إلى من حرق شجرة الميلاد- بقلم البروفسور نسيم الخوري
شارك هذا الخبر
Wednesday, December 25, 2024
تتعاظم الرؤوس والأمكنة المشتتة في مطّ أعناقها نحو السماء فتصدق بنارها ان أصبحت ناطحات سحاب أو سماء أو تنافس أبراج، وقبباً مذهّبة، وقصوراً رئاسيّة مذهبة أو قصوراً بلدية أو سلطوية مسروقة ومستعارة تمجّد بتقليدها السلطات التي تأتي غالبا من خارج وتتأسّس على شيءٍ آخر يعزّز السلطات.
هكذا يحضر بسرعة الفرعون مجدّداً في خطب امتلاك السماوات ويمكث الإمبراطور الصيني لكأنه إبناً للسماء حيث تبرز الشمس في القارة الزاحفة كما الحرابة على الأرض، ويخرج الأمراء الجدد عندها نحو الملوكية، وكلّ هذا يعيدني الى شيء من الأسطورة الفارسية التي تقول بأنّ الشجرة الأولى كانت تفيّيء تنيناً عند جذعها، بينما كان عصفور السعادة الصغير يضع بيضة الحياة فوق غصنها الأعلى. هذه البيضة المقدّسة المطلّة على الدنيا تشابه اليمامة التي ترونها تقف فوق قبب أوروبا وأميركا والتي لا نصل إليها إلاّ بالمصاعد الهائلة السرعة، وهي بهذا لا تشابه إلاّ رمزيا تلك النجمة الخماسية التي يضعها المسيحيون فوق الغصن الأعلى من شجرة الميلاد في زوايا بيوتهم هذه الليلة أو وسط ساحات مدنهم.
لقد آلت تلك الحضارة وأفلت أعناقها في التعالي الإنساني والدولي الى مزيد من السقوط البشري حيث باتوا يشتمون هناك وهنا كلّ شيء، ويكتبون فوق صور طفل المذود ما شاءت غرائزهم من صور وأحمر شفاه والشتائم ويحرقون الأشجار الصنوبرية بألسنة الثعابين ، ويجدّفون حتى تضجر ألسنتهم هذه ومخيلاتهم، وهم يثورون اذ يحرقون الأعلام ويمخطون بها وينزلونها باسم الحريّة أو الديمقراطية التي لم تعرف حتى قرع الأبواب أو تحريك الألسنة مكان الكلمات التوحيدية الثلاثة.
لكن السؤال: من يجرؤ على المساس أو التفوّه بالمجازر "الحضارية" المستنسخة أضعاف ما كانت عليه جماهير الموت والقتال في فلسطين بحثا عن فلس حضاري من طين؟