسطينيين إلى حمل السلاح بسبب إخفاقات السلطة الفلسطينية والعنف الذي يمارسه المستوطنون والافتقار إلى آفاق حياة أفضل، كما يقول نمرود نوفيك، المستشار السابق للحكومة الإسرائيلية. ويقول نوفيك، الذي يعمل الآن زميلا في منتدى السياسة الإسرائيلية، وهو مركز أبحاث مقره الولايات المتحدة: “يبحث الشباب الفلسطينيون، وبخاصة أولئك الذين لا يتذكرون ندوب الانتفاضة الثانية، عن بديل عنيف”. ويضيف نوفيك أن الدمار في جنين قد يصبح نموذجا للعمليات الإسرائيلية في المنطقة. ويضيف: “ما نشاهده في جنين هو انزلاق بطيء نحو تحويل الضفة الغربية إلى غزة”.