الخطيب يدعو اللبنانيين إلى تجاوز الإنقسامات وإعادة بناء الوطن
شارك هذا الخبر
Wednesday, November 27, 2024
وجه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب كلمة الى اللبنانيين قال فيها: "يا اهلنا اهل الشرف والعز والفخار. يا من تصنعون بشهدائكم وتضحياتكم تاريخا جديدا ومجدا تليدا لهذه الامة التي لن تجد في حاضرها سواكم ما تفتخر به. بوركتم وبورك شهداؤكم وابناؤكم وتضحياتكم من اوفياء لدينكم وشرفكم ووطنكم وامتكم. يا اشرف الناس واطهر الناس واعز الناس وأنبل الناس، من مثلكم في الصبر على حر اللظى والجلد في الاصرار على مواجهة العدى وافشال اهدافهم، تخوضون هذه المواجهة بصبر واحتساب على مُرِ الاذى، ممن سلّ خنجر الغدر والخيانة الى جانب العدو باليد واللسان، وانتم تخوضون معركة مصير الامة دون ناصر او معين الا الله وقلة من اشرافها. وها انتم اليوم تخيبّون آمال المراهنين، مرفوعي الرأس والهامة مكللين بأكاليل العزة والكرامة، فبوركتم وبورك شهداؤكم وبوركت مقاومتكم وبورك جرحاكم والبيوت العامرة التي انجبتكم على الرغم من الدمار الذي أصابها، فهي عامرة بأرواحكم وبارادتكم التي لم تنكسر رغم اجتماع الكفر وادواته وتسخيره لكافة مقدراته. هي عامرة بنفوسكم الكريمة وبعنفوانكم الذي لا يدانى، فطوبى لكم ايها الاباة الاحرار والشجعان الاخيار".
أضاف: "يا أهلنا وأبناءنا وأخوتنا اللبنانيين المقيمين والمنتشرين. بعد نحو أربعة عشر شهرا من الحرب الضروس، لا بد أن نتوجه إليكم بهذا الخطاب الأخوي، في هذا اليوم الأغرّ الذي يخرج فيه بلدنا من تحت الرماد، عالي الرأس مرفوع الهامة شامخاً بالعزة والكرامة، على الرغم من حجم الخسائر البشرية والمادية التي مُني بها البلد خلال المرحلة الماضية. نتوجه بداية إلى أرواح الشهداء الميامين الذين صبروا وصابروا وضحوا بالغالي والنفيس من أجل وطنهم وأمتهم، وعلى رأسهم سيد شهداء المقاومة ورفاقُه الميامين في حزب الله وحركة أمل، فصمدوا على الحدود حتى النفس الأخير ،ولم يسمحوا للعدو بأن يحقق أهدافه، وفرضوا بأرواحهم وقفا كريما لإطلاق النار".
وتابع: "نتوجه بالتحية إلى المفاوض اللبناني وننوه بدوره الوطني الكبير في تحقيق الاتفاق من دون تقديم أي تنازلات تنتقص من السيادة اللبنانية، لا سيما الدور الوطني الذي لعبه دولة الرئيس نبيه بري بالتعاون والتضامن والتكافل مع دولة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. هذا الدور الذي استند إلى مقاومة باسلة قدمت أغلى التضحيات في سبيل عزة الوطن وسيادته ،فاستشهد قائدها وسيدها ونخبة من قادتها السياسيين والعسكريين، فضلا عن مئات الشهداء من أبطالها الميامين الذين ننحني إجلالا وإكراما لتضحياتهم وصبرهم. نتوجه بالتحية إلى أهلنا في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية وفي المناطق الأخرى الذين تعرضوا لأقسى امتحان في تاريخهم ،فهجروا من أرضهم وتشتتوا في مختلف المناطق .نحيي صبرهم وتحملهم لمختلف صنوف المعاناة المادية والمعنوية ،وهم يشهدون بأم العين تضحيات أبنائهم والتدمير الممنهج لمنازلهم ومتاجرهم ومصادر رزقهم،من دون أن تهون عزائمهم أو تذل نفوسهم، مستوحين صرخة سيد الشهداء الإمام الحسين في كربلاء :"هيهات من الذِلة". نتوجه بالتحية وبكبير وشائج الشكر والعرفان لجميع الأخوة اللبنانيين الذين استضافوا النازحين في جميع المناطق اللبنانية من دون استثناء، والذين أظهروا من المودة والمحبة والاحتضان ما يعجز عن وصفه اللسان، وستظل هذه المناقب والمآثر الطيبة والأخلاقية دينا في أعناقنا".
وقال: "أيها اللبنانيون، إن المرحلة المقبلة في حال توقف الحرب بصورة شاملة تدعونا إلى التأمل في المستقبل، وهي مرحلة لا تقل صعوبة ومشقة في جميع المجالات، فعملية البناء وإعادة الإعمار تتطلب جهودا مضنية وأكلافا باهظة في ظل الدمار الرهيب الذي لحق بالمدن والقرى التي طالها العدوان الإسرائيلي الغاشم. ونأمل من الدول المانحة أن تسارع إلى مد يد العون للبنان لمساعدة المناطق المنكوبة على استعادة أوضاعها الطبيعية. وإننا في هذا المجال ندعو إلى أقصى درجات التضامن بين اللبنانيين، من أجل النهوض بالبلد على قاعدة العدل والمساواة، مؤكدين تمسكنا بمشروع الدولة القوية العادلة التي تحمي حدودها وشعبها. وفي هذا الإطار نرفض رفضا باتا بعض أصوات النشاز التي رفعت عقيرتها وراحت تتعاطى مع الأزمة على قاعدة منتصر ومهزوم، وهو أمر تدحضه الوقائع التي انتهت اليها الحرب".
اضاف: "أيها اللبنانيون، إننا اليوم أمام امتحان كبير يعني مستقبلنا جميعا ،فكونوا على مستوى التحدي لإخراج البلد من أزمته، وتجاوز ثقافة الحرب والانقسامات والأوهام الفارغة. إن مصيرنا أن نعيش معا ونتشارك في إعادة بناء وطننا على أسس سليمة تتجاوز الرهانات الخاطئة والمشاريع الوهمية التي سقطت طروحاتها في المراحل الماضية.ولذلك ندعو الجميع إلى العمل سريعا على إعادة انتظام المؤسسات الدستورية عبر انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وطنية تتصدى للمشاكل القائمة ،وفي طليعتها إعادة إعمار ما تهدم. يا أهلنا في الجنوب والبقاع والضاحية، ونحن نشهد عودتكم الكريمة إلى دياركم منذ فجر هذا اليوم ،يحدونا الأمل بغد أفضل على الرغم من مشاهد الدمار والخراب، وهي ليست المرة الأولى التي تتعرضون فيها لهذا الإمتحان ،وقد كنتم سابقا على مستوى التحدي ،ونحن واثقون أنكم ستكونون على نفس المستوى ،لأنكم مؤمنون بحقكم في أرضكم ،ومؤمنون بقضيتكم وبحقكم وأن ما قامت به مقاومتكم إنما استندت فيه إلى دعمكم وتأييدكم".
وختم: "إن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وعلى خطى قادته السابقين وعلى رأسهم سماحة المؤسس الإمام السيد موسى الصدر سيكون دائما إلى جانبكم وفي خدمتكم ،كما كان خلال الحرب الضروس، وهو لن يفوّت فرصة في سبيل المساهمة في إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح في مختلف المجالات .وهو يدعو جميع النخب اللبنانية،لا سيما أبناء الطائفة الشيعية ،مقيمين ومغتربين، إلى الإنخراط في عملية الإنقاذ وإعادة الأمور إلى طبيعتها. رحم الله الشهداء، مقاومين ومواطنين ومسعفين ،وأسكنهم فسيح جنانه، والسلام عليكم ورحم الله وبركاته. بورك لكم نصركم الإلهي المعظم".