هل بدأ صراع الأجنحة داخل "الحزب"؟

  • شارك هذا الخبر
Thursday, November 21, 2024

على مدى يومين جال الموفد الأميركي آموس هوكستين واجتمع، وناقش مع مَن التقاهم الورقة الأميركية، وبشكلٍ أساسي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وحمل “جنى” محادثاته إلى تل أبيب، وقبل المغادرة ختم يومه الثاني في عين التينة، وكان مُقِلّاً في الكلام، فقال “أنجزنا تقدماً، وسوف أنتقل إلى إسرائيل استناداً إلى محادثاتي هنا”.

وما إنْ أنهى هوكستين محطته اللبنانية وغادر إلى تل أبيب، حتى كان الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم يلقي كلمة لم يرفض فيها بالمطلق الورقة الأميركية بل رفض بعض النقاط من دون أن يذكر ما إذا كانت موجودة في الورقة، فهو اعتبر أنه “لا يحق للعدو الإسرائيلي أن ينتهك وأن يقتل وأن يدخل ساعة يشاء تحت عناوين مختلفة”. الشيخ قاسم تحدث عن حرب استنزاف معتبراً أن “حزب الله” يستطيع أن يتحملها”.

لكن ختام كلمة قاسم كان بالغ الأهمية، وكأنه أتى من خارج سياق الكلمة، إذ تحدث عن أربع نقاط، لِما بعد الحرب، لم ترِد فيها كلمة سلاح، النقاط هي:

“أولاً : سنبني معاً بالتعاون مع الدولة وكل الشرفاء والدول والقوى التي ستساعد من أجل إعادة الإعمار.

ثانياً: سنقدم مساهمتنا لانتخاب رئيس بالطريقة الدستورية.

ثالثاً: خطواتنا السياسية تحت سقف الطائف.

رابعاً: سنكون حاضرين في الميدان السياسي بقوتنا السياسية والشعبية”.

في كل هذا النص، لم ترد كلمة سلاح، فهل هذه مناورة من جانب “حزب الله” أنه مستعد للتخلّي عن السلاح؟

ماذا يُفهَم من كلام الشيخ قاسم الذي قال الشيء وعكسه لجهة السلاح ومرحلة ما بعد الحرب بعدم ذكر السلاح؟

تقول مصادر عليمة بخفايا “الحزب”، إن الشيخ قاسم يحاول إمساك العصا من وسطها بين ما بدأ يتظهَّر عن صراع الأجنحة داخل “حزب الله”، ولا سيما الجناح الذي يريد تغليب السلاح على السياسة والجناح الذي يريد تغليب السياسة على السلاح، وظهر جلياً أن القسم الأول من الخطاب يرضي الجناح العسكري والقسم الثاني والأخير يرضي الجناح السياسي. ويختم المصدر : هل استمرار الحرب من شأنه تأجيل انفجار الصراع داخل الحزب؟

نقطة ثانية وردت في النقاط الأربع للشيخ نعيم قاسم، تستحق التوقف عندها وهي “انتخاب رئيس بالطريقة الدستورية”، فهل أسقط “الحزب” شرط التحاور للتوافق على انتخاب رئيس؟ وهل أسقط شرطه بالتمسك بمرشحه؟

بعيداً من النصوص، ماذا بين السطور، وفي خلفية ما جرى أمس؟ تقول مصادر رسمية واكبت محادثات هوكستين والردود على ورقته، إن هناك انطباعاً عاماً أن ظروف وقف النار لم تنضج بعد، فالذين التقاهم هوكستين، والذين تبلَّغ ردودهم، اقتصرت أجوبتهم على القبول بالقرار 1701 من دون أي ذِكرٍ لمندرجاته، ما يعني رفض أي تحديث له. والتحديث هو من صلب محادثات هوكستين، ما يعني انه في حسابات النجاح والفشل، فإن نتائج زيارة هوكستين للبنان كانت أقرب إلى الفشل منها إلى النجاح.

الرد الإسرائيلي لم يتأخر، وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، وفي كلمة أمام السفراء المعتمدين في إسرائيل، كشف أنه في أي اتفاق “سيتعين علينا الاحتفاظ بحريتنا في التصرف إذا كانت هناك انتهاكات”.

وقال: “في المقام الأول، سيتعين علينا أن نضمن عدم عودة “حزب الله” إلى قرب حدودنا جنوب نهر الليطاني، وهذا حاسم”.

وأضاف: “ثانياً، سيتعين علينا أن نجبرهم على ألا يستطيعوا بناء قوتهم مرة أخرى في لبنان، وألا يتمكنوا من إحضار ذخائر وصواريخ لتصنيعها أو إحضارها من إيران عبر سوريا، أو عن طريق البحر، وعبر مطار بيروت بأي صورة”.

وإذا كان الميدان ميزان المفاوضات ومؤشراً إلى نجاحها أو فشلها، فإن ما أعقب انتهاء زيارة هوكستين لبيروت، لا يدل على أن الزيارة حققت عملياً شيئاً إيجابياً، فالمعارك في الجنوب استمرت على أشدها، وكذلك ضربات الصواريخ على إسرائيل في الوقت الذي يناقش فيه هوكستين في الدولة العبرية محادثاته في بيروت. لقاء هوكستين مع “رون ديرمر” يكتسب أهمية قصوى خصوصاً أن الأخير هو صاحب الورقة التي تتم مناقشتها. وفي المعلومات أن هوكستين لم يناقش الورقة في بيروت بمقدار ما أطلع الجانب اللبناني عليها الذي اقتصر دوره على محاولة استبدال كلمات بكلمات، من دون إعادة صياغة لبنودها.


نداء الوطن