يواجهون خطر الموت... الدفاع المدني في لبنان: إنقاذ بأياد عارية
شارك هذا الخبر
Sunday, November 24, 2024
يواجه عناصر الدفاع المدني ورجال الإنقاذ في الخطوط الأمامية خطر الموت وهم يؤدون عملهم الإنساني في نقل الشهداء والجرحى، نتيجة الاستهدافات الإسرائيلية للقرى والبلدات الحدودية بجنوب لبنان، رغم إمكانياتهم المتواضعة. بأيد عارية من دون قفازات ورؤوس مكشوفة بلا خوذ، وبملابس عادية غير مقاومة للحريق، يندفع عناصر الدفاع المدني في جنوب لبنان لأداء مهامهم الإنسانية عند استهداف الجيش الإسرائيلي شققاً سكنية أو مباني أو سيارات أو دراجات نارية أو أراض زراعية، رغم تعرّضهم للخطر واستهدافهم أكثر من مرة.
ورغم تلك التحديات، يظل المتطوعون صامدين في وجه الخطر، يعملون بكل ما لديهم من إمكانيات في معركة يخوضونها ضد الوقت والدمار ومع عدو لا يعرف الإنسانية. وأوعزت وزارة الخارجية اللبنانية أخيراً لبعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، تقديم شكوى أمام مجلس الأمن الدولي رداً على استهداف إسرائيل المتكرر والمتعمّد لعناصر الدفاع المدني اللبناني ومراكزه وآلياته منذ بدء حربها على لبنان في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ما أدى إلى استشهاد 27 منهم وجرح 76 آخرين، فضلاً عن تعرّض 32 مركزاً للتدمير الجزئي أو الكلي، وتدمير 45 آلية تابعة لهم.
مجزرة لا تُنسى في صيدا يقول رئيس مركز الجنوب الإقليمي في الدفاع المدني، محمد أرقدان، إن "فرق الدفاع المدني تنطلق بحسب المعلومات حول طبيعة الاستهداف إن كان شقة أو سيارة أو مبنى كاملاً ليجري إرسال سيارتي إسعاف وأخرى إطفاء لمكان الغارة وسيارة إطفاء ثانية للمساندة". ولا ينسى أرقدان "أكبر مجزرة حدثت خلال الحرب وضعف إمكانيات الدفاع المدني أمامها"، حيث سقط 73 شهيداً و50 جريحاً في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي، في بلدة عين الدلب قضاء صيدا. ويعرب أرقدان عن "ألمه إزاء المناظر التي نجمت عن المجزرة، حيث استهدفت إسرائيل شقة في مبنى ومن شدة الضربة تضعضعت أساسات المبنى وانهار بالكامل".
ويشير إلى أنه في حينه "جرى إرسال سيارتي إسعاف وسيارة إطفاء"، مضيفاً: "المشكلة التي واجهها عناصر الدفاع المدني هو أن المكان المستهدف مكتظ بالسكان والنازحين والسيارات، مما جعل من الصعب حرية الحركة وبدأنا بالإصابات الظاهرة فوق الركام لنقلها إلى المستشفيات القريبة".
معاناة الدفاع المدني منذ 2019 ويلفت أرقدان إلى إنه "منذ حدوث الغارة على المبنى (في بلدة عين الدلب) فإننا منذ الساعة الرابعة فجراً وحتى السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي لم نستطع إلاّ فعل القليل بسبب ضعف الإمكانيات لذلك طلبنا دعماً إضافياً من الدفاع المدني في العاصمة بيروت من فرق بحث وإنقاذ وسيارات إسعاف للبحث تحت الركام"، مشيراً إلى أن الدفاع المدني "يعاني أصلاً منذ بدء الأزمة الاقتصادية التي ضربت لبنان في عام 2019، فهناك نقص في العتاد وصيانة الآليات، وحتى أدوات الحماية الشخصية لعناصر الإطفاء ليست متوفرة، فهم يذهبون إلى مهامهم من دون دروع أو خوذة واقية للحماية".
ويعاني اللبنانيون منذ 2019 أزمة اقتصادية غير مسبوقة، بالتزامن مع أزمة سياسية، أدت إلى انهيار قياسي بقيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلاً عن شح بالوقود والأدوية، وانهيار قدرتهم الشرائية. ويشير أرقدان إلى أنه "في بعض الأحيان نقوم نحن بإصلاح آليات الدفاع المدني، إضافة إلى معاناتنا من نقص كبير في العتاد على مستوى لبنان وليس فقط الجنوب، مثل معدات الحماية الشخصية وخراطيم المياه ومعدات البحث والإنقاذ".
ويضيف: "ليس لدى الدفاع المدني معدات للبحث وانتشال الضحايا من تحت الركام مثل أدوات النفخ التي ترفع الأسقف المنهارة ولا توجد إنارة"، لافتاً إلى أنهم "يستعينون بمعدات الصليب الأحمر اللبناني في الإنارة والبحث والإنقاذ من كاميرات تعمل تحت الأنقاض وأجهزة تكشف البشر تحت الركام".
وبعد اشتباكات مع فصائل في لبنان، أبرزها "حزب الله"، بدأت غداة شن إسرائيل حرب إبادة جماعية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 148 ألف فلسطيني، وسعت تل أبيب منذ 23 سبتمبر الماضي نطاق الإبادة لتشمل معظم مناطق لبنان، بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية، كما بدأت غزواً برياً في جنوبه.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان إجمالاً عن 3 آلاف و670 شهيداً و15 ألفاً و413 جريحاً، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلاً عن نحو مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر الماضي، وفق رصد الأناضول بيانات لبنانية رسمية معلنة حتى مساء السبت.