النقاط الأربعة التي ينطلق منها العدو الاسرائيلي في حربه الوجودية- بقلم د.هشام أبوجوده

  • شارك هذا الخبر
Monday, November 25, 2024

تكثر التحليلات، و تحديد سقوف الحرب، و خطوطها و مساراتها، بدون تحديد جذورها و نقاط إنطلاقها، ليكي يبنى على الشيء مقتضاه.
في الطب، عندما يقرر الطبيب المعالج نوعية العلاج المناسب، يبدأ بتشخيص المرض بداية عبر عوارضه ( أي ما يشكو ويراه ويلمسه المريض حالياً) ، ثمّ السيرة الخلفية الذاتية ( أي العوامل الوراثية و البيئة و نوعية العمل)، ثمّ العوامل الأخرى المحيطة و المحتملة للمريض.( أي نوعية الأدوية المستخدمة أو طريقة الحياة و النظام الغذائي و الخ ).
يعنّي هنالك عدة عوامل، تسمح بمجموعها ، تشخيص الحالة بدقة ، للطبيب الماهر،
و معرفة نوع العلاج المناسب.
إذا طبقنا هذه المعادلة في السياسة أو إستشراف الحاضر و المستقبل فإننا نرى أن العدو له نقاط أربعة أساسية ، يعتبرها جوهرية، ينطلق منها في حربه علينا ، و على ضوئها يجب رسم خططنا المضادة :
-أولاً : الخطر الديموغرافي الداخلي الداهم على الكيان، إذ عددٍ الفلسطينيين في الداخل أصبح حوالي السبعة ملايين مقارنة بتسعة ملايين من المستعمرين، و الحبل على الجرار، مما يشكل خطراً كبيراً على ديمومة الكيان في المدى المتوسط والبعيد.
-ثانياً : تعاظم قدرات حركات المقاومة الشعبية في المنطقة، على كل المستويات، العسكرية والأمنية والسياسية والاجتماعية والثقافية و التربوية، داخل مجتمعاتها المحلية والإقليمية والدولية، مما يشكّل خطراً داهماً على مستقبل الإتفاقيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ( مثل إتفاقيات السلام السابقة من أوسلو إلى وادي عربة والمستقبلية مثل الإبراهيمية وغيرها ).
- ثالثاً : عدم سقوط الإنظمة الداعمة للمقاومة الشعبية والرافضة لعملية الإستسلام الشامل التي يريدها الغرب وربيبته المحلية، رغم الحرب الكونيّة التي أطلقت عليها منذ 2011 إن كان في الشام أو العراق، عبر منظمات متطرفة مثل داعش وأخواتها التي كانت ولا تزال تنادي بدولة يحكمها الرعاع من بين النهرين إلى شواطئ البحر المتوسط.
-و النقطة الرابعة التي ما فتئ العدو يكررها في كل خطاباته و مواقفه في السنوات العشر الأخيرة ، لن نسمح لإيران بالوصول للعتبة النووية، حتى لو كانت سلمية، و لو اضطرينا لخوض حرب جديدة لوحدنا ( بدون الأمريكان) ، لما يشكل ذلك من خطورة علينا، من جراء إنعكاساتها الإيجابية مثل النهوض الاقتصادي لإيران، و التحرر من العقوبات الدولية ، مما يسمح بمتابعة النهج الإيراني المتبع ، الداعم لمواقف التحرر الوطني في الإقليم…
من هذه النقاط الأربعة، نستطيع القول أن ما نراه اليوم على الارض، ما هو إلا بداية لمرحلة تنفيذ للنقطتين الأولتين، و في حال نجاحهما سيكون هناك مرحلة ثانية .
نحن في مرحلة زمنية صعبة للغاية، يتم فيها رسم ملامح مستقبل العالم ورسم خريطة جديدة له.
و بقدوم ترامب و قيادته، أصبح اللعب على المكشوف، و سقط الحياء و الأخلاق و الآداب العامة، من حريات و جمعيات و مؤسسات دولية، و أصبح الهدف واضح و ما علينا سوى قراءة تصريحاتهم لفهم طبيعة أهدافهم…
في النهاية، إن لم تكونوا أحراراً من أمة حرة ، فحريات الأمم عار عليكم،
الميدان هو الذي سيرسم مستقبل الوطن والأجيال، إتكالنا على الله وعليه…