بري يعمل على احتواء "الحزب" تحت جناحيه- بقلم ألان سركيس

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, February 5, 2025

لا يزال الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة نواف سلام يدوّر الزوايا لاستيلاد الحكومة. تظهر العقد التي تتجدّد عند كلّ عملية تأليف، ويحاول رئيس الجمهورية جوزاف عون الإسراع في التأليف كي لا يستنزف عهده ويخفّ وهجه وزخمه.

وتبرز في هذا الإطار أجواء عربية ودولية تدفع في اتجاه الحديث مع بري، لأن "حزب اللّه" انتهى عسكرياً والمطلوب متحدث باسم الشيعة يمكن التفاهم معه.

يضاف إلى العامل هذا، إعلان "حزب اللّه" أن بري هو من يفاوض بعدما خسر قيادته، ويعمل بري على احتواء "الحزب" تحت جناحيه. وتصبّ الكارثة التي حلّت بـ "الثنائي" والتقاطع العربي والدولي على وجود ممثل مقبول لهم، في مصلحة بري الذي يفاوض على الحقائب والأسماء ويقسمها بين حركة "أمل" و"حزب اللّه".

تتّجه الأنظار إلى الساحة المسيحية بالتزامن مع تلويح "القوات اللبنانية" بعدم المشاركة، وفي هذه الحالة تتجه إلى المعارضة ويصبح التكتل المسيحي الأوّل خارج الحكم، ولن يعوّض دخول "الكتائب" وتيار "المردة" الفراغ خصوصاً إذا لم يُمثّل "التيار الوطني الحر" كما يطالب في الحكومة واختار المقاطعة لاحقاً. وفي حال تحقّق هذا السيناريو، يكون رئيس الجمهورية قد أطبق على الحصّة المسيحية وبات الممثل شبه الوحيد لها في الحكومة.

حُكمت البلاد من العام 1992 حتى 1998 بـ "ترويكا" رئاسية تمثّلت بالرئيس الياس الهراوي والرئيس الشهيد رفيق الحريري والرئيس نبيه برّي، وكان النائب السابق وليد جنبلاط في صلب التركيبة. اليوم انطلق سلام في مسوداته الحكومية بمنح جنبلاط ما يريد وبرّي أيضاً، بينما تعتبر "القوات" التي عادت بعد عام 2005 إلى الساحة السياسية من الطقم الجديد وليس القديم.

تهاوت معظم الأنظمة العربية التي وصفت بالدكتاتورية وآخرها نظام بشار الأسد بينما النظام اللبناني صامد، وهذا النظام غير مرتبط بأحزاب أو وزارات أو أسماء، بل بمنظومة مترابطة تعمل حالياً لإعادة إنتاج ذاتها.

من يراقب الدعم العربي والدولي للعهد وللرئيس المكلّف، يدرك الإصرار على السير بنهج جديد، لكنّ هذا النهج لا يتمّ بأدوات الماضي، فتأمين الغطاء والدعم لا يعني احتكار الطوائف والحقائب، بل هو دافع للعمل على بناء دولة قوية وقادرة وعادلة.

تحاول "القوات" والمعارضة تحسين عوامل المعركة السياسية التي لم تنته بسقوط "حزب اللّه" عسكرياً، لكنّ الخشية من استغلال الضوء الأخضر الإقليمي والدولي الذي يدفع باتجاه بناء دولة، واستعماله لتهميش بعض المكوّنات، عندها يستبعد الممثل الفعلي للمسيحيين عن الحكم وتسير الدولة بلا القوى البارزة تحت حجّة عدم عرقلة المسيرة.


نداء الوطن