أوبزيرفر- مذكرات الجنائية الدولية ضد نتنياهو وغالانت امتحان للنظام الدولي
شارك هذا الخبر
Monday, November 25, 2024
علقت صحيفة “أوبزيرفر” على مذكرات المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير جيشه السابق يواف غالانت بأنها امتحان ويجب على العالم ألا يفشل فيه.
وقالت إن تدخل المحكمة الدولية يجب أن يحظى بدعم النظام الدولي القائم على القواعد لكي نحظى بمستقبل ذي معنى. ورأت أن اتهام الجنائية الدولية لنتنياهو وغالانت بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة سيترك تداعيات ضخمة على إسرائيل وفلسطين ونظام العدل الدولي القائم على القوانين الذي تعهدت بريطانيا وحلفاؤها الالتزام به.
وقالت إن المحاولة غير المسبوقة والضرورية والعابرة للقوميات لمحاكمة المسؤولين الغربيين المنتخبين ديمقراطيا هي امتحان على المجتمع الدولي ألا يفشل به.
وقالت إن ردة فعل نتنياهو كانت رفض الاتهامات باعتبارها “سخيفة” و”معادية للسامية” ومهاجمة المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها هيئة متحيزة ومسيسة.
وقال: “لن يمنعنا أي قرار فاضح معاد لإسرائيل – ولن يمنعني من الاستمرار في الدفاع عن بلدنا بكل الطرق”. وعلقت الصحيفة بالقول إنه سيتعين على نتنياهو أن يفعل ما هو أفضل من ذلك. فهذه القضية لا تتعلق بأي حال بمعاداة السامية، وهي لا تتعلق بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وهو ما لا يجادل فيه أحد على حد قولها، بل هي مسألة تتعلق بكيفية التعامل معها.
إنها تتعلق بالإفلات من العقاب والعدالة. ويجب على نتنياهو وغالانت الاستسلام طواعية للمحكمة والدفاع عن نفسيهما أمامها.
ورأت الصحيفة أن مذكرات الجنائية الدولية ضد نتنياهو وغالانت ومحمد الضيف، القائد في حماس التي تقول إسرائيل إنها اغتالته، لا تثير الدهشة أو المفاجأة. فقد طلب مدعي عام الجنائية الدولية، كريم خان، المذكرات في أيار/مايو وبعد تحقيق مطول لم يتعاون معه قادة إسرائيل.
وقد كان لدى نتنياهو وغالانت ما يكفي من الوقت لتحدي الأدلة التي قادت للإدانة بجرائم ضد الإنسانية، بما فيها “القتل والتعذيب وأفعال لا إنسانية أخرى” وجرائم حرب بالتجويع. وكان على نتنياهو القيام بمبادرة وقبول هيئة مستقلة للتحقيق بالمزاعم، لكنه رفض الفكرة. هذا لأن أي عملية تحقيق مستقلة ستطال الفشل الأمني في هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر ودوره فيه.
وتزعم إسرائيل أن الجنائية الدولية ليس لها اختصاص قانوني عليها. ومثل الصين وروسيا والولايات المتحدة ليست إسرائيل من الدول الموقعة على نظام روما الذي خرجت منه المحكمة الجنائية الدولية. لكن، وكما ناقشت غرفة ما قبل المحاكمة في الجنائية الدولية، فقد تم الاعتراف بفلسطين كعضو في المحكمة عام 2015، وتتركز التحقيقات المتعلقة بجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية في المناطق الفلسطينية. كما أن النقاش الذي يدور حول المساواة الأخلاقية التي تقوم بها الجنائية الدولية بين القادة الإسرائيليين وقادة حماس، لا أساس لها وهي غير أخلاقية بالأساس، لأن الجريمة هي جريمة مهما كان موقع وسياسة وأيديولوجية مرتكبها.
وقالت إن كل الصخب والغضب بشأن الإعلان عن مذكرات الاعتقال يجب ألا يخفي الموضوع الأساسي. وهو أن القيادة السياسية الإسرائيلية شرعت في حملة عسكرية غير متناسبة ردا على هجمات حماس التي قتلت 1.200 شخص وأسر 250 آخرين، مما أدى لمقتل نحو 44,000 فلسطيني، أغلبهم من المدنيين. وما زالت تتسبب في معاناة هائلة لمئات الآلاف من أهل غزة. وتقول الصحيفة إن نتنياهو وغالانت يعتبران شريكين مسؤولين عن الحملة، والسؤال: هل هذا صحيح أم لا؟
وهذا هو السؤال الذي تطالب المحكمة الجنائية الدولية والعالم خارج إسرائيل بالإجابة عليه. وفي غياب حكم عادل وموثوق وملزم قانونا، لن تتحقق العدالة أبدا – وقد لا يتوقف القتل أبدا. وأضافت الصحيفة أن من يخافون من ظهور الحقيقة أو يجدونها غير مناسبة سياسيا لهم سرعوا من عمليات التشويه ونزع المصداقية عن المحكمة الجنائية الدولية.
ومن المؤسف أن هجمات نتنياهو على المحكمة ومدعيها العام تردد صداها في تصريحات الساسة الإسرائيليين ومن جميع الأطياف. فقد جاء في افتتاحية صحيفة “هآرتس”: “ربما كان المرء يأمل أن يثير إعلان المحكمة الجنائية الدولية تساؤلات محددة في إسرائيل حول أخلاقيات الحرب الجارية في غزة. ولكن للأسف، ترفض الحكومة والرأي العام، بدعم من معظم وسائل الإعلام، الاستماع”.
وعلقت الصحيفة أن حالة الإنكار الإسرائيلية المتعمدة والشعور بالاستثنائية يتردد صداها في الولايات المتحدة، الدولة الحليفة القريبة والمزود الرئيسي لها بالسلاح والمال.
ووصف الرئيس جو بايدن أوامر الاعتقال بأنها “شائنة”. ومرة أخرى، تتسع الفجوة بين مثل هذه التصورات المنحرفة والطريقة التي ينظر بها معظم بقية العالم إلى حرب غزة. فلم تدعم الولايات المتحدة المحكمة الجنائية الدولية قط – إلا عندما تفعل أشياء توافق عليها، مثل توجيه اتهامات جرائم الحرب ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم السوداني السابق عمر البشير.
ويخشى الأمريكيون أن تكثف المحكمة التحقيقات في أفعالهم في العراق وأفغانستان. ولم تستبعد الصحيفة قيام دونالد ترامب عندما يدخل البيت الأبيض بحماية نتنياهو. فقد قام وبشكل مستمر بالهجوم على الجنائية الدولية، وفرض في عام 2020 عقوبات بشعة على مسؤوليها وعائلاتهم.
وحتى بين الدول الـ 124 الموقعة على ميثاق روما ستكون هناك دول مترددة. فألمانيا تماطل في اتخاذ قرارات، فيما وعد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بفرش البساط الأحمر لنتنياهو، لو قرر الزيارة، وهذا أمر غير مقبول.
وفي السنوات الماضية، كانت المحكمة الجنائية الدولية تتعرض لانتقادات كثيرة لأنها تبدو وكأنها تركز جهودها على الزعماء الأفارقة المنحرفين. والآن وقد أصبح الزعماء الغربيون في قفص الاتهام، فلا ينبغي أن يكون هناك أي تردد. وربما يتوقف التزام البلدان النامية في المستقبل بمجموعة مشتركة من القواعد والقوانين العالمية على هذه القضية، والعالم يراقب.
وذكرت الصحيفة بالمسؤولية الخاصة لبريطانيا التي ساعدت على إنشاء المحكمة، عندما كان وزير الخارجية العمالي روبن كوك. وكان ذلك إنجازا مهما وثمينا لا ينبغي تقويضه الآن.
ويتعين على كير ستارمر أن يوضح بشكل قاطع لا لبس فيه أنه إذا وطئت قدما نتنياهو أو غالانت الأراضي البريطانية، فسيتم اعتقالهما وتسليمهما إلى المحكمة لمحاكمتهما. فالامر “ليس سياسة أو شخصيا بل هو العدالة”.