لبنان ضحيّة المحاور المتحاربة… ماذا عن الحياد؟- بقلم أيمن جزيني

  • شارك هذا الخبر
Friday, January 17, 2025


7 و8 تشرين الأوّل… طوفان النّهاية

جرّاء التحالفات الإقليمية وتنفيذاً للشعار السياسي “وحدة الساحات” الذي رفعه حلفاء إيران، دخل “الحزب” في حرب “مساندة لغزة” يوم الثامن من أكتوبر (تشرين الأول 2023) بعد عملية “طوفان الأقصى” التي نفّذتها حركة حماس يوم السابع من أكتوبر، وأدّت إلى شنّ إسرائيل حرباً مدمّرة على لبنان، في أيلول من عام 2024. وكان من نتيجتها أن تدمّر جزء كبير من جنوب لبنان وضاحية بيروت والبقاع وبعلبك. عليه زُجّ بلبنان في أتون صراع إقليمي ودولي واعتداءات إسرائيلية في أقصى جنوبه يُقال إنّها ستنتهي يوم 27 كانون الثاني من العام الحالي.

بعد الحرب ارتفعت الأصوات التي تنادي بالحياد والتحييد مجدّداً أبرزها كان في تموز من العام 2020، ولخّصها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي قدّمها إلى الاجتماع السياسي اللبناني بصيغة “حياد” ما صدع لبنان بين فريقين: الأوّل طالب حرب، والآخر تمسك بما قاله الراعي.

مفاجأة البطريرك وضعت البلد على فوهة بركان سياسي انقسامي ما اضطره إلى استدراك طرحه السياسي بأن أضاف “الإيجابي”. هذه الإضافة أعادت إلى السياسة بعضاً من صوابها.

على اعتبار أنّ “الحياد الإيجابي” وقعه أخفّ، كونه يعني أنّ لبنان ليس مفصولاً عن القضايا المركزية والاجماع العربي ولا عن القضية الفلسطينية. وذلك بعدما كان هذا الخطاب ممنوعاً ومُحاصّراً قبل تلك الحرب. وارتفعت شعبيّته، خصوصاً بين من كانوا يظنّون أنّ سلاح “الحزب” يحمي لبنان عسكرياً. ركنت الحياة السياسية إلى المصطلح الاستدراكي الذي اعتمده البطريرك الراعي. لكن خطاب قسم رئيس الجمهورية جوزاف عون في 9 كانون الثاني من العام الحالي أورد فيه مفردة “الحياد الإيجابي”، ولاقت قبولاً.


بدا مجدّداً أنّ هذا الخطاب مقنعاً. وأنّ الحياد وحده يمكن أن يكون ضمانة لبنان ووسيلته للحفاظ على تركيبته وفسيفسائه الاجتماعية والحضارية والثقافية. وكلّ انحياز إلى غير الشرعية الدولية ومواثيق وقرارات هيئة الأمم المتحدة وشرعة حقوق الإنسان، لا يجرّ عليه سوى الويلات والحروب والانهيار الاقتصادي. ولنا عبرة في شبه الانهيار الاقتصادي الذي يئنّ لبنان واللبنانيون تحت وطأته منذ عام 2019.

نحن الآن في وسط أزمة تشبه 1958 و1969 و2005. والأمل أن نخرج بأقلّ الخسائر الممكنة. لأنّ تاريخ “التغييرات” الكبرى في لبنان، لا يُطمئن.