الضغوط السياسية تطوق قرارات بنك إنجلترا و"الفيدرالي الأميركي"

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, February 4, 2025

يستعد بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) للإعلان عن خفض أسعار الفائدة في بريطانيا الخميس المقبل، في وقت تواجه فيه البنوك المركزية حول العالم تدقيقاً متزايداً مع تصعيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب هجماته على "الاحتياطي الفيدرالي" (البنك المركزي الأميركي).

ويريد ترمب خفض كلفة الاقتراض لدعم الاقتصاد، على رغم أن الولايات المتحدة حافظت على أعلى معدل نمو بين دول مجموعة السبع لأغنى البلدان أعواماً عدة، ومن المتوقع أن تتصدر الولايات المتحدة الترتيب عام 2025.

وبعد ثلاثة أيام من تنصيبه، قال الرئيس الأميركي، "أعتقد أنني أفهم أسعار الفائدة أفضل منهم، وأعتقد أنني أفهمها بالتأكيد أفضل من الشخص الذي يتولى المسؤولية الرئيسة في اتخاذ القرار."

وتحدى رئيس "الاحتياطي الفيدرالي"، جيروم باول، هجوم ترمب الأسبوع الماضي في وقت تثبيت أسعار الفائدة الأميركية.

وتبدو تعليقات ترمب وكأنها دفعت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إلى تحذير من التدخل السياسي في السياسة النقدية، قائلة إن ذلك قد يتسبب في تسارع التضخم وخلق حالاً من الذعر في الأسواق المالية.

وفي هذا السياق، من المتوقع أن يقدم محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، قراره في شأن أسعار الفائدة في بريطانيا هذا الأسبوع، مع توقعات واسعة بخفض من 4.75 في المئة إلى 4.5 في المئة. وبعد خفضين العام الماضي تتوقع الأسواق المالية ثلاثة تخفيضات أخرى خلال عام 2025، ليصل سعر الفائدة الأساس إلى أربعة في المئة بنهاية العام.

بيلي ليس غريباً عن الضغوط السياسية، إذ هددت رئيسة الوزراء السابقة، ليز تراس، بمراجعة ولاية البنك المركزي رداً على الزيادات المتتالية في أسعار الفائدة في وقت تجاوز فيه التضخم 10 في المئة.

وقالت تراس لاحقاً إنها كانت ستطرد بيلي، لكن عقده الذي يمتد ثمانية أعوام، و"الدولة العميقة"، جعلا ذلك أمراً مستحيلاً.

لكن هذه المرة يشعر المحافظ بضغط من اتجاه مختلف، على رغم أنه ليس غير مرتبط بالدراما الأخيرة في واشنطن، ويفكر بيلي وزملاؤه في لجنة السياسة النقدية (MPC) في ما إذا كان تباطؤ النمو الاقتصادي سيستمر، وما إذا كانوا قد يكونون السبب في ذلك.

في الوقت الحالي تتحمل وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز، اللوم كله عن التباطؤ بينما تكافح لكسب دعم الشركات لخطة نموها بعد أشهر صعبة في منصبها، لكن قد يتحول الانتباه إلى البنك المركزي إذا أبقى على أسعار الفائدة في بريطانيا، التي هي الأعلى في مجموعة السبع الكبرى - التي تضم فرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة وبريطانيا وكندا - ثابتة عند 4.75 في المئة.

تعثر الاقتصاد البريطاني

وتظهر معظم التوقعات أن الاقتصاد البريطاني يتعثر هذا العام، كما حدث عام 2024، ومن المتوقع أن تؤكد الأرقام الرسمية التي ستصدر الشهر المقبل أن النمو كان شبه ثابت في النصف الثاني من العام الماضي.

ومن المفترض أن تتفوق بريطانيا على معظم أنحاء القارة الأوروبية عام 2025، لكن بالنسبة إلى كثر، قد يعد هذا النصر ذا قيمة محدودة، وبالنسبة إلى معظم البريطانيين سيكون عاماً آخر من الركود.

وكان مسؤولو البنك المركزي يقلقون منذ فترة من أن الأجور المرتفعة في القطاع الخاص قد تدفع التضخم إلى الارتفاع مرة أخرى، وفي الآونة الأخيرة تسبب ضعف الجنيه مقابل الدولار في صداع إضافي.

وكانت ردود الفعل تظهر حالاً من الذعر بعد تصوير عودة ترمب إلى البيت الأبيض على أنها عامل مسبب للتضخم، مما أدى إلى عكس التوقعات السابقة المتعلقة بتخفيضات الفائدة في الولايات المتحدة.

وتعزز الدولار، وانخفض الجنيه الاسترليني نتيجة لتوقعات ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة أكثر مما كان متوقعاً، مما يجعل الواردات أكثر كلفة، مما يؤدي إلى زيادة التضخم.

ويختلف بعض المتنبئين مع الإجماع السائد، إذ قال صندوق النقد الدولي في آخر تقرير له عن صحة الاقتصاد البريطاني إن نمو الأجور يتباطأ بسرعة، ومن المتوقع أن تضعف الضغوط التضخمية هذا العام، مما سيسمح للجنة السياسة النقدية بتنفيذ أربعة تخفيضات في الفائدة لتصل إلى 3.75 في المئة.

معدلات الفائدة وصحة الاقتصاد

وما يتفق عليه معظم الاقتصاديين هو أن معدلات الفائدة تضر بالاقتصاد وتعد مرتفعة جداً، فالقضاء على بقايا التضخم، كما يرغب بعض أعضاء لجنة السياسة النقدية يأتي بكلفة باهظة. وكان التضخم في بريطانيا 2.5 في المئة في ديسمبر (كانون الأول) 2024، متراجعاً من 2.6 في المئة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، لكنه لا يزال فوق هدف البنك البالغ اثنين في المئة.

وقالت صحيفة "الغارديان" إن هناك نواباً من حزب العمال يرغبون في انتقاد بيلي، لكنهم مترددون في الإعلان عن ذلك خوفاً من تلقي توبيخ من ريفز، التي وعدت باحترام استقلالية بيلي.

وهذا يترك بيلي ولجنة السياسة النقدية للتفكير في الأضرار التي سيتسببون فيها، ليس للحكومة العمالية، لكن للآفاق الاقتصادية، إذا اتبعوا الخط المتشدد لباول.

ويدير بنك الاحتياطي الفيدرالي اقتصاداً قوياً يجب عليه مراقبته والسيطرة عليه، وفي المقابل يشرف بنك إنجلترا على اقتصاد بريطاني ضعيف يحتاج إلى تحفيز.


اندبندنت عربية