مضى على العهد الجديد أكثر من شهر، ومضى على تسمية القاضي نوّاف سلام رئيساً للحكومة حوالي شهر، ولا يزال المشهد يراوح مكانه. يقول البعض إنّ العملية الانتقالية تحتاج إلى وقت لتتبلور ولتثمر نجاحاً أو تغييراً. لكنّ المشهد بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة لا يعكس الزخم الذي رافق الاستحقاقين، لا دولياً ولا إقليمياً. وعليه، تراقب أوساط دبلوماسية غربية وعربية بحذر مسار الحكم، لا سيما الدوائر التي دعمت وصول جوزف عون ونوّاف سلام.
لا ثقة حتى الساعة. فالكتل المسيحية والسنّية على حدّ سواء تعرب عن ملاحظاتها على التشكيل. أكّدت “القوات” أنّها لن تعطي الثقة ما لم تتّفق مع رئيس الحكومة المكلّف على ما هو أبعد من الحقائب. إذ يفترض بهذه الحكومة أن تطبّق الـ1701 على كلّ الأراضي اللبنانية وليس فقط في الجنوب، ويفترض بها أن تعالج ملفّات عدّة عالقة منذ زمن الحروب اللبنانية، كملفّ الحدود اللبنانية والمخيّمات والسلاح وغيرها.
تقول مصادر “القوات” إنّ سلام لم يبادر إلى النقاش معها في أيّ من هذه الإشكاليّات، ولا حتى في أيّ طرح متعلّق بكيفية توزيع الحقائب وتسمية الوزراء. لهذا لن تعطي “القوات” الثقة لحكومة لن تكون شريكة في مسارها ودورها الوطني والسياسي، بل في حقائبها فقط.
أمّا بالنسبة للقوى السنّية، فهي تردّد أنّها ستحجب الثقة عن حكومة سلام، فلا تواصل منتجاً معها، كما يقول بعض نوّابها. إذ لا تعبّر بعض التسميات المطروحة للتوزير عن بيئتها، لدرجة أنّ الشيخ خلدون عريمط المعروف بقربه من دار الفتوى خرج ببيان يدين التسريبات ويعكس موقفاً لا يرحّب بها.
الحكومة
سلام متحفّظ
بعيداً عن كلّ الاستنتاجات التي يمكن أن تكون إسقاطات وحسب، تتحدّث مصادر مقرّبة من سلام لـ”أساس” عن تحفّظ رئيس الحكومة في عمله هذا، وعن امتعاضه من اختيار أسماء وزراء لا يعكسون الوجه الشبابيّ للبنان، بل هم أقرب إلى النخب السياسية التي يعرفها سلام عن كثب.
تتحدّث مصادر مقرّبة من سلام لـ”أساس” عن تحفّظ رئيس الحكومة وامتعاضه من اختيار أسماء وزراء لا يعكسون الوجه الشبابيّ للبنان لا تشكُّك في مدى معرفته بهذه النخب، لكنّ الحكومة ليست مركز أبحاث، بل هي مكان يفترض أن تبدأ فيه ورش بناء. وعليه تقول مصادر مقرّبة من (دوائر) الرئيس المكلّف، ومقرّبة من “التيار الوطني الحرّ” الذي بدأ معركته مع رئاسة الحكومة، إنّ سلام مُطالب بطرح وزراء أقرب إلى الشارع والناس منهم إلى المكاتب ومراكز الأبحاث.
سلام – عون: بداية متردّدة
بالحديث عن القصر الجمهوري ودور الرئيس، لطالما حرص جوزف عون على التأكيد أنّه لن يتخطّى صلاحيّاته على حساب صلاحيّة رئيس الحكومة. ولكن تبدو الانطباعات اليوم أنّ حرصه هذا قد يقوده إلى مكان يُسأل فيه عن دوره ورأيه وموقفه وسط غياب تامّ لأيّ موقف حكومي له.
لذا تتحدّث معلومات “أساس” أنّ رئيس الجمهورية قد قام بعدد من الاتّصالات استدراكاً للوضع، وقد أجرى أكثر من لقاء مع عدد من النواب للوقوف عند المطبّات الحكومية. إلّا أنّ ذلك لا يكفي بحسب مصادر دبلوماسية بدأت تعتبر أنّ “المومينتوم” الذي جاء بالرئيسين كفيل بأن يدفعهما إلى تشكيل حكومة كفاءات حقيقية من دون الدخول في صراعات الأحزاب، بينما تشير الوقائع، أقلّه وفق التسريبات، إلى أنّ التسميات لم تخرج من دائرة المحاصصة.
مصادر دبلوماسية قالت لـ”أساس” إنّ الدول التي تدعم لبنان تراقب انطلاقة الرئيسين. وهي انطلاقة لا تتوافق مع ما أرادته الدول الداعمة. إذ هي بطيئة لا تزال تدرس خطواتها خوفاً من انفجار ألغام الداخل. ولكنّ من يراقب المشهد من بعيد، يرى عجلة لم يتمّ تحريكها بعد.