​هذه هي رؤية رئيس الجمهوريّة… فماذا يجري بين عون وسلام؟- بقلم داني حداد

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, January 22, 2025

كتب داني حداد في موقع mtv:

يدرك الرئيس العماد جوزاف عون أنّ عهده لا يبدأ، فعليّاً، إلا عند الإعلان الرسمي عن التشكيلة الحكوميّة. إعلان التشكيلة يعني، حتماً، نيل ثقة المجلس النيابي، ما دامت ستمثّل غالبيّة الكتل النيابيّة.

منذ تكليف القاضي نواف سلام تشكيل الحكومة، من دون أن يتدخّل الرئيس عون أبداً في التسمية أو يؤثّر على آراء النوّاب، اتّفقا على الخطوط العريضة للتشكيلة. نتحدّث هنا عن حكومة غير فضفاضة، تخلو من النوّاب ومن المرشّحين، لا حزبيّين فيها، بل أصحاب كفاءات، من لبنان وخارجه يعرفون الدولة وكيفيّة عملها، وليسوا غرباء عنها.

يشير مصدرٌ قريب من رئيس الجمهوريّة الى أنّ الحكومة تأتي بعد سلسلةٍ من الانهيارات والحروب، ومهمّتها محدّدة بالمضمون والوقت، وهي مطالبة بمعالجة ذيول الانهيارات والحروب سريعاً.

ويلفت المصدر إلى أنّ على الحكومة أن تفسح في المجال أمام الأفق الجديد للوضع اللبناني، خصوصاً على مستوى ثلاثة استحقاقات أساسيّة هي: الانتخابات البلديّة والاختياريّة، خصوصاً إذا كانت مقرونة بتطبيق اللامركزيّة الإداريّة التي وردت في خطاب القسم، الانتخابات النيابيّة، والحكومة الجديدة التي ستُشكَّل بعد الانتخابات النيابيّة وولادة المجلس النيابي الجديد.

يدرك الرئيس عون أنّ المهام الملقاة على كاهله بحجم الآمال التي عبّر عنها القسم الأكبر من اللبنانيّين، عند إعلان انتخابه. ويؤكّد المصدر أنّ الخروج من الانسداد الحالي الذي مرّ عليه أكثر من عقدٍ من الزمن يحتاج إلى ما يشبه التجربة الشهابيّة بعد ثورة العام ١٩٥٨، حين عانى لبنان من صراعٍ خارجي ناصري - أميركي، وصراعٍ داخلي مسيحي - إسلامي، ما أدّى حينها إلى العودة إلى الحضن العربي في الخارج والإنماء في الداخل.

هذه هي الرؤية التي يملكها الرئيس عون، ويشاركه فيها، حتى الآن، رئيس الحكومة المكلّف نواف سلام، ويبقى على القوى السياسيّة أن تتجاوب وتشارك في عمليّة النهوض المرجوّة.

أمّا على صعيد تشكيل الحكومة، فيؤكّد المصدر أنّ رئيس الجمهوريّة لن يملك حصّةً بالمعنى التقليدي، "فجميع الوزراء من حصّة الدولة، ولكنّ الرئيس معنيّ بكلّ اسمٍ من أسمائها". ربما يتناقض هذا الموقف مع كلام سلام، عند خروجه من لقاء رئيس الجمهوريّة أمس، عن أنّه هو من يشكّل الحكومة، وهو كلام فهمه كثيرون أنّه يعبّر عن تباينٍٍ في المواقف بين الرجلين، ما يفسّر إرتباك سلام في كلامه أمام الكاميرات في قصر بعبدا.

وفي هذا الإطار، يتمنّى المصدر المقرّب من رئيس الجمهوريّة ألا يتمّ تجاوز المراحل، إذ أنّ آليّة تشكيل الحكومة واضحة، فهي تنقسم إلى ثلاث فئات، الأولى تضمّ أربع حقائب سياديّة، والثانية حقائب الفئة الأولى وتضمّ ثماني حقائب، بالإضافة إلى وزارات الفئة الثانية المتبقية.

ويشير المصدر إلى أنّ أصول التشكيل تقتضي توزيع الحقائب على الطوائف والمذاهب، ثمّ توزيع هذه التركيبة على القوى المشاركة، على أن يتمّ في المرحلة الأخيرة إسقاط الأسماء على الحقائب.

ما لا يقوله المصدر هو أنّ رئيس الحكومة المكلّف لم يعتمد هذه الآليّة، ما قد يؤدّي إلى اختلافٍ في وجهات النظر بين صاحبَي التوقيعَين على التشكيلة الحكوميّة، خصوصاً أنّ رئيس الجمهوريّة، ولو حصر سلام التشكيل به، ليس "باش كاتب" وهو لن يوقّع على تشكيلة غير مقتنع بها وغير قادرة على تطبيق الرؤية التي حدّدها.

لا يعني ما سبق كلّه أنّ ولادة الحكومة ستتأخّر كثيراً، ولكنّ الأمور ليست بالسهولة التي كان يتوقّعها كثيرون. هناك من يقول إنّ الأسماء المتداولة كلّها قابلة للتغيير، وهناك وزير ثابت وحيد حتى الآن. أمّا الالتزام بموعد الخميس الذي كان يُحكى عنه لولادة الحكومة، تزامناً مع زيارة وزير الخارجيّة السعودي، فبات مستحيلاً.

قد يحتاج الأمر إلى تنازلاتٍ وحسن نيّات… وتلاوة صلوات.