تلوث الهواء يُبَطِّئ نمو الاقتصاد الهندي: خسائر تصل إلى 100 مليار دولار سنوياً
شارك هذا الخبر
Sunday, November 24, 2024
تخنق سحابة من الضباب الدُخاني الكثيف العاصمة الهندية نيودلهي، ما يهدد صحة سكانها البالغ عددهم 30 مليوناً ويؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في البلاد بسبب تأثيرها المتزايد على النشاطات والأعمال. وكثيراً ما تُصنَّف العاصمة الهندية نيودلهي بين أكثر مدن العالم تلوثاً. ففي كل شتاء، تلف المدينة سحابة من الضباب الناجمة عن الأبخرة المنبعثة من مصانعها وعوادم السيارات وحرق بقايا المحاصيل الزراعية في المناطق المحيطة بها، ما يؤدي إلى انبعاث تركيزات من الجسيمات الدقيقة الضارة بمستويات أعلى بكثير من المعايير الصحية الدولية. وفي كل شتاء، تتعامل السلطات المحلية مع هذه المشكلة بحلول مؤقتة لعدم قدرتها على معالجة جذور المشكلة، فتغلق المدارس وتعلّق الأعمال في مواقع البناء وتحد من حركة المرور. ونتيجة لذلك، تتباطأ وتيرة النشاط الاجتماعي والاقتصادي خلال هذه الفترات في نيودلهي بشكل كبير بدءاً بقطاع الأشغال العامة. وقال سانجيف بانسال من جمعية عمال البناء الهنود إن «تعليق العمل لأسابيع كل شتاء يخرج جداولنا وميزانياتنا عن المسار». من جهته، أكّد بهارغاف كريشنا من مجموعة «ساستينبل فيوتشرز كولابراتف» أن «التكاليف تزداد مع كل حلقة» تلوث. وتابع القول «الكلفة الصحية مرتفعة من أيام العمل الضائعة وتطور أمراض مزمنة مرورا بالوفيات المبكرة وتأثيرها على الأسر». من الصعب تقييم الكلفة الدقيقة لتلوث الهواء في عموم البلاد وليس في نيودلهي وحدها. لكن في عام 2019، قدّرت شركة «دالبرغ» الاستشارية الكلفة المترتبة على الهند بكاملها بـ95 مليار دولار من خلال «خسارة الإنتاجية والغياب عن العمل والوفيات المبكرة». وهذا يمثل 3 % تقريبا ًمن ميزانية الهند السنوية وأكثر من ضعف المبلغ السنوي لنفقاتها الصحية. وقدّرت الشركة أن التلوث كان مسؤولاً في العام 2019 عن 18% من إجمالي الوفيات المسجلة في البلاد التي أصبحت عام 2023 الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم متجاوزة الصين. وأكدت دراسة أخرى نشرتها مجلة «لانسيت» الطبية ذاك التقييم، وأرجعت وفاة 1.67 مليون هندي في العام نفسه إلى نوعية الهواء السيّئة. والأرقام التي نشرتها «دالبرغ» مقلقة أكثر بالنسبة إلى نيودلهي وحدها، إذ أظهرت أن تلوث الهواء تسبب في خسارة العاصمة الهندية 6% من ناتجها المحلي الإجمالي في العام 2019. من جهته، حذّر سانديب أناند غويل من الرابطة الوطنية لأصحاب المطاعم في الهند من أن «الضباب الدخاني يشكل خطراً على الصحة والثروة». وأضاف «الأشخاص الذين يقلقون على صحتهم لا يخرجون من بيوتهم ونحن نعاني تبعات ذلك». ويبدأ «موسم» التلوث في شمال الهند مع انخفاض درجات الحرارة، وتحديداً عندما يبدأ السياح العودة إليه، بعدما أصبح فصل الصيف أكثر حراً بشكل متزايد بسبب ظاهرة احترار المناخ. وبحسب الإحصاءات، تُعد نوعية الهواء في العاصمة «سيئة» معظم أيام العام منذ سنوات. وقال راجيف ميهرا من الجمعية الهندية لمنظمي الرحلات السياحية إن الضباب الدخاني في نيودلهي الذي أصبح الآن يتصدر الأخبار العالمية بشكل دائم «يعطي صورة سيئة للغاية عن الهند». وباءت التدابير التي اتخذتها السلطات الوطنية والمحلية لمحاولة كبح هذا التلوث الشديد حتى الآن بالفشل بسبب نقص الموارد والإرادة السياسية الحقيقية. ولكل ذلك كلفة متزايدة على الاقتصاد، وفق البنك الدولي. فقد أظهرت دراسة نشرها عام 2023 أن تأثيرات تلوث الهواء «على المستوى الجزئي» على الاقتصاد تترجم إلى «تأثيرات على المستوى الكلي يمكن ملاحظتها في التغيرات من عام إلى آخر في الناتج المحلي الإجمالي». ويُقدِّر خبراء البنك أن معد النمو كان سيكون أعلى بنسبة 4.51 % بحلول نهاية العام 2023 لو تمكنت الهند من خفض مستوى التلوث إلى النصف على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية. والتوقعات للسنوات المقبلة ليست متفائلة في بلد يشيخ. فقد توقعت دراسة دالبرغ أن «تأثير تلوث الهواء سيزداد، خصوصا من حيث معدل الوفيات».