خاص- تقطيع أذرع الثنائي الشيعي: بداية النهاية أم شرارة المواجهة؟- مارغوريتا زريق
شارك هذا الخبر
Wednesday, January 15, 2025
خاص الكلمة اونلاين مارغوريتا زريق
شهد لبنان مرحلة مفصلية في تاريخه السّياسي، حيث برزت تطوّرات جديدة أثارت الكثير من الجدل حول احتمالية وجود انقلاب فعلي على المنظومة السياسية التقليدية. انتخاب رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة من دون موافقة الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) هو أمر لم يكن مألوفًا في العقود الماضية، حيث كان الثنائي يتمتّع بنفوذ واسع يتيح له فرض توجّهاته أو عرقلة المسارات السّياسية إذا لم تتماشَ مع مصالحه.
هل ما يحدث هو انقلاب على الثنائي الشيعي؟
ووفقا لأوساط سياسية متابعة، ما يحدث في لبنان يمكن اعتباره تحوّلًا تدريجيًّا في ميزان القوى السياسية، فانتخاب رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة من دون موافقة الثنائي الشيعي يعكس رغبة أطراف داخلية وخارجية في تقليص نفوذ هذا الثنائي، الذي ارتبطت به ملفات كثيرة تتعلق بالفساد، السّلاح غير الشرعي، والتحالفات الإقليمية المثيرة للجدل.
ورأت الأوساط أن وصول شخصية مثل العماد جوزيف عون إلى قصر بعبدا من دون موافقة الثنائي هو نتيجة لتفاهمات بين قوى سياسية محلية ودول إقليمية ودولية تسعى لتحقيق توازن جديد في لبنان، وتكليف شخصية كالرئيس نواف سلام التي تُعتبر قريبة من توجهات إصلاحية وغير طائفية، يعد خطوة جريئة تشير إلى محاولة كسر المحاصصة التقليدية التي كان الثنائي جزءًا منها.
ما يجري في لبنان يعتبر بداية مرحلة جديدة قد تقلب المعادلات التقليديّة، ولكن وصفه بالانقلاب الشامل قد لا يكون دقيقًا، الأهم الآن هو قدرة القوى السياسية الجديدة على تقديم نموذج فعّال يعيد الثقة للدولة ويحقّق التّغيير الذي ينشده اللبنانيون، والتّحدي الحقيقي يكمن في تحويل هذا التحوّل إلى واقع ملموس يحقق الاستقرار والازدهار للبلاد.
وأشارت الأوساط الى أنه، بالرغم من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فإن ما ينتظره الشعب ليس مجرد تغيير في الأشخاص، بل تطبيق قرارات وإجراءات تعكس تغييرًا فعليًا وحقيقيًا في مسار الدولة، وقد بدأنا بسرعة قياسية نشهد تطبيقًا للوعود بالأفعال، وأوّل خطوة كانت انتخاب رئيس جديد للمحكمة العسكرية من دون الرّجوع إلى الثنائي الشيعي ما يمثل خطوة أخرى في سياق تقليص نفوذ حزب الله وحركة أمل داخل مؤسسات الدولة. المحكمة العسكرية لطالما كانت أداةً حساسة في المشهد السياسي اللبناني، حيث استخدمها حزب الله في بعض الأحيان كوسيلة لتعزيز مصالحه وترهيب معاريضيه، لذا هذا التعيين قد يُعتبر بمثابة تقطيع لأذرع الحزب داخل هذه المؤسسة الحسّاسة، ويمثل محاولة لإعادة تفعيل دور المؤسسات القانونية بعيدًا عن الضغوط السياسية.
انطلاقا ممّا سبق، رأت الأوساط أن قدرة الثنائي على فرض إرادته السياسية قد تراجعت، ربما بسبب الضغوط الداخلية نتيجة لتغيّرات إقليمية ودولية أثّرت على تحالفاتهم التقليدية، وبلا شك ما حصل يمثل ضربة قوية لنفوذ الثنائي الشيعي. هذا التحوّل لا يعني إقصاء الثنائي بشكل كامل، ولكنه يهدف إلى تقليص دوره وفرض شروط جديدة عليه ليكون جزءًا من النظام السياسي بشكل لا يسمح له بتجاوز دور المؤسّسات الشّرعية.
رغم المؤشرات الإيجابية، هناك تحديات كبيرة تواجه هذا المسار التغييري، ويبقى السؤال: هل يقبل الثنائي أن يكون في موقع المأزوم والمحاصر، ويتفرج على محاولات تقليص قوته، أم أنه سيلجأ إلى عرقلة عمل الحكومة الجديدة أو تعطيل القرارات المهمة عبر البرلمان أو الشارع، مع احتمال التصعيد الأمني أو السياسي إذا شعر بأن مصالحه مهدّدة بشكل مباشر