"مصير لبنان وسوريا مترابط"... رسالة من شيخ العقل إلى الشرع!
شارك هذا الخبر
Sunday, December 22, 2024
سلم شيخ العقل (الشيخ سامي أبي المنى) لطائفة الموحدين الدروز، ولرئيس السلطة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع رسالة خلال اللقاء الذي جمعهما في قصر الشعب، في إطار متابعة التطورات الأخيرة في سوريا.
وقال شيخ العقل في الرسالة: "حضرة القائد المنتصر بعون الله، سيادة المجاهد المكرم السيد أحمد الشرع، القائد العام للإدارة السورية الجديدة، أصحاب المعالي والسعادة، إننا نرى في انتصار ثورتكم قدرًا لا بدّ من تقديره، ومسؤولية لا بدّ من تحملها".
وأضاف، "إننا، وإن كنا هنا لنبارك لكم وللشعب السوري الشقيق انتصاركم على الظلم والقهر والاستبداد، ولنحيي فيكم هذه الروح الثورية الوطنية في ما أقدمتم عليه من استعداد وتنظيم وعمل تحريري جريء، فإننا في الوقت نفسه نضع على عاتقكم مسؤولية استثمار هذا الانتصار بما يترتب عليه من خطوات ومبادرات وتطمينات تتعلق بضبط الأمن ورعاية الشعب وإشراك المكونات الوطنية الكفؤة من كل أطياف الشعب السوري في عملية صياغة الدستور الجديد وبناء الدولة الحديثة".
وتابع شيخ العقل، "لقد خرجتم من حالة القمع والاضطهاد التي استمرت عشرات السنين إلى رحاب الحرية وعودة الوطن إلى جميع أبنائه، ويُشهَد لكم بسرعة الإجراءات التي اتخذتموها لفتح المدارس والجامعات وتسيير المرافق العامة وتأمين الخدمات، مما أشعر السوريين بحرص قيادتكم على مصلحة المواطن السوري، إضافة إلى إجراءات طمأنة المكونات السورية المتعددة بأن مصير سوريا هو بيد أبنائها أولاً، وأن الولاء للوطن قبل أي ولاء آخر".
وأشار في رسالته إلى أنه "لقد دخلتم في السلم بعد أن دخلتم المدن والعاصمة مرتدين ثياب القتال والثورة، واليوم تدركون وتعلمون أنّ مسؤولية السلم تفوق مسؤولية الحرب، إذ إن السلم حاجة إنسانية، وسوريا تستحق السلم والازدهار، وقد كانت وستبقى قلب العروبة النابض وواحة الخير المعطاء ومنبر الفكر والثقافة والكلمة الطيبة. وكلنا يعلم أن هذا الطابع العربي الإسلامي الذي يميزها وتلك السمة المشرقية الأصيلة الحاضنة للتنوع التي تزينها تحتاج إلى دولة وطنية جامعة تغتني بالتعددية الخلاقة".
وأوضح شيخ العقل أن "وضع دستور جديد للبلاد مبنيٍّ على احترام حقوق الأفراد والجماعات وعلى حقّ الدولة هو بالتأكيد في صلب اهتماماتكم، ومن خلاله سوف يختفي شعور الأقلية، وينخرط كل سوري في بناء دولة سوريا المستقبل بغض النظر عن مذهبه أو معتقده أو عرقه أو ميله السياسي، وبالتالي لن يشعر أي فريق بأي إقصاء أو تهميش، ما خلا أولئك الذين ارتكبوا الخطايا بحق الشعب السوري ونهبوا ثرواته واستباحوا كراماته، والذين يستحقون المحاكمة العادلة".
ولفت إلى أن "هذا الدستور الذي يتطلع إليه الشعب السوري بثقة وأمل سوف يمثل فعلاً تطلعات الجميع وسيكون مدخلاً إلى إشعار السوريين أنهم ممثلون في ديارهم، وأن بلادهم التي عانت من مصادرة قرارها الحرّ لديها اليوم الفرصة المناسبة لتكون دولة وطنية جامعة متحررة من قيود الهيمنة والاستبداد".
وأكد شيخ العقل أن "إعادة تكوين الجيش خطوة أساسية على طريق إعادة بناء الدولة، كإعادة تكوين السلطة التشريعية على قاعدة انتخابات شفافة ونزيهة تُكسب سوريا الجديدة مشروعية أمام الشعب وأمام دول العالم، وإعادة تكوين السلطة القضائية كذلك، ليكون هناك قضاء نزيه يلفظ أحكامه باسم الشعب السوري الحرّ، إضافة إلى إعادة تكوين الإدارة والمؤسسات على اختلافها، وهذا ما يوجب تشجيع الطاقات السورية الكفوءة المقيمة في سوريا وتلك المهاجرة والمهجَّرة منها، وحثّها على الانخراط في عملية البناء والتكوين الجديد، وهي طاقات غنية وقادرة في كل المجالات".
وأشار إلى أن "أنظار العالم اليوم متجهة إلى الوضع السوري لتعرف مآلاته وكيفية تطوره، وعلى الأخص أنظار الدول العربية، ومما لا شك فيه أن القيادة المنتصرة تحرص كل الحرص على توجيه رسالة إيجابية ساطعة إلى العالم توحي بأن دولة وطنية ديمقراطية أخلاقية حرّة بزغت شمسها في سوريا وتستحق كل الدعم والتأييد".
واستكمل شيخ العقل "من جهتنا كأبناء طائفة المسلمين الموحدين الدروز، فإننا نفخر بانتمائنا الإسلامي والعربي في كل قطر نتواجد فيه في بلاد الشام، وقد كنا دائماً شركاء أساسيين وفاعلين في حركات التحرر وثورات الاستقلال، أكان في لبنان أم في سوريا، وهذا ما أكده اليوم أبناء جبل العرب في السويداء بانتفاضتهم ووقوفهم إلى جانب الثورة، انطلاقاً من معاناة طويلة تقاسمنا وإياكم ويلاتِها من قبل النظام البائد".
وأضاف، "إننا نحييكم وندعو لكم بالتوفيق في مهمتكم التاريخية لبناء دولة المجتمع السوري المتنوع، وصياغة العقد الاجتماعي الذي ينظم العلاقة بين أبناء الوطن والدولة، بما يعزز رابط المواطنة ويغلّبه على أية نزعة انفصالية".
واختتم شيخ العقل رسالته قائلاً: "لا بد من التأكيد أن لبنان لا يمكن أن يستغني عن عمقه الحيوي السوري، كما أن سوريا لا بد لها من هذا المتنفّس اللبناني الطبيعي، وهما محكومان بعلاقة التاريخ والجغرافيا، إلا أنهما مرتبطان قبل ذلك روحياً وثقافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، ومصير أحدهما يؤثر على مصير الآخر، ونحن على استعداد للعمل الجادّ من أجل عقد قمة روحية لبنانية سورية وعقد لقاءات دينية جامعة تساهم في بثّ روح المحبة والرحمة والأخوّة بين الشعبين اللبناني والسوري".